منذ توقيع اتفاق فيينا 22 يونيو الحالي لرفع الانتاج اليومي بحدود مليون برميل يوميا ورغم معارضة ايران الا ان التوقعات بهبوط أسعار النفط لم تتحقق حيث ارتفعت الأسعار يوم الثلاثاء 26 يونيو بنسبة 3.6%. جاء الارتفاع عكس التوقعات ولأسباب باتت معروفة منها تتعلق بالعقوبات الأميركية على النفط الايراني ومشاكل الانتاج في فنزويلا وليبيا وتراجع المخزونات الأميركية وكلها تلعب دورا في منع هبوط الأسعار.

وعكس توقعات السوق ارتفعت أسعار النفط الأميركي الخميس، إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أعوام ونصف العام مدعومة بمخاوف بشأن المعروض جراء العقوبات الأميركية التي قد تؤدي إلى تراجع حاد في صادرات الخام من إيران. وكانت أميركا قد ذكرت أنها لن تعفي أية دولة من الحظر على إيران، في خطوة تشير إلى تشدد يفوق كثيراً الحظر السابق على طهران.

وحسب وكالة رويترز للأنباء أمس الخميس، زادت العقود الآجلة للخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 69 سنتاً بما يعادل نحو واحد في المائة ليتحدد سعر التسوية عند 73.45 دولاراً للبرميل. وبلغ السعر 74.03 دولاراً في وقت سابق من الجلسة وهو أعلى مستوى له منذ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2014. وصعدت عقود خام برنت 23 سنتاً لتسجل 77.85 دولاراً للبرميل. 

وصعدت أسعار النفط في معظم 2018 بفعل اتفاق خفض الانتاج بين أوبك وشركاء من خارجها مثل روسيا والمكسيك بواقع 1.8 مليون برميل يوميا اعتبارا من بداية 2017. 

الرفض الايراني

إيران ترفض وتحتج لأن أوبك رفضت طرح موضوع العقوبات على جدول أعمال المنظمة في فيينا مؤخرا. وقالت طهران الأربعاء أن مطالبة أميركا جميع الدول بوقف استيراد النفط الإيراني أو التعرض لعقوبات، لن تفلح بسبب اعتماد العالم على إمدادات النفط الإيرانية، وذلك ردا على المهلة المحددة التي أعلنتها إدارة ترمب، والتي يتوجب على الدول بعدها مقاطعة النفط الإيراني أن تتجنب اجراءات عقابية من الولايات المتحدة.

ويذكر أن إيران تعرضت للمنع لفترة طويلة من بيع إنتاجها في أسواق النفط بسبب العقوبات التي فرضت عليها للاشتباه في أنها تقوم ببناء برنامج للأسلحة النووية. وقد تم رفع العقوبات عقب التوصل إلى اتفاق دولي في يوليو/تموز 2015، قبلت إيران بموجبه تقليص برامج تخصيب اليورانيوم. 

ولكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرر الانسحاب من الاتفاق في بداية عام 2018 وهدد باتخاذ إجراءات اضافية صارمة بحق إيران، مما أثار شكوكا حول الانفتاح الاقتصادي الإيراني.

ولكن دول الاتحاد الأوروبي لا تزال تتحدى رغبة ترمب وتصر على البقاء في الاتفاق النووي.

 وحسب وكالات الأنباء قال مسؤول إيراني في قطاع النفط لوكالة (تسنيم) شبه الرسمية للأنباء الأربعاء إن من المستحيل إخراج النفط الإيراني من السوق العالمية بحلول نوفمبر/تشرين الثاني مثلما تطالب الولايات المتحدة. وأضاف "أن إيران تصدر إجمالا كمية قدرها 2.5 مليون برميل يوميا من الخام والمكثفات، والتخلص منها بسهولة وفي غضون أشهر قليلة مستحيل".

ولكن التصريحات شيء وماذا سيحدث على واقع الأرض شيء آخر وعلينا الانتظار.

السعودية ترفع الإنتاج الى 11 مليون برميل

ولكن التطور اللافت والهام الذي جاء بعد اتفاق فيينا هو إعلان المملكة العربية السعودية عن نيتها في ضخ ما يقارب 11 مليون برميل يوميا خلال شهر يوليو تموز وهذا أعلى مستوى في تاريخ المملكة. الانتاج الحالي حسب ارقام أرامكو يبلغ 10.8 مليون برميل يوميا.

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح يوم السبت في فيينا إن المملكة ستزيد الإنتاج بمئات الآلاف من البراميل، وإن الأرقام على وجه التحديد ستتقرر في وقت لاحق.

وقالت أوبك والمنتجون غير الأعضاء بالمنظمة في بيانهم يوم السبت، إنهم سيزيدون الامدادات بالعودة إلى امتثال بنسبة 100% بالتخفيضات الإنتاجية المتفق عليها سابقا.

وقالت مصادر في أوبك إن المنظمة بمفردها يمكنها ضخ حوالي 770 ألف برميل يوميا من المليون برميل يوميا، وإن المنتجين غير الأعضاء سيضخون حوالي 185 ألف برميل يوميا.

وذكرت مصادر في أوبك أنه من بين حصة المنظمة فإن من المرجح أن تنتج السعودية ما بين 300 ألف إلى 400 ألف برميل يوميا فوق المستوى الحالي.

العنصر الجيو-سياسي يبقى الرقم المجهول

لا شك أن العالم يمر في مرحلة جيو سياسية حساسة وحسب موقع بلومبيرغ الاقتصادي ان عنصر المجهولية المتعلق بإيران لا يزال يخيم على الأسواق ومقدار النقص في الإمدادات الايرانية يعتمد على مدى نجاح ترمب في اقناع زبائن إيران في العدول عن استيراد النفط الايراني. ولكن اليابان وبعض دول الاتحاد الأوروبي تحاول التماس اعفاء من مقاطعة إيران نفطيا ولكنها قد تفشل في الحصول على موافقة اميركية.

وفي ليبيا ازداد القلق بسبب غياب الاستقرار والجدل القائم بشأن ادارة موانئ سدرة وراس لانوف في الشرق وعدم توصل اطراف النزاع الى اتفاق وطني. لذ يبقى النفط ضحية التجاذبات السياسية والعسكرية.
وساهم في قلق الأسواق تراجع المخزونات الأميركية بواقع 9.23 مليون برميل يوميا الاسبوع الفائت حسب ارقام ادارة معلومات الطاقة الأميركية وهذا ثالث اسبوع من التراجع ليصل اجمالي المخزون الى 421 مليون برميل.

وبجانب هذه التخفيضات، ساهمت حالات تعطل مفاجئة في كندا اضافة لغياب الاستقرار في ليبيا وفنزويلا في دعم الأسعار.

ومن المفارقات ورغم التخفيضات المخطط لها سابقا ورغم العوائق في بعض الدول والعقوبات على إيران إلا أن الآن ثلاث دول تزود العلم بثلث حاجته من النفط يوميا وهي السعودية وروسيا والولايات المتحدة. يستهلك العالم حوالي 100 مليون برميل يوميا وهذا يرتفع مع النمو الاقتصادي العالمي لذلك سوف لا نرى انهيارا كبيرا للأسعار.

قد نرى تقلبات محدودة في الأسعار كردود فعل لتصريحات من اوبك او تدهور الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط أو ارتفاع المخزون الأميركي او العكس ولكن الاتجاه العام سيبقى في صالح الصعود