خسائر بالمليارت لدى شركات النفط والطيران والسيارات والناتج المحلي الإجمالي في حال تدهور: أرقام الخميس تكشف فاتورة الوباء الثقيلة على الاقتصاد العالمي، والانتعاش المحتمل محل شكوك.

باريس: تأتي الأرقام الاقتصادية مذهلة؛ إذ كشفت ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، الخميس عن هبوط تاريخي بنسبة 10,1 في المئة في ناتجها المحلي الإجمالي في الربع الثاني، كما سجل الناتج المحلي الإجمالي الأميركي خلال الفترة نفسها، انخفاضًا بنسبة 32,9 في المئة تقريبًا، وهي فترة الثلاثة أشهر الثانية على التوالي التي يسجل فيها أكبر اقتصاد عالمي انكماشًا، ما يعني دخوله بمرحلة ركود، وذلك وفق تقديرات أولية نشرتها وزارة التجارة الأميركية الخميس.

قال لودوفيك سوبران، كبير الاقتصاديين لدى أليان،ز لوكالة فرانس برس: "الناتج المحلي الإجمالي هو مرآة الرؤية الخلفية، إنه يبين لنا قعر المنحنى، الثقب الأسود للأزمة".

في سلسلة النتائج التي نشرت الخميس، خرجت كبرى اقتصادات "العالم القديم" في صورة مهتزة، في حين ينتظر أن تنشر أبل وفيسبوك وأمازون وألفابت، عمالقة التكنولوجيا الأميركية، تقاريرها ربع السنوية في غضون ساعات.

خفضت شركات النفط قيمة أصولها مع الانهيار المتواصل لأسعار النفط الخام والانخفاض التاريخي في الطلب، مع خسائر فادحة في الربع الثاني تبلغ 8,4 مليار دولار لشركة توتال و18,1 مليار دولار لشركة شل الانكليزية الهولندية.

غير مسبوق لكنه لن يدوم

تدفع صناعة الطيران أيضًا ثمنًا باهظًا للأزمة، في حين لا يُتوقع أن تعود الحركة الجوية إلى طبيعتها قبل عام 2023. فقد أعلنت شركة إيرباص الأوروبية لتصنيع الطائرات الخميس عن خسارة صافية قدرها 1,9 مليار يورو في النصف الأول من العام، وهي استخدمت 12,4 مليار يورو من احتياطها النقدي خلال الأشهر الستة الأولى من العام وخفضت معدلات إنتاجها بنسبة 40 في المئة.

وتخطط منافستها الكبرى بوينغ لزيادة التخفيض في معدلات إنتاجها وتسريح مزيد من الموظفين ووقف إنتاج طائرة "جمبو جيت" 747 الأسطورية في عام 2022. وقد خسرت في الربع الثاني ما مجموعه 2,4 مليار دولار.

كما تعطلت صناعة السيارات مع إغلاق المصانع ووكالات بيع السيارات خلال فترة العزل. وسجلت شركة رينو الفرنسية في النصف الأول من العام أكبر خسارة صافية في تاريخها بلغت 7,3 مليارات يورو، متأثرة بشريكتها اليابانية نيسان وتراجع الأسهم. وأعلنت في نهاية مايو شطب 15 ألف وظيفة. كما أعلنت شركة فولكس فاغن الألمانية العملاقة عن خسارة قبل حسم الضرائب بلغت 1,4 مليار يورو في النصف الأول.

وخفف الرئيس التنفيذي لشركة رينو لوكا دي ميو من عبء الأزمة بقوله: "الوضع غير مسبوق، لكنه لن يدوم"، متوقعًا انتعاش السوق. لكن بأي شكل؟ يتوقع أن تكون العودة إلى الوضع الطبيعي بطيئة، وقطاع السيارات مثل النقل الجوي يخضع لضغوط بيئية متزايدة.

في ألمانيا يتوقع الاقتصاديون انتعاشًا سريعًا بعد كبوة. يؤكد كارستن برجسكي، الاقتصادي لدى بنك "آي أن جي"، أن "الاقتصاد الألماني تعافى بالفعل".

أزمة داروينية

في القطاع الصناعي، كشفت الشركات الكبيرة أيضًا عن حصيلة كئيبة إذ سجلت شركة صناعة الصلب "أرسيلوميتال" خسارة صافية قدرها 559 مليون دولار في الربع الثاني.

وأبدت صناعة المواد الغذائية مقاومة أفضل قليلًا. ونشرت شركة نستله العملاقة السويسرية ربحًا صافيًا نصف سنوي بنسبة 18,3 في المئة، تحت تأثير عمليات بيع. وجاءت الأخبار السارة القليلة من قطاعي التكنولوجيا والأدوية.

وسجلت سامسونغ الكورية الجنوبية الرائدة عالميًا في الهواتف المحمولة وبطاقات الذاكرة ارتفاعَ صافي أرباحها ربع السنوية بنسبة 7,3 في المئة، في حين حقق المختبر الفرنسي للأدوية إبسن صافي أرباح نصف سنوي بارتفاع طفيف بنسبة 1 في المئة، على سبيل المثال.

حذر سوبران من أن "هذه الأزمة داروينية تمامًا، فهي تؤثر على البلدان والقطاعات بشكل مختلف للغاية". فبعد صدمة توقف النشاط الأولى، "سيتعين على القطاعات الضعيفة بالفعل من حيث الربحية أن تتكيف مع تغير بطيء في بيئة الأعمال".

وقال إن "بعض الشركات لن يصمد: فإما أن تغير هذه الشركات نموذج أعمالها بسرعة كبيرة، وهذا يتطلب الاستثمار، أو أنها ستختفي ببطء ولكن بشكل أكيد، لأن نموذجها لن يعود ملائمًا للتغير في الاستهلاك" وأولويات الحكومات.

أضاف أنه على العكس من ذلك، "كشفت هذه الأزمة عن دوافع حقيقية للنمو تتمثل في اقتصاد المعرفة والدراية والاقتصاد الرقمي" والبيع عبر الإنترنت، ولكننا "نتحدث عن عدد قليل من الشركات"، ولا ينبغي، وفقًا له، أن يعتمد التعافي الأخضر مثل الذي تجري الدعوة إليه في أوروبا على تدخل الدولة فقط. قال: "لا يمكننا إنشاء اقتصاد مزيف لفترة طويلة جدًا".