حلم روسيا القديم والمتوسط والحديث الوصول الى المياه الدافئة ، تورطها في افغانستان كان لهذا الغرض البعيد ، حربها اليوم الى جانب بشار الاسد لذات الغرض ، البحر المتوسط بالنسبة لامريكا خط احمر بطبيعة الحال ، فالبحر الابيض يتصل بالمحيط الاطلسي ، الذي يعتبر من ركائز اي استراتيجية تهدف احكام السيطرة على تجارة العالم ، تركيا ترى في البحر المتوسط مرفاها الى اوربا ، ايران ومنذ انبثاق الثورة الاسلامية تحلم بذلك ، تواجدها في لبنان بهذا الثقل ، ودعمها لبشار الاسد ، ونفوذها المتجذر والقوي في العراق لانها تحلم بالوصول الى المياه الدافئة هذه ، رغم مكاسبها العرضية في العراق التي تاتي على طريق الهدف البعيد .

اليوم ، هناك معركة طاحنة في الموصل ، لانها بوصلة التواصل بين تركيا وهذه المياه اللعينة ، ولان ايران تريد ان تحمي خط تواصلها مع بشارالاسد عبر الموصل ، ام الربيعين ، نينوى المنكوبة ...

الحرب في الموصل صراع من اجل الظفر بشاطيء المتوسط ، طرطوس حلم روسيا ، الساحل فيما كان لروسيا فيه قاعدة او قواعد عسكرية ، فإن اسرائيل سوف تقوم قيامتها ، وتركيا فيما تمكنت من الساحل ، نقطة على الساحل ، في سوريا، فان حزب الله وايران قبل ذلك تصاب بالجنون والهلع ، وإذن الموصل اليوم تقرر مصير الجغرافية ومن ثم حركة التاريخ.

روسيا تحارب من اجل هذا الغرض مباشرة ، داخل سوريا ، معها حزب الله بكل ثقله ، كذلك بعض الفصائل الشيعية العراقية ، على ان هنا بعض المفارقات التي سوف تعلل سبب اختياري لهذا العنوان ...

الاولى : ان روسيا دخلت الحرب جويا ، وليس بريا ، وبحريا للتهويل والتهديد .

الثانية : ايران ترعى قوات النظام وحزب الله وبعض الفصائل الشيعية ، تمدهم بالسلاح والخبراء وبعض المقاتلين ولكن بمنسوب جدا قليل ، يكان ان يكون رمزيا .

تركيا كما نعرف على علاقة بصميم ما يجري في الموصل ، لا يمكن ان تسمح بنفوذ ايراني عبر آخرين في الموصل ، لذلك تصر على مشاركة فعلية للقتال في الموصل ، بحجة محاربة داعش ،ولكنها تصرح ايضا وبشكل صارخ ،انها تريد ان تشارك في تحرير الموصل خوفا من نفوذ طائفي طاريئ ، وتقصد بذلك نفوذ ايراني ، ولتركيا اجندها الخارجية ايضا في هذه المهمة، فهي تسلح وتساند كثيرا من الفصائل المسلحة المعادية للنظام، وتغذي الكثير من القوى الداعشية بالمال والسلاح ، وفيما ارادت الاشتراك الفعلي ، فهي تحاذر الى حد كبير المجازفة البرية ، بل سوف يكون سلاح الطيران هو المتسيد في استراتيجيتها هو المتسيد لامد طويل ، هناك المملكة العربية السعودية ايضا ، تمد انصارها ومن يؤمن بقيادتها لمواجهة اي نفوذ ايراني في الموصل ، وهنا ايضا مفارقة ، ومفارقة كبيرة .

صحيح ان تركيا تريد بل تصر على القتال او المشاركة في تحرير الموصل ، ولكن يبدو ان هذه المشاركة عبر غيرها ، من اكراد وتركمان وعرب ، سوريين وعراقيين بالدرجة الاولى .

الولايات المتحدة الامريكية تراقب ، يبدو انها لحد هذه اللحظة مطمئة ان الخطر الروسي لم يترسخ بعد على الشاطيئ اللعين ، ولكن لها فلسفتها الخطيرة تجاه كل ما يجري هنا ، فهي تريد تحرير الموصل من داعش ، ولكن تسمح لها بل توفر لها كل مستلزمات الانتقال الى سوريا ، حيث ادامة القتال والحرب الداخلية في هذا البلد المنكوب ، ربما تدعم تركيا في موقفها من بعض الاكراد السوريين الذين يفكرون في امتيازات كبيرة في مستقبل سوريا وهو الامر الذي ترفضه تركيا جملة وتفصيلا ، وتركيا تفكر جديا بالمنطقة العازلة ، وهي ملجا للسوريين الهاربين من جحيم الحرب الداخلية ، وكثير من الاكراد لسبب من الاسباب ، تريدهم جيشا احتياطا للقتال في سوريا وشمالها ، ضد الاسد وضد الاكراد الانفصاليين ، حزب العمال الكردستاني

 وبالتالي ،ان امريكا تراقب وتساهم بما يمليه عليها مصالحها ، ولكن عدتها في ذلك سلاح جو ، التحالف العالمي لمحاربة الارهاب ، ومقاتلين بالوكالة ، هنا او هناك .

ما هو حاصل هذا المشهد بكل تعقيداته ، اوما هو ابرز النتائج من كل هذا المشهد الدرامي المخيف ؟

يبدو لا انتصار نهائي لهذا الطرف أو ذاك ، اقصد اللاعبين الكبار ، امريكا وروسيا بالدرجة الاولى ، وتركيا وايران بالدرجة الثانية ، ولكن النتيجة الاخطر ، الماساة حقا ، ان مياه المتوسط سوف تمتليء بالجثث العراقية والسورية ، اننا عراقون وسوريون ضيوف مستمرون في قاع البحر الابيض المتوسط ، فكما يبدو ان حيتان هذا البحر على علاقة تعاقد بينها وبين اللاعبين الكبار وفي الظل اللاعبين الصغار ,