بنهاية هذا الأسبوع ستستفيق الولايات المتحدة على رئيس جديد، في ظل سباق انتخابي ربما هو الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة.

فكلا المرشحين، سواء دونالد ترامب المرشح الجمهوري، أم هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية، يمكن تصنيفهما في دائرتي السيئ والأسوأ.

ذلك أن ما شهدته الحملات الانتخابية والمناظرات والتصريحات المتبادلة بين المرشحين، لاسيما من جانب المرشح دونالد ترامب، كانت مثيرة للغثيان والشفقة كما دلت نهايات الاختيار التي رسى عليها المرشحان، خصوصا مواصفات ترامب غير اللائقة، على مزاج عجيب للشعب الأمريكي في قابليته للتأثر بالإعلام والدعاية أكثر من أي شيء آخر.

فشخصية كشخصية المرشح الجمهوري ترامب، ربما كان الشيء الوحيد الذي أهلها لخوض السباق الانتخابي هو فقط ماله وإمبراطورية العقارات التي يملكها، دون أن تكون له أي ميزة سياسية تؤهله لخوض منصب أقوى رجل في العالم. وفي هذا الصدد فإن هيلاري أكثر منه تجربة وتسييسا وقدرة على فهم الاستراتيجيات والسياسات الخارجية للولايات المتحدة.

تأتي هذه الانتخابات المثيرة للجدل في واقع عالمي تكتنفه أزمات عميقة، وتحيط بخارطة السياسة الخارجية الأمريكية تحديات حقيقية في أكثر من ملف خارجي، لاسيما ملف الشرق الأوسط بكافة قضاياه المتفجرة.

ولعل من الغريب جدا أن يلاحظ أي مراقب لهذه الانتخابات بعض المفاجئات التي لم يسبق لها أي سابقة من قبل في تاريخ الانتخابات الأمريكية.

فحين يلوح ترامب بأنه حتى لو فازت عليه هيلاري كلينتون، ستكون له خيارات أخرى، فهذا يعني تهديدا مبطنا واستعدادا لخلط الأوراق وإعاقة مسار الديمقراطية في هذا البلد.

وتكمن الخطورة في مثل هذا التصريح أن المرشح ترامب ليس فقط مرشحا عاديا في سباق انتخابي، بل هو كذلك رجل أعمال وإمبراطور عقارات يملك ثروة طائلة وفي هذه الحال إذا ما تأمل أي مراقب سلوك ترامب، وعنجهيته ونرجسيته ومزاجه النفسي غريب الأطوار واحتقاره للنساء ؛ فإن العواقب المحتملة لوعيد

ترامب ومفاجآته في حال هزيمته يوم 8 نوفمبر لن تكون سارة، وربما أفضت إلى سوابق خطيرة تضر بالمسار الديمقراطي للولايات المتحدة.

في ذات الوقت، تبدو مفاجأة مكتب التحقيقات الفيدرالي حول ملف بريد هيلاري كلينتون، حين كانت وزيرة للخارجية، مفاجأة غريبة من نوعها ؛ إذ أن التوقيت الذي أعلنت فيه هذه المفاجأة كان بمثابة توقيت حرج، وسيلعب دورا كبيرا في إرباك مسار الانتخابات ونتائجها مستقبلا. لاسيما وأن الجمهوريين التقطوا بعض الدلالات في موضوع بريد هيلاري، وهي دلالات ستكون أشبه بالعقاب الانتخابي فيما لو فازت هيلاري في الانتخابات، خصوصا وأن الجمهوريين يسيطرون على الكونغرس بأغلبية واضحة.

إن توعد ترامب لهيلاري بأنه سيسعى إلى مقاضاتها في حال فوزها، ليجعل بذلك من حكومتها حكومة مشلولة، هو جزء من المؤشرات الخطيرة التي تلوح في أفق المسار الديمقراطي للولايات المتحدة. وهذا ما أشار إليه أوباما في خطابه الأخير بولاية فلوريدا.

في ظل مثل هذه التداعيات ربما كان من الصعب التنبؤ بنتائج هذه الانتخابات وحتى بما يمكن أن تفضي إليه من احتجاجات من جانب ترامب.

مع ذلك تبقى هذه الانتخابات، فيما لو فازت هيلاري كلينتون، بمثابة محطة تاريخية للولايات المتحدة، كونها أول امرأة تتبوأ كرسي الرئاسة في أمريكا، بعد أن تبوأ ذلك باراك أوباما، كأول رئيس أسود للولايات المتحدة.

وسيسجل التاريخ هذا التحول الكبير للولايات المتحدة لصالح الحزب الديمقراطي. أما بخصوص وضع المملكة العربية السعودية في دائرة اهتمام المرشحين الرئاسييَن ربما يؤسفنا القول أن قانون جاستا الذي استنه الكونغرس الأمريكي بإجماع ضد المملكة العربية السعودية هو القاسم المشترك الوحيد بين برنامجي كل من هيلاري وترامب في الوقت ذاته!

هذه الانتخابات انتخابات مفصلية في تاريخ الولايات المتحدة لأن ما سيأتي بعدها سيكون على شاكلتها. والطبيعة المفصلية لهذه الانتخابات تؤشر إلى انحدار واضح في الأسلوب، وفي الخيارات المحدودة، وفي السياسات التي سننتظر مفاجآتها هي الأخرى، إذا ما رست نتائج هذه الانتخابات على بر الأمان، ولم تفض إلى تنفيذ ما وعد به ترامب من نوايا خطيرة في حال خسارته لهذه الانتخابات.