يتضمن التطور الجدلي عند هيغل ثلاث لحظات يسميها: 
المقولة، والنقيضة،والتركيب.ويدعوها عادة : التأكيد، والنفي، ونفي النفي.
أي أن المقولة هي الطرح، والنقيضة نفي للمقولة أو الطرح، ويأتي التركيب الذي يكون نفيا للنفي!
ويكون التركيب حسب هيغل : متجاوزا للتناقض مع الاحتفاظ داخل مستوى اعلى، بكل ماتم تأكيده في الطرح وما تم نفيه في نقيض الطرح. أي انه نفي شامل للطرح والنفي في آن... وفي نفس الوقت تأكيد عميق على صحتهما. فتموت المقولة( الطرح) والنقيضة( النفي) داخل التركيب، لتولدان من جديد وهما أشد صفاء وأكثر اتحادا!
صاغ هيغل اسلوبه وطريقته، وفكره متجه نحو الثورة الفرنسية وامبراطورية نابليون، وكانت جدليته تبدو حية امامه متجسدة في هذين الواقعين حيث يرى ان الملكية ادت الى ولادة نقيضتها، وكانت مرحلة الارهاب هي النقيض ( النفي) ضرورية لتأمين الصعود الجدلي كما يتخيله هيغل في جدليته ذات التثليث.
ثم اصبح صعود اللحظتين المتناقضتين داخل مرحلة التركيب الثالثة ( الامبراطورية) واقعا لم يأت بالصدفة وانما جاءت من حركة التاريخ الضرورية.
وكمثال على جدلية هيغل لطريقة التفكير : نستشهد بجدلية السيد والعبد... حيث ان السيد والعبد في تلك الجدلية متلازمان يتطلب احدهما وجود الاخر... فلا سيد بدون عبد.. ولا عبد بدون سيد!
وهكذا يجد السيد شعورا بنفسه عبر ( الوعي بالذات) كلما أوغل في استهلاك نتاج العبد واظهر تفوقه وسيطرته عليه... كحالة تأكيد للجدلية.. التي يقابلها النقيض (فقدان العبد لوعي ذاته).
ويستمر تفوق السيد على العبد عبر جدلية يثبت فيها السيد نفسه امام العبد وضده.. في نفس اللحظة!
وكلما رضخ العبد بالقوة للحرمان والطاعة حسب جدلية هيغل كلما اعترف ان السيد هو السيد وهذا الاعتراف يكمل اعطاء السيد فرصة الوعي بالذات في الشيء وغيره وفي العبد وغيره.
لكن هيغل في جدلية السيد والعبد يصل في النهاية وعند مرحلة التركيب في العلاقة بينهما الى انه بقدر مايسيطر السيد على العبد فان السيد يرتبط بالعبد ارتباطا يصعب الانفكاك منه، لانه لايستطيع الاستغناء عن خدماته فيغدوا السيد تحت رحمة العبد.. الذي يصبح سيد السيد!

ماتم تلخيصة أعلاه كان من كتاب الفكر والحرب للفرنسي : جان غيتون... حيث تطرق الى جدلية هيغل.
.. 

وأذكر انني في كتابات قديمة.. وبإلهام من افكاري وقبل ان اقرأ جدلية هيغل.. كتبت ان السيد السادي عبد لساديته.. كعبودية العبد الماسوشي لسيدة.. أي أن المقولة كما يقول هيغل ( استبدادية السيد) يواجهها النقيضة( ماسوشية العبد).. وعندما ينصهران : السيد بساديته والعبد بماسوشيته في مرحلة التركيب : يكون السيد عبدا للعبد... فيكون الاثنان: عبيدا!
وكنت اقول ان السيد السادي : عبد لنزعة السيطرة.. وحب التملك والشهوات... مثلما العبد الماسوشي الخاضع لإستبداد السيد يخضع لسيطرة شهوة الخنوع في ذاته.
وعندما انصهرت المقولة بالنقيض : في مرحلة التركيب النهائية لجدلية السيد والعبد حسب جدلية هيغل... اصبح السيد عبدا للعبد مع بقاء العبد عبدا.
واعتقد ان هيغل في جدلية السيد والعبد قد توصل الى حالة التصالح التي جعلت العبد وسيده يتفقان من جديد ان يعود كل منهما لممارسة دوره بقناعة تامة... لتعيد الجدلية عملها من جديد فتعيد للسيد وعيه... وتسلب الوعي الطاريء للعبد كي تعيده الى حالته السابقه بلا وعي.
أي أن العبد يملك خاصية رفض عودة الوعي اليه... ليكون ضد الجدلية الهيقلية ذاتها التي تسير بالاثنين كي يكونا في مرحلة التركيب : قد ارتقيا الى حالة فكر تأخذهما الى الخروج من جدلية المقولة والنقيضة كي يصلا الى مرحلة اسمى من فكرة العبد والسيد.
صحيح أن هيغل تحدث عن الارتباط التام بين العبد والسيد وحاجة كل منهما للآخر في علاقة جدلية يتحول فيها السيد الى عبد والعبد الى سيد 
لكن هيغل لم يخبرنا عن من يكون المنتج للآخر... ولا نريده أن يضعنا في جدلية البيضة والدجاجة التي لا تنتهي الى مرحلة التركيب بقدر ماتستمر في تبادل العبودية والاستبداد عبر طريقة جدلية لا تنتهي. لكن ما أراه من وجهة نظري أن بيئة العبد هي من ينتج السيد، وكلما تمادى السيد في استبداده بالعبد كلما ازداد العبد ادمانا للخنوع، فيصبح الاستبداد حسب نظرية هيغل ( مقولة ) يقابلها الخنوع كنفي.. يتم ترسيخه في مرحلته الثالثة التي يتم اندماج النقيضين ( الاستبداد والخنوع) عير جدلية لابد لها ان تتطور لتصل بالفكر الى مرحلة أخرى يتغير فيها كل شيء ويتم بدء خلق واقع منفصل عن مرحلة التركيب التي تخيلها هيقل. أي انه من وجهة نظري فان السيد المستبد ليس الا بذرة انتجتها بيئة العبد الخانع، فأصبح ذلك السيد المستبد في بيئته كبذرة الفناء التي تحملها الشجرة في ذاتها لتقوم بتدمير نفس الذات. لأن السيد نتيجة للعبد وليس العكس مما يجعله الثمرة المسمومة التي تعيد انتاج نفسها كبذرة في ذات الوقت داخل البيئة المنتجة لها وكلما تكرر غرس تلك البذرة كلما ازداد انتاج الثمرة وعمت سميتها مساحات اكثر يعم بسببها فساد التربة والهواء حتى يصل الواقع الى مرحلة الموت والتي هي البداية الحقيقية لمرحلة التركيب لحياة جديدة ليس كما يقول هيغل ان ينصهر فيها التأكيد والنفي وانما مرحلة الانفصال بين المقولة ونقيضتها وولادة فكرة جديدة تفضي الى نفي المقولة والنقيظة معا وبناء واقع جديد على انقاضهما.
هكذا كانت جدلية التاريخ.. حين تهب رياحه لتقتلع النقائض المتضادة في المكان.. تلك النقائض التي ترفض ان تمارس الجدلية الزمنية التي لاتؤمن في الثابت بقدرما تعيش داخل حركة الزمن ذي الحركة الديناميكية المتطورة!