رغم ما تميزت به المرحلة السابقة من ما يسمى بالعملية السياسية في العراق من سلبيات وتعقيدات ومشاريع مختلفة المشارب الا انها بقيت تحت لافتة التوافق والتفاهمات بين المكونات الاساسية للعراق الا هذه المرة فقد استعجلت كتلة برلمانية معروفة في الانفراد باعداد قانون على عجل والتصويت عليه وتمريره بهدف جعل الحشد الشعبي الشيعي جزء لا يتجزء من المؤسسة الرسمية اي الجيش والقوات المسلحة رسميا لكن القانون يعطي للحشد شبه استقلالية في التنظيم والسيطرة والقيادة ويكتفي في احد فقراته بالتنسيق مع القائد العام للقوات المسلحة والذي هو رئيس الوزراء كما اناط به القانون مهمات عديدة منها قمع اي حركة او تمرد او احتجاج في اي مكان في العراق فورا ويعني به المناطق العربية السنية وخلاصة القول مثلما قال احد النشطاء انه نسخة عراقية من الحرس الثوري الإيراني او الباسيج حركة التعبئة والتي هي نتاج فكر ولاية الفقيه في إيران.
الحشد الشيعي اصبح هيئة رسمية ومحصنة من اية ملاحقات قانونية عن اية انتهاكات وتجاوزات لانها قيدت ضمن حركة الجيش الذي ينفذ واجباته بحسب الاوامر الصادرة اليه وفي حقيقة الامر ان الحشد عبارة عن تجميع لميليشيات وقحة كما وصفها السيد مقتدى الصدر لا تخضع للتراتبية العسكرية وليس لها هيكل تنظيمي انما هي اذرع قيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق وقوات منظمة بدر بقيادة العامري وابو مهدي المهندس وحركة ثأر الله وحزب الله والنجباء وتعتمد مئات الرايات وبمختلف الالوان في تعبير عن المنحى الطائفي لها.
استعجال إيران عبر وكلائها العراقيين اصدار هذا القانون بعيدا عن التشاور مع الشركاء يعد نسفا لكل مشروع وطني او ما اطلقو عليه بالتسوية التاريخية وايجاد حلول نهائية للازمات التي عانى ويعاني منها العراق.
نحن الان امام مرحلة متقدمة من ابرز مراحل التوغل والسيطرة الإيرانية على مواقع النفوذ في العراق وسورية ولبنان واليمن كمقدمة لتجهيز المسرح الميداني والسياسي بخلق كيانات موازية للجيوش في تلك البلدان ولا يغيب عن ناظر اي مراقب ان قوات حزب الله التي تقاتل في سورية هي نسخة من الحشد الشيعي وميلشيات الحوثيين تنتظر بعض الترتيبات لتعلن عن حشدها اليمني وهكذا فالهدف ضرب فكرة الدولة المدنية في الصميم وادخال البلدان في حالة من الفوضى والصراع المستمر بهدف استمرار نفوذ ايران في المنطقة.
نحن امام تطور خطير في العراق وسيظهر علينا من يقول نحن نحكم وفق منطق الاغلبية ووداعا لاية تفاهمات او كلام عن المصالحة الوطنية فمن يمتلك القوة والمال هو من يرسم للاخرين حدود ادوارهم وبالتالي سيكون العراق بعد مرحلة داعش اسوء بكثير مما هو عليه اليوم فلربما تاتي ايام على العراقيين في ظل هذه الدوامة من الترحم على العراق الذي كان يوما اسمه العراق وخصوصا ان التيار الإيراني ومن يمثله سيقف بقوة بوجه فكرة الاقاليم التي يلوح بها العرب السنة كملاذ اخير وحتى هذه الاقاليم سيستخدمون شتى الحجج والتسويف والرفض وربما قمعها من جذورها. 
المنطقة كلها وبالتوازي مع تسارع نبض الاقليم والعالم ستشهد مفاجآت لا قبل لها على التعاطي معها من دون موقف عربي متجانس في النظرة الى التطورات العراقية بالغة الخطورة والتعقيد وكما قال الشاعر العربي 
فالليالي من الزمان حبالى...مثقلات يلدن كل عجيب؟؟


[email protected]