هدأت عاصفة أحلام واللبنانيين مسفرةً عن مشهدٍ مخزٍ على شاشات التلفزة اللبنانيّة وتحديداً من قبل مقدّمي بعض البرامج النقديّة الساخرة.



&بيروت:&أسفرت بعض حملات الإعلام اللبناني&على أحلام&عن&مستوى من البؤس الإعلاميّ جعل بيوتنا، وشاشاتنا، وهواتفنا، وحساباتنا على مواقع الإجتماعي عرضةً للتلوّث السمعي البصريّ المنبعث من الألفاظ، والشتائم المبطّنة، وحركات الإستهزاء والتشفيّ التي إحتوتها تلك البرامج، والتي أدّاها مقدّموها أو مهرّجوها، لا فرق!

وهنا لستُ بمعرض الدفاع عن أحلام بتاتاً، لأنّ أحلام أخطأت... نعم أخطأت ولكن بحقّ بعض الإعلاميين اللبنانيين، وليس بحقّ الشعب اللبنانيّ. أحلام أخطأت حينما تعرّضت لبعض إعلاميي لبنان الذين إنتقدوها وبرنامجها "ذا كوين" بالردّ عليهم بألفاظ: "الشحاتّين"، و"بائعي الفلافل"، و"الزبالة"، وهي ألفاظ لا تليق أبداً بفنّانة أعطاها جمهورها لقب "الملكة"، وهي حملته وتباهت به ووضعتها وساماً على صدرها وتاجاً على رأسها، وهي التي لطالما قدّرت هذا الجمهور، وإعترفت على مسرح "هلا فبراير" منذ شهر ونيّف قائلةً: "جمهوري هو تاج راسي". وهنا لا بدّ من الإشارة بأنّه يجب عدم التقليل من شأن وكرامة أيّ إنسان أكان شحّاذاً، أو بائع فلافل، لأنّ الإنسان لا يُعيّر بفقره ولا بمهنته طالما أنّه يكسب رزقه بالحلال.
&

&
"الملكات" لا تتفوّهنّ بمثل هذه الألفاظ حتّى لو تعرّضّن للإنتقاد والهجوم من الغير، علماً أن الدفاع عن النفس، والردّ على النقد أمر مشروع لأيّ كان، ولكن بالحفاظ على كامل أدبيات الكلام، والتصرّف، وأحلام فنّانة من الوزن الثقيل، ونجمة يُحسب لها ألف حساب على ساحة الفنّ الخليجيّ والعربيّ، وتتمتّع بقاعدة جماهيريّة كبيرة، شاء من شاء، وأبى من أبى. وبعيداً عن الإتّهامات التي تواجهها دائماً بأنّها تحبّ إستعراض ثروتها، وممتلكاتها، ومجوهراتها، إلاّ أنّ أحلام صاحبة صوت أسعد الملايين في العالم العربيّ، وأثرت المكتبة الموسيقيّة الخليجيّة والعربيّة بأعمال قيّمة تعدّى الكثير منها حدود الخليج وإنتشر في العالم العربيّ.


&

على أحلام أن تجلس أمام مرآتها وتراجع نفسها، لأنّ كلّ ما يلزمها هو القليل من ضبط النفس

&هذه النجوميّة الفنيّة التي كونّتها من تحمل لقب "فنّانة العرب" على مدى أكثر من عشرين عاماً، بات لزاماً على أحلام اليوم أن تنتبه إلى الحفاظ عليها وعلى إستمراريتها، وإلى الإنتباه إلى أدقّ التفاصيل في الأقوال، والأفعال، وردود الأفعال، والعلاقة مع الإعلام والصحافة، والتعلّم من أخطاء الماضي والحاضر لمتابعة تسلّق سلّم النجاح،&والمضيّ قدماً بمستقبل فنيّ أكثر "إبهاراً". وأحلام إذا أرادت فهي قادرة على ذلك، لذا عليها أن تجلس أمام مرآتها لتراجع نفسها، لأنّ كلّ ما يلزمها هو القليل من ضبط النفس، وعدم التسرّع والإنجرار وراء إنفعلاتها السريعة والغاضبة التي تجرّها إلى حروب هي بغنى عنها، وتفتح الفرصة للنيل منها أمام من يتربّص بها.&
&





&وبالعودة إلى المهزلة الإعلاميّة التلفزيونيّة التي شهدتها الشاشات اللبنانيّة طوال هذا الأسبوع فهي لا تمثّل الشعب اللبنانيّ، ولا تمتّ إلى ثقافته، وحضارته، وسلوكياته، وأخلاقيته بصلة، ومن المعيب والمخزي أن نشاهد على شاشتنا مناظر مقزّزة، وعنصريّة، وأن نستمع لمفردات وشتائم علنيّة، ومبطّنة بعبارات "الكنتاكي"، والقرود، و"الآيرباغ"، وتحوّل الأستوديوهات إلى حظائر لرعي الأبقار والتحاور معها فقط لهدف "إهانة" أحلام والسخرية منها، والتجريح بها، في حين يُفترض أن تكون تلك الشاشات مكلّفة برفع مستوى الذوق العام وعدم الإنحدار به إلى التصرّفات، والإهانات، وألفاظ الأزقّة البذيئة.

والحال على مواقع التواصل الإجتماعيّ ليس أفضل بكثير: إذا دافعتَ عن أحلام فأنت مرتشٍ، ولا يخجل البعض أن يسألك "بعين طبعه": "كم دفعتلك؟"، ومن ناحية أخرى إذا لم تُهن أحلام دفاعاً عن وطنك لبنان فأنت متهمّ بالخيانة العُظمى! ... لبنان من علّم الحرف وأوصله إلى كلّ العالم لا يجب أن ينجرّ إلى هذه الحروب الكلاميّة، وإلى هذا المستوى المخزي من الشتائم وتقاذف الإتّهامات والظنون التي كادت أن تصل إلى عداء عنصريّ كريه ما بين الشعوب.

ليس في الأمر ما يستحقّ! وما هذه الحال التي وصل إليها بعض الإعلام في لبنان؟! إنّها سقطة مهنيّة مريبة ومعيبة في آن. نعم أحلام أخطأت للأسباب التي ذكرتُها سابقاً، ولكنّ "بعض" الإعلاميين اللبنانيين، وبعض البرامج التلفزيونيّة& اللبنانيّة، وبعض إدارات المحطّات التلفزيونيّة اللبنانيّة& قدّموا مباراة هزليّة مثيرة للشفقة عنوانها: "من ينكّل أكثر بأحلام؟"، فوقعوا شرّ وقعة في الحُفرة التي حفروها لها، مرتكبين بذلك جريمة بشعة بحقّ الإعلام اللبنانيّ من خلال السماح بعرض هذا المحتوى السمعي البصري الملوّث، والمتدنّي، والنابي، والعنصريّ إلى حدّ الإشمئزاز، وكفى!

&