في أحد شوارع بغداد شوهدت المغنية العراقية سهى عبد الأمير تتسول بحثاً عن لقمة عيش بعد أن سلبها نظام صدام عقلها في الثمانينات، وأهملها النظام الحالي فغدت متشردة تتسول لقمة عيشها في مدينة باتت تحتقر الفن وكانت يوماً منارة للحضارة والثقافة والإبداع.


بغداد: هذا الاسم .. يعرفه أغلب العراقيين ، لاسيما الذين تتجاوز أعمارهم الثلاثون عاماً، ولكن الصورة لن يعرفها أحد مهما أوتي من قوة للذاكرة، إلا أن زميلنا المخرج الاذاعي فائز جواد تعرف عليها حين شاهدها في منطقة الصالحية ببغداد قبل أيام وهي في هذا الوضع المزري.

أي عمر إذن هذا الذي مضى، وأية سنوات هذه التي مرت؟ الصورة مؤلمة كونها توثق لمأساة إنسانية بحتة، تجعل الدمع يترقرق من أعماق الروح ، أي عاقبة تلك التي تحيل هذه الفتاة المتوقدة يوماً، المحاطة بالشهرة والأضواء، الى مجرد كومة من لحم، بثياب رثة، تدور في الشوارع، وتقف على الارصفة مادة يديها للعابرين من المحسنين، فيما هم يحدقون بوجهها غير عابئين، ولو تذكروا لكانت ذكرياتهم وحدها كفيلة بإثارة ألمهم المهم وتعاطفهم مع المشهد الذي يمر امامهم. أو ربما كانت ستستفز قلوبهم التي ما زالت تعتز بأغنياتها، عندما يدركون كم البؤس والحزن الذي تعيشه.فهي انسانة قبل كل شيء، ناهيك عن كونها فنانة امتلكت سمعة طيبة في يوم من الأيام، وما زالت اغانيها مسموعة وتملأ الإنترنت، والذكرى لا تزال قريبة اذا مر إسمها في محادثة تستذكر فناني المرحلة، فهي تلك الشابة الجميلة التي غنت في جلسة بصرية يوماً اغنية عنوانها (اعتب عليك اعتب) فتركت بصمة، واصبحت اسماً لامعاً وراحت اغنيتها تتردد، ثم توالت أغانيها، متميزة بلونها البصراوي المحبب، لاسيما ان لهجتها كانت جميلة جداً ، ومن اشهرها (خلاني حبك حايرة) .

هذا حال سهى عبدالأمير اليوم كما صورتها عدسة إيلاف

عن هذا المشهد المؤلم يقول فائز : قبل ايام قلائل وفي منطقة الصالحية التقيت بمطربة ( لاصايرة ولادايرة ) و( من مدينة لمدينه ) التي ذاع صيتها في الثمانينيات ، نعم التقيت المطربة الجميلة الراقية التي استمدت طيبتها من مدينتها البصرة، التقيت بالمطربة التي صورتها تؤلم وتفطر القلب، انها المطربة التي للاسف فقدت عقلها في زمن النظام السابق لاسباب اختلف عليها كثر،ولازالت فاقدة العقل، وتجوب الشوارع وتنام على الارصفة وتاكل من الفضلات) .

اي حال هو حالها الذي جارت عليه الازمنة، أليس لهذه الانسانة من مأوى ؟ من يد تمتد اليها تقديراً لكونها انسانة معروفة ، بدل هذا البؤس والذل الذي تعيشه ؟
اما كان بالامكان ان تحيطها المؤسسات الفنية برعايتها وتوفير ابسط ما يمكن توفيره لها احتراماً لايام كانت تسعد الاخرين بصوتها وموهبتها وفنها ، الا يمكن احتضانها بدل هذا التردي والهوان الذي تعيشه ؟
الا يمكن ان تنال اهتمام مؤسسات الدولة الاجتماعية وتعيش في بحبوحة تأكل وتشرب وتنام هادئة حتى وان قلنا وقيل انها فقدت عقلها ، فلا بد من مؤسسة ما تحتضنها. ويمكن ان يمر الان الف سؤال دون إجابة، ويبقى الناسيمرون بتلك (المجنونة) الرثة الثياب التي تبحث في الفضلات لتأكل دون إكتراث، لتوصمنا بالخذلان، واننا غير اوفياء للحظات من الزمن مرت عاطرة بالابتهاج .

هذه صورة للمغنية التي اطربت وما زالت اغنياتها تطرب ، انها سها عبد الامير ، ابنة مدينة البصرة التي كان الغناء فألا سيئا عليها ، وما كانت بغداد رحيمة او رؤوفة بها ، فأخذت اغلى ما لديها وتركتها للازمنةتدوسها بحوافرها.

كيف بدأت مأساتها؟
كانت سهى تغني بمحلات السهر الليلية المعروفة ببغداد ومنها الزيتون المقابل للشيراتون وكان على ضفة دجلة وملك لمدير مكتب صدام السابق الذي منحه أمتيازات منها هذا المطعم العائلي وعمارة بشارع سلمان فائق بالعلوية وألخ
ويروي بأن الفنانة سهى الملقبة بالبصرية كانت تسكن العمارة المجاورة للمطعم الذي تعمل فيه ولها حساب مفتوح للطلبات، حيث يتم توصيل وجبات الطعام الثلاثة لشقتها يوميآ، ويأتي رجل يوم الخميس ليلآليدفع عنهاالحساب، وتبين أنه زوجها، كانيركب سيارة حديثة فارهة، وكان يضع مسدسه ظاهريآ وتبين أنه ( ناهض سليمان المجيد) أبن عم صدام ولديه ولد منها !
وبعد بضع سنواتشاع الخبر فجاءتها مجموعة من القصر الجمهوري لتنتقم منها لأنه كان متزوج من أقاربهم في تكريت وهجرها بسبب سهى، وقاموا بضربها ضرباً مبرحاً وإنتهى بها الحالمجنونة مقيمة بمستشفى أبن رشد للأمراض النفسية !
نستذكر معكم بعضاً من أغنياتها: