كرّمت الفنانة الكبيرة سميرة توفيق قناة "الجديد" بحضورها بدلاً من أن يتم تكريمها بعد الحملة الدعائية الضخمة لحلقةٍ جاءت صادمة بضعف مضمونها، فيما خذلت رابعة الزيات جمهورها.


سميرة توفيق مع محمود سعيد في دور فارس ونجود

&& بيروت: يحتار القلم حين يمارس دوره الناقد للبرامج الإعلامية التي تحاول تكريم كبار أهل الفن ورموزه بين الثناء واللوم ليكون في الحالتين سيفاً ذي حدين يجرح حتى بإطرائه! فبقدر ما يتوجب علينا الإشادة بمن يبادر لتكريم الكبار، تواجهنا قيمتهم المعنوية بعتبها على اللامسؤولية والإستخفاف! ناهيك عن الملامة التي تطال الإعلاميين الذين يتحملون هذه المشقة رغم علمهم واعترافهم أن مايقدمونه لن يفِ الشخصية المكرمة حقها..!
وفي هذا الإعتراف إنما يتنصل الإعلامي من المسؤولية بتواضعٍ مصطنع يدافع فيه عن نفسه في ظل ضعف إمكانيات برنامجه وعجزه عن تكريم الشخصية التي يتناولها كما يليق باسمها وتاريخها الفني. وهذا ما حصل على الأرجح في برنامج "بعدنا مع رابعة" الذي "حاول" بالأمس تكريم الفنانة الكبيرة سميرة توفيق، فجاءت تفاعلاته صادمة بحلقةٍ متواضعة جداً قدّمَت صورةً ركيكة عن معنى التكريم بعد الحملة الإعلانية الضخمة، حيث شعر الجمهور أنه خُدِعَ بمضمون الحلقة عبر إعلانٍ ترويجي!

لا شك أن الزميلة رابعة الزيات تعرف جيداً قدر المسؤولية التي عجزت عن حملها في إضاءتها الضعيفة على التاريخ الفني الزاخر لفنانة بحجم سميرة توفيق، إلا أن اللوم وقع عليها من قبل جمهورها الذي شعر أنه استُدرِجَ إعلامياً لمتابعة حلقة بمضمونٍ ركيك، ربما كان الجانب المضيء فيها فقط الحضور الشخصي للفنانة الكبيرة سميرة توفيق التي كرّمت بحضورها "الزيات" و"المحطة" في حين كان يًفترَض أن& يتم تكريمها..!

نعم، فإطلالة "توفيق" هي "السكوب" الوحيد في الحلقة التي لم تنجح بتكريم النجمة الكبيرة الغالية على قلب الجمهور اللبناني والعربي والتي أطلت بعد غيابٍ دام 12 عاماً وأكثر، إلا أن هذا "السكوب" يُسجَّل بقدر أهميته عتباً كبيراً على قناة لها من الخبرة بعمرٍ غير قليل، وعلى مذيعة تعرف جيداً قيمة الفنانة التي حاولت تكريمها.

في الجانب المضيء، لا شك أن الموضوعية تفرض الثناء على مبادرة "الزيات" واهتمامها بتكريم المبدعين الكبار، لكن الجانب المظلم يفرض نفسه في الأداء الذي استخف بالرأي العام الذي يعرف عن سميرة توفيق أكثر مما قدمت له المحطة من معلوماتٍ عنها في حلقة تكريمها! وهذا ما ظهر فعلياً&بالانتقادات النارية التي رفعت حرارة مواقع التواصل الإجتماعي بعد الحلقة مباشرةً، حيث غالى البعض بكلامه وصب جام غضبه على هذا التقصير الذي اعتبره فاضحاً بحق شخصية كبيرة من لبنان، في حين تساءل البعض: تُرى هل كانت سميرة توفيق راضية عن هذا التكريم؟! وعلق البعض قائلاً: حضور "توفيق" كان تكريماً للقناة على حساب رصيد مصداقيتها مع متابعيها.

وفي أبسط الإنتقادات يمكن القول بديهياً أنه كان يفترض مشاركة لجنة مختصة بالتراث والفنون ونقاد صحافيين عاصروا الزمن الجميل ويُشهٓد لهم بالخبرة الموسيقية. وكان يفترض أقله استضافة من عرف سميرة توفيق عن كثب إلى جانب العازف الشهير ستراك الذي-ربما تكون شهادته بالفنانة التي عمل معها في سنوات مجدها- هي الأهم- إضافةً لمشاركة عائلتها- مع احترامنا لجميع الحاضرين! والسؤال الذي يطرح نفسه بلومٍ كبير هو: هل نالت أغنيات "المكرّمة حقها في هذه الحلقة؟ وألم تكن هذه الحلقة لتظهر بقيمةٍ أكبر فيما لو اكتفت "الزيات" بالحضور الشخصي لـ"توفيق" مع استعراض أعمالها وذكرياتها؟ وألم يكن الأجدى استضافة فنانين كالملحن إيلي شويري، الياس الرحباني، روميو لحود والمخرج الكبير سيمون أسمر الذي تربطه صداقة بها للحديث عنها وعن قيمتها الفنية؟ وألم يكن من الأفضل الإكتفاء بحضور الفنانة ديانا حداد في هذا اللقاء وهي التي اشتهرت بهذا اللون الغنائي ونالت ثناء "توفيق" لأكثر من مرة؟!

عذراً، ولكن هل يُعقل أن يُكرّٓم العمالقة بالمبتدئين؟! أو بمغنين لم يكلفوا أنفسهم عناء حفظ الأغاني فاضطرهم الأمر لقراءة الكلمات وتقديمها دون حسٍ فني؟!" والسؤال الأهم الذي يطرحه المتذوق اللبناني: أين وزارتا الثقافة والإعلام ونقابتا الفنانين والموسيقيين؟ ولماذا يغيبون حضوراً وإشرافاً عن هذه المبادرات التكريمية، وما سبب تقصيرهم عن إقامة التكريمات الفعلية لشخصياتٍ أعطت لبنانياً وعربياً بحجم سميرة توفيق؟! والأخطر هو: إلى متى سيساهم الإعلام بتشويه صورة الفن بمحاولاتٍ بائسة- عن قصدٍ أو بدون قصد- ليحصد أرباحاً مادية على حساب رصيد الفن المعنوي؟!

فيما يلي رابط إحدى أغنيات سميرة توفيق "مش موجود":