أثار مسلسل باب الحارة منذ انطلاقته في الجزء الأول جدلاً إجتماعياً إستمر مع أجزائه المتلاحقة بحيث ارتفعت نبرة الإنتقادات حوله، فيما تابعه البعض بشغفٍ لافت، إلا أنه فوق كل الملاحظات، يبقى اسمه ملتقصاً بشهر رمضان كأحد أشهر المسلسلات، فيما يؤخذ عليه أنه يدور حول نفسه في حقبة زمنية لم يتخطاها بأجزائه السبعة.


&& بيروت: أثار مسلسل باب الحارة منذ انطلاقته في الجزء الأول جدلاً إجتماعياً إستمر مع أجزائه المتلاحقة بحيث ارتفعت نبرة الإنتقادات حوله، فيما تابعه البعض بشغفٍ لافت، إلا أنه فوق كل الملاحظات، يبقى اسمه ملتقصاً بشهر رمضان كأحد أشهر المسلسلات. ورغم تميّز الدراما السورية وتألقها في عدة مسلسلات منها "الدبور" و"طوق البنات" و"طاحون الشرّ" وغيرها، إلا أن "باب الحارة" يبقى في صدارة الذاكرة بحيث يتم تداول اسمه لكونه أرسى الصورة للحياة الشامية التي بنيت عليها باقي المسلسلات الرمضانية.

في تحليلٍ فني، قد تتفوق المسلسلات السورية الأخرى على "باب الحارة" نصاً وإخراجاً وربما بذخاً في الإنتاج، لكن روحية هذه القصة بتفاصيلها باتت سلسلة رابضة بذاكرة المشاهد اللبناني والسوري على حدٍ سواء. فالبعض يتابعه بهدف التعرف على حياة المجتمع الشامي سابقاً ومدى تسلط الرجل على المرأة وتداعيات المشاكل الإجتماعية التي ترافق تفكك العائلة وتعدد الزوجات للرجل الواحد. فيما يعترض الكثيرون على مضمونه انطلاقاً من أسلوب التعاطي مع النساء، حتى وصفه البعض بالعمل المغذي للذكورية في الشرق والمخرّب الذهني للأجيال الصاعدة التي تتربى على مشاهده بتعنيف المرأة بحيث لا تكاد تمر حلقة دون أن تتلقى السيدات سيلاً من التهديد والإهانات، وأحياناً الضرب.

لقد جدد المسلسل نفسه بتغييرٍ بسيط. فاستبدل بعض الشخصيات لكنه لم يستبدل أدوارها بالمجمل. واللافت أن غياب الفنان وفيق الزعيم بعد رحيله قد ترك أثراً كبيراً عليه في الجزئين الأخيرين بحيث يرى البعض أن بديله الممثل القدير سليم صبري لم يملأ الفراغ في دوره بسبب التباعد بين شخصيته و"الزعيم" علماً أنه يُشهد له بحرفية تمثيله في أدوارٍ أخرى. كما أن غياب الفنانة منى واصف(إم جوزف)& العالقة بالذاكرة كان له أثره.

أما شخصية "أبو شهاب" الذي لعب دوره الفنان سامر المصري في الأجزاء الأولى، فما زالت& قيد الترقب من المشاهدين الذين يتمنون عودته. فرجولة هذا البطل المقدام لا تزال ترافق المسلسل عبر أجزائه رغم غياب "المصري" عنه، كما أثر أيضاً غياب أبو عصام(عباس النوري) في أحد الأجزاء، فيما سجلت عودته حافزاً لمتابعة المسلسل في العام الماضي، إضافة إلى حضور الفنان أيمن زيدان الذي أعطى قيمة للعمل.

واللافت أن الكاتب في هذا الجزء قد أدخل العنصر "اليهودي" إلى العمل عبر الحب الجديد لـ"معتز" الذي لم يكفه الإرتباط بزوجته فيما تتشابك الأحداث في الحارة لإهماله&بسبب هذا الحب، الأمر الذي يوقعه بشباك افتراء "أبو ظافر" ويدخله السجن.&كما أن الفنان مصطفى الخاني قد عاد لدوره&السابق(النمس) الذي لعبه في الأجزاء الأولى بعد أن لعب دور "الواوي في الجزء السابق". ورغم أن "ناديا" الزوجة الثانية تخفي المزيد من الأسرار في منزل أبو عصام، إلا أن صباح الجزائري لا تزال تحتل الصدارة في هذا الدار وتجذب المشاهد بحضورها وأدائها الطبيعي كزوجة وفية وسيدة ذكية تحاول كشف أسرار ضرتها التي لا تزال تعاملها بالحسنى. وعلى ما يبدو فإن القصة قد وصلت لقمة العقدة بسجن "معتز" بحيث يبدو واضحاً أيضاً عودة تسلط "أبو جودت" بأهل الحارة، الأمر الذي يتكرر بكل جزء، ما&يجعل المشاهد في الوقت الحالي مترقباً للأحداث المقبلة.

تنحسر المشاكل في الحارة حتى الآن ضمن أهل الحارة ورجالها، إلا أنه من ناحيةٍ أخرى، يمكن القول أن هذا المسلسل عالق في حقبة زمنية لم يتخطاها منذ انطلاقته، في وقت يتساءل الكثيرون عن سبب تغييب ثورة سلطان باشا الأطرش عن مجريات الأحداث التاريخية وعن مجمل الأعمال السورية! فقد تبدلت الأدوار وطرأت تعديلات على حبكة القصة وفصولها، وتغيّرت الشخصيات، إلا أن المحور العام للمسلسل لا يزال واحداً والقصة لا تزال تدور حول نفسها في ظل الحكم الفرنسي. وكأن الكاتب لا يريد الخروج إلى الحرية، حتى لا يدخل في مرحلة التحرر خوفاً من انتهاء روايته! ولا بد من الوقوف عند هذا الأمر لأن أكثر المآخذ على هذا العمل&تصب في خانة النقد بوصفه عالقاً في مرحلة الإنتداب الفرنسي. ففي نهاية كل جزء ينتهي فصل من المعركة، لتبدأ القصة من بدايتها مع الإنتداب والظلم في جزءٍ جديد دون أن يبدِّل المسلسل جلده. الأمر الذي قد يخنق المسلسل كدودة الحرير في شرنقتها قبل خروجها إلى النور. ما يدفعنا للقول أنه بات من الضروري أن يتدارك مؤلف العمل أهمية تطوير السيناريو ليعبر به إلى المراحل الجديدة في التاريخ السوري وصولاً لمرحلة الثورة والتحرر من المحتل، أو فليختمه قبل أن يخسر قيمته!

&