"إيلاف" من بيروت: حقق مغني الراب تامر نفار نجاحا بادخال موسيقى الراب إلى المجتمع الفلسطيني العربي في اسرائيل، لكن تطرقه الى الواقع السياسي للعرب في اسرائيل في أغانيه تسبب له بحملةٍ واسعة رسمية وشعبية يقودها اليمين الاسرائيلي المتطرف.

ولد تامر نفار(37 عاما) وترعرع في مدينة اللد في وسط اسرائيل وبدأ يغني الراب عام 2000 وشكل فرقة "دام" التي كانت فرقة الراب العربية الاولى في اسرائيل والاراضي الفلسطينية. وصعد نجمه بين فلسطينيي الداخل والاراضي الفلسطينية.

لكن في الجانب الاسرائيلي، يتعرض للاستهداف بإلحاح لا سيما من اليمين المتطرف ووزيرة الثقافة ميري ريغيف التي تتهمه بإثارة الاحقاد.

خلال الشهرين الماضيين، تعرض نفار الى حملة واسعة من وزيرة الثقافة الاسرائيلية ميري ريغيف المنتمية الى حزب الليكود اليميني التي اتهمته بأنه "يحرض ويتفوه بعبارات مناوئة لاسرائيل كدولة للشعب اليهودي".

واعتبرت ان بعض نصوصه تجد مبررات "للارهاب".

وتلت ذلك حملات تحريضية مكثفة من نشطاء بارزين من اليمين طالبوا بمنعه من الغناء في مدينة حيفا، لكنه تمكن من إحياء حفلة فيها على الرغم من محاولات التشويش. وحاول ناشطون إنزاله عن المنصة، لكنهم اخفقوا.

على صفحته على "فيسبوك"، استهجن ناشط اليمين ايدان زادوك وصول نفار الى مدينة حيفا، وقال "هذا الشخص مؤيد للارهاب ومحرض، دعته بلدية حيفا من ميزانية ضرائبنا، وعلى رئيس البلدية ان يفسر لنا ذلك".

ويتهم تامر نفار الحكومة بالتحريض عليه، معتبرا ان "ريغيف ما هي الا بوق للحكومة لبث سموم العنصرية".

ويقول لوكالة فرانس برس "كان دائما هناك تحريض هنا وهناك"، لكن خلال الفترة الاخيرة، أصبح التحريض "كثيفا جدا. اصطدمت معهم ثلاثة مرات".

وعن تجربته في عرض مدينة حيفا، يقول "نعم شعرت بخوف... ليس طبيعيا ان اكون في الحفل ويحيط بي 15 عنصر امن لتأمين سلامتي. هذا وضع غير طبيعي. كانوا يصرخون +إرهابي+، اذهب الى غزة، ابن زانية".

ويتابع "هناك تامر الفنان الذي يخرج ويقول كلمته بجرأة ويتحدى اليمين والفاشيين، وهناك تامر الاب والزوج الذي يحب زوجته وأولاده ويخاف على نفسه وعليهم ويأخذ تهديدات الفاشيين محمل الجد". 

لكنه يذكر ايضا بانه محاط بأناس يحبونه وأصدقاء عرب ويهود ساعدوه، ويقول "شكرتهم جميعا".

وتأثر نفار بموسيقى الراب للاميركي توباك شاكور الذي اغتيل في العام 1996. ويقول "أحببت هذه الموسيقى، (...) وصور أغاني شاكور واغانيه تشبه واقعنا في اللد: كيف كانت الشرطة تطاردهم في شوارعهم الفقيرة، بدون كهرباء. وجدت انهم يشبهوننا".

ويضيف "كنت لا اتقن اللغة الانكليزية، صرت أبحث عن كلمات الاغاني بالانكليزية، وأطبعها وأجلس في المدرسة وفي يدي القاموس واترجمها".

ويتابع "كل شيء قدمته خرج من واقع اللد، من الحارات، من هذا الغيتو، فعملي ان أوثق جيلي، ولا أخجل أن أدخل كلمات بالعبري في أغاني، فالناس مثلا لا يستعملون كلمة راتب. الناس يستعملون كلمة تلوش".

وتطرق أعضاء فرقة "دام" الى قضايا اجتماعية من واقع المجتمع العربي وانتقدوها، وغنوا مع الفنانة أمل مرقص "لو ارجع بالزمان" التي تناولت قتل النساء على خلفية ما يسمى بالشرف ودانوا القتل.

كما غنت الفرقة "انا مش بوليتي" و"أنا مش ارهابي" وغيرها...

وغنى نفار في تشرين الاول/اكتوبر في مدينة سخنين في الشمال، واحتشد المعجبون والمعجبات مطلقين هتافات الفرح للقائه وتشجيعه، وتمايلواعلى موسيقى أغانيه.


-"الديمقراطية لليهود والعنصرية للعرب" -

وينفي نفار ان يكون التحريض عليه جاء لأنه غنى محمود درويش. ويقول "لو غنيت للفنانين حكيم وعمر دياب، سيجد الاسرائيليون سببا للتحريض. أنا أعتقد ان هناك هجوما بشكل عام على الفلسطينينين داخل الدولة، يريدون تركيعنا. أما نحن، فنريد جيلا وحياة أفضل للناس، وأن يعترفوا بالنكبة ومأساتنا. وهم يريدون محو الرواية الفلسطينية بأي شكل من الاشكال، لقد جندوا كل طاقاتهم وميزانياتهم لذلك".

ويتابع "اعتقد انهم يغارون من محمود درويش، لان محمود درويش كان انسانا قبل كل شيء وجزءا لا يتجزأ من العالم يشمل بداخله حتى الكارثة اليهودية. لم يكن متعصبا قوميا او من محبي الصراخ والشعارات".

وانسحبت ريغيف في تشرين الاول/اكتوبر من احتفال توزيع جوائز "اوفير" للأفلام والإنتاج السينمائي، احتجاجا على أداء نفار اغنية "بطاقة هوية" (سجل أنا عربي) من كلمات محمود درويش.

ويقول نفار ان المغني الاسرائيلي يوسي تسباري غنى بدوره "بعدي بيوم واحد في حيفا +سجل أنا عربي+ ولم يتعرض لاي هجوم. الديمقراطية لليهود والعنصرية للعرب".

وتعتبر المتحدثة باسم بلدية حيفا استضافة عرض الفنان تامر نفار جزءا من تعزيز الخطاب الثقافي المتعدد والمتنوع في في مدينة حيفا، مشيرة الى ان "البلدية تواصل تعزيز مناخ متعدد الثقافات من منطلق الإيمان الكامل بأن هذا ما ينبغي ان يكون".

وتضيف "ولقد استقطب عرضه الالاف من المشاركين الذين تفاعلوا جدا من العرض".

وعن انتشار الشرطة الكثيف خلال الحفل، تقول "نحن لا ندخل الى اعتبارات الشرطة، في كل حدث هناك حضور لقوات الأمن، ولم يكن الحضور الامني في هذا الاحتفال اكثر من أي احتفال سابق".