إيلاف من بيروت: حيّر الفنان السوري الراقص الشاب حسن رابح الأقلام بتحليل انتحاره، بعدما رمى نفسه من شرفة منزله في العاصمة اللبنانية بيروت، علماً أنه من أصلٍ فلسطيني، ويبلغ من العمر 25 عاماً.&

والحقيقة أن تدوينته الأخيرة على "فيسبوك" كانت موضع الجدل الذي فتحت باب التحليلات عن سبب انتحاره. فمنهم من ربط الأمر بمعاناة النازحين السوريين، ونقمته على نظام بلده والأنظمة العربية وفقاً لما ذكر بتدوينته، ومنهم من فسرها على أنه غضب شخصي خاص ناتج عن صراعٍ داخلي لم يشارك به أحد، ما أوصله لوضح حدّ لصراعه المرير عبر انتحاره.

فتدويناته الأخيرة كانت منذ أيام، وهي تحمل أبعاداً لغضبٍ عارم من الأنظمة العربية، لكنها تشير أيضاً الى مشكلة تعاطيه الحشيش وإلى ضياعٍ نفسي يظهر جلياً بوصف رفقته للسجناء بـ"أحلى عالم". وهو هنا كأنه يعبّر بأنه كان يعيش بسجنٍ خارج السجن وقرر بانتحاره أن يحرر نفسه منه رابطاً انتقاله من هذا العالم بالعودة إلى فلسطين بلده الأصل قائلاً: "لست سوى عبد ربي أموت إلى أن أحيا (...) فالحق من الإله الواحد و إلى فلسطين الرجوع".

أصدقاء الراقص على شبكات التواصل الاجتماعي، أجمعوا على أنه كان يعاني من ظروفٍ صعبة بعد انتقاله إلى لبنان، علماً أنه نشأ مولعاً بالرقص، وكان يتابع النجم الراحل مايكل جاكسون وتعلّم الرقص من حركاته تلقائياً منذ نعومة أظافره، فكان بدوره نجم حفلات مدرسته، إلى أن جاءته الفرصة للمشاركة مع فرقة Sima في العرض الذي كانت تحضّر له لافتتاح مهرجان السّينما السوريّة في دار الأوبرا في العام 2009.&

أحبّ رابح الرقص فطوّر نفسه بنفسه، واشتهر بـالـHip Hop، ولقد تناقل أصدقاؤه مقطع فيديو لرقصة قدمها في العام 2015 كتحية له بعد رحيله،&إلا أن أعضاء فرقته Sima رفضوا التعليق أو التصريح على حادثة موته بانتظار التحقيقات، ليبقى سيل التحليلات والتدوينات حول هذه الحادثة الأليمة مستمراً انطلاقاً من تدويناته الأخيرة التي عبّرت عن جام غضبه في عالمه الداخلي والخارجي.

ولقد جاء في تدوينته الأخيرة المطولة: "انحبست كرمال موضوع حشيشة أعدت بالسجن مع أجمل ناس وعالم وطلعت بعدين برطلت المحقق وكان أبضاي منيح عم يحاول يساعد بلشت خبص أول ما طلعت على شرب و سكر وتدخين وتعاطي ولعب مع عقلي ونفسي وضحك على الناس العالم أصدقائي أخواتي أهلي… وأهلي من لحمي ودمي بطلت أحكي معهن و بطلت أحكي مع حدا بلشت ادعي حالي الحسن ومحمد والمسيح و كل العقائد… وبدأت الكذب ولست سوى عبد لربي اسمي حسن والسلام عليكم سامحوني يا أصدقائي يا أهلي يا أحبابي ولتسقط كل الأنظمة ابتداء من القاتل النظام السوري الفاشي الفاشل وشيطانه بشار وأبوه و النظام الرأس مالي الاستيطاني الإسرائيلي وداعش الوجه لنفس العملة و نهاد المشنوق في نفس الحلقة والمخابرات العالمية الفاجرة والداعرة والعاهرة لست سوى عبد ربي أموت إلى أن أحيا لست من أي طائفة أو أي حزب يدعي السلطة على حاشيته عبد لربي والحق منه والحب منه تسقط اسرائيل وتسقط جواسيسها فالحق من الإله الواحد و إلى فلسطين الرجوع".


في الواقع، كان رابح قد عبّر أيضاً عن هواجس أكبر بسبب الأزمة السورية إبان تفاعله مع تدمير حلب، حيث كتب: "أزمة حلب مستقبلنا جميعاً"

ويبدو أن هذا الشاب قد ورث الأزمة النفسية المتراكمة للشعب الفلسطيني قبل أن يضيق ذرعاً بأزمة باتت مركبة بأصله الفلسطيني وتشتت موطنه، ثم نزوحه كسوري بسبب الحرب في البلد الذي استوطنه، وصولاً إلى أزمته مع السجن في لبنان، ما دفعه لحشر إسم وزير داخليته في تدوينته، فبدا من خلال كلماته وكأنه يشعر بأنه ضحية مؤامرة دولية،&وكأنه كان يعيش خيبة&أمل&من تسمية "وطن" في هذا العالم الخارجي المرير! إلا أننا فوق كل ذلك، لا نستطيع أن نسلّم جدلاً بربط انتحاره بأزمات الأنظمة، فهنالك&الكثير من الفلسطينيين واللاجئين السوريين يعيشون معاناة في الظل، بينما كان هو مشروع نجم مستقبلي لامع...! وعليه، فإننا لو سلمنا جدلاً بإلقاء اللوم على أزمة الفلسطينيين مع التشتت والسوريين مع اللجوء لكان جميع الفلسطينيين والسوريين عرضةً للإنتحار!

يبقى أن انتظار التحقيقات واجب، وإن كانت معظم الدلائل تشير الى أزمة نفسية&خاصة وحادة قد تسببت بأفول نجم صاعد وضع حداً لحياته هرباً من مواجهة الصعاب، رغم أن البعض تساءل إن كان هذا الشاب خاسراً أم رابحاً بانتحاره!
&

&