مسجدا السلطان حسن والرفاعي

مسجد الرفاعي يقع أمام مسجد السلطان حسن، في المنطقة المحيطة بقلعة صلاح الدين

اختفت ست مشكاوات أثرية نادرة من مسجد الرفاعي بالقرب من ميدان صلاح الدين بالقلعة، جنوب العاصمة المصرية القاهرة الأحد الماضي. وجدد حادث السرقة التساؤلات حول مدى كفاءة تأمين المواقع الأثرية في مصر.

وتعود المشكاوات المسروقة لعام 1911، وهي مصنوعة من الزجاج المموه بالمينا،وعليها رنك (ختم) باسم الخديوي عباس حلمي الثاني، الذي حكم مصر بين عامي 1892 و1914، وكتابات بخط الثلث المملوكي لآية "الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح" من سورة النور.

والمشكاوات المسروقة هي ستة من أصل 15 مشكاة، وكانت موجودة في الغرفة التي دُفن فيها الملك فؤاد والأميرة فريال بالمسجد. ويصل ارتفاع الواحدة منها إلى 40 سنتيمترا وقطرها إلى 17 سنتيمترا.

وتتشارك وزارتا الأوقاف والآثار في رعاية المساجد الأثرية، الأمر الذي يزيد من صعوبة تحديد المسؤولية عنها إذ تتبادل كل من الوزارتين الاتهامات.

ويقول جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف: "وزارة الأوقاف مسؤولة فقط عن الشعائر والصلوات، أما المبنى وما يحويه فهو مسؤولية وزارة الآثار، لأنه في الأساس مسجد أثري."

وأضاف في حوار مع بي بي سي إن مهمة العمال المعينون من قبل وزارة الأوقاف "تنتهي بانتهاء صلاة العشاء، ولا يتواجدون في المسجد إلا في أوقات الصلاة فقط. لذا، يتعين على وزارة الآثار أن تتخذ التدابير اللازمة لحماية المساجد الأثرية ومحتوياتها".

لكن محمد عبد اللطيف، نائب وزير الأوقاف السابق وأستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة، يحمل وزارة الأوقاف المسؤولة لأن المسجد في عهدتها، على حد قوله.

وأضاف لبي بي سي: "إذا كانت الدولة تريد أن تكون وزارة الآثار هي المسؤولة عن المساجد الأثرية، فيجب حصر جميع المقتنيات الآثرية وتسجيل كل قطعة بشكل دقيق وتصويرها فوتوغرافيا بجميع أبعادها، ثم تنقل إلى مخازن وزارة الآثار التي ستتمكن حينئذ من إعداد نشرة بأوصافها وإرسالها إلى الشرطة الدولية (الإنتربول) لتسهيل عملية استردادها حال سرقتها وتهريبها إلى الخارج."

وأحال وزير الأوقاف الواقعة إلى النيابة العامة، التي فتحت تحقيقا واستجوبت جميع العاملين بالمسجد.

وكان مسؤولو الآثار قد اكتشفوا السرقة أثناء حصر مقتنيات المسجد بعد الانتهاء من تصوير أحد الأفلام السينمائية يومي الخميس والجمعة داخل أروقة المسجد الأثري.

وانتقد محمد الكحلاوي، أمين عام اتحاد الأثريين العرب، إهمال الدولة في تأمين مثل هذه المناطق الأثرية بالشكل الذي يتناسب مع قيمتها التاريخية.

ووصف الكحلاوي ما حدث بالطامة الكبرى، مشيرا إلى أن أي مسجد أثري يتحول تلقائيا إلى "متحف مفتوح" يتوافد إليه السائحون، لذا يجب تثبيت كاميرات مراقبة وأبواب مصفحة لمنع سرقة الآثار.

وفي حديثه لبي بي سي، أعرب الكحلاوي، أستاذ العمارة والآثار الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة، عن دهشته من عدم تأمين آثار نادرة لا تقدر بثمن.

وتابع: "كيف يمكن للمرء أن يتخيل سرقة منبر بطول سبعة أمتار من مسجد قانيباي الرماح (يقع أمام مسجد الرفاعي) عام 2010، الذي يعد واحدا من أجمل المنابر في تاريخ العالم الإسلامي. ثم مؤخرا تسرق مشكاوات نادرة في نفس المنطقة، دون أن تتحرك الدولة لحماية ما تبقى من آثار!"

وأضاف: "مصر تمتلك أعظم مجموعة مشكاوات في العالم، ولكن للأسف فقدنا نصفها تقريبا في المتحف المصري بعد الثورة، ولا أمل في حماية ما تبقى من آثار، لأن هناك تجارة غير شرعية تحدث بصورة منتظمة."

وشهدت مصر العديد من عمليات سرقة الآثار خلال السنوات الأخيرة، لعل أبرزها اقتحام المتحف المصري، الذي يقع قرب ميدان التحرير بالقاهرة، أثناء ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011. وكذلك سرقة 18 قطعة أثرية من المتحف، من بينها تمثال مصنوع من الخشب المذهب للملك توت عنخ أمون تحمله إحدى الآلهة على رأسها، وأجزاء من تمثال آخر للملك توت وهو يصطاد السمك برمح.

كما تعرضت المقابر والآثار المصرية لعمليات نهب وسرقة على مدى سنوات. ويقول خبراء إنه من المستحيل معرفة عدد القطع الأثرية التي سرقت، حتى إن بعض القطع الأثرية تسرق قبل أن توثق أو يكشف عن وجودها، وإن العدد المعلن عنه دوليا لايتجاوز ثلث العدد الحقيقي.