"إيلاف" من سيدني: بلغ النجم العالمي شارل أزنافور عامه الـ92 فغدا أكبر المطربين سنّاً في العالم، وهو يقوم حتى اليوم بجولاتٍ غنائية عالمية، وأحدثها كانت يوم الثلاثاء الماضي في مدريد


صاحب المقطوعة الغنائية الرائعة (لا بوهيميا)، يكمل حياته رجلاً نحيفاً ومرحاً. لا يعير أهمية أكثر من اللازم لأي شئ. ولا يكترث لسنين عمره! فيقول شارل أزنافور "لا أبكي على عمر الشباب. وأفضل أن أضحك بدلاً من التباكي على شبابي المفقود". وعليه، فهو لا يحبذ وضع تأريخ محدد لإعتزاله موضحاً: "ليس لي حد ثابت، لهذا سأستمر لا أدري حتى متى. كل شئٍ جائز. إذا كنت لا أستطيع المشي، سأركب العربة الخاصة بالمعاقين. وإذا واجهت صعوبة في أن أتذكر الكلمات، سأستعين بطاولة وجهاز كمبيوتر محمول. وأنا لست أول من يفعل ذلك. لقد فعلها الشاعر البرازيلي فينيسيوس دي مورايس من قبل، لا بل بشكل أروع ما يكون".

ولا يرغب أزنافور، الذي أحيا حفلة غنائية يوم الثلاثاء الماضي في العاصمة الإسبانية مدريد ضمن جولته الموسيقية الأخيرة، التحدث عن أسرار ووصفات الشباب، رغم أنه يمتلك وصفة سحرية تجعله دائم الحيوية والنشاط، ورثها عن أسلافه الأرمن. وعرّف عنها بقوله: "مزاجي دائماً رائق. فأنا مقتنع بالحياة كما هي. أعيش يومي في سعادة، من دون أن أخطط أي شئ للمستقبل. ولا أشكو من عمري وأنا أفهم جميع الأجيال".


ويعتز المطرب الفرنسي ذي الأصول الأرمنية بكونه يمتلك جمهوراً من مختلف الأعمار. فيقول: هذا الأمر يُسعد جميع الفنانين، وينبغي عليهم تحقيق ذلك. أنه لخطأ كبير التركيز على جمهور من نفس الفئة العمرية للمطرب. وكبار السن هم أكثر من نتعظ منهم. لذلك، على الشباب التواصل مع هذه الفئة من الجمهور، وعلينا أن نتعلم ترك الأشياء جانباً، ولكن ليس كل شيء". وهو يشعر بالفخر أيضاً بالإنتماء إلى ثقافة تحترم كبار السن مشيراً إلى أن "هناك في أوروبا خط يفصل بين الذين يهمشون المسنين والذين يسمحون لهم بالإنخراط في المجتمع ويحترمونهم، ويعتني جيل الشباب بهم ويرعاهم".

وعندما سُئل عن شرور العالم، قال "يزعجني جداً أن أرى في الناس غياب الإنسانية. لا معنى أن نكون جميعنا على نفس الكوكب، والناس يتقاتلون فيما بينهم بسبب الإختلاف في الدين، رغم أنه في نهاية المطاف، ليس هناك سوى إلهٍ واحد لا غير. كان الناس في السابق يحاربون بعضهم البعض من أجل قطعة أرض، واليوم من أجل لا شيء". ويستطرد الفنان المخضرم قائلاً "المشكلة تكمن في تجاهل الثقافات الأخرى، رغم أننا نتعلم الكثير من الثقافات المختلفة. يجب أن نهنئ أنفسنا لهذا التواصل الثقافي، لا أن نتجاهله".


يُذكر أن "أزنافور" كتب عن الإبادة الجماعية للأرمن، وعن محرقة اليهود (الهولوكوست)، وعن حوادث المرور أيضاً "وكتبت عن الكثير من المواضيع". وهو يجيب على السؤال: "هل يمكن المزج بين الموضوعين الرئيسيين في الموسيقى، الرومانسي والإجتماعي؟" بأنه "ليست لدي الموهبة الكافية لذلك. لا يمكن مزج السياسة مع الحب". لكن هنالك بعض الأمور التي تحدث، مثل صعود الجبهة الوطنية في فرنسا أو أزمة اللاجئين، التي تدعوك للكتابة عنها. ويعلق على ذلك: "يمكنها أن تلهمني لكتابة أغنية. وربما ستكون وسيلة للتركيز على أمر مهم، كي لا ننسى أنه مهم. أنا أكتب في كل المواضيع، ولا توجد لدي محرمات. رغم أن الأولوية في برنامجي هو الحب، بالتأكيد، وإن لم يتفق معنا "أعتقد أن %12 فقط من أغنياتي تتحدث عن الحب".
ويوضح شارل أزنافور أن "هناك البعض من مؤلفي الأغاني، لا يكتبون غير الأغنيات المبتذلة. أؤلئك لا يدفعون الأمور إلى الأمام. والأمر سيان بالنسبة لي، إن كانت الأغنية روك أو كلاسيك. هناك نوعان، لا غير، من الموسيقى: الجيدة والسيئة".

نبذة
ولد شارل أزنافور في 22 مايس / آيار 1924. وهو مطرب ومؤلف أغاني، وممثل وناشط ودبلوماسي. كتب أكثر من 800 أغنية، وسجّل 1200 منها، وغنى بثماني لغات، وباع أكثر من 180 مليون نسخة. ووقف مغنياً أمام العديد من الرؤساء والملوك، بالإضافة إلى مشاركته في النشاطات الإنسانية. وعندما وقع الزلزال في العام 1988 في أرمينيا، أنشأ منظمة (أزنافور من أجل أرمينيا) الخيرية بمعية صديقه رجل الأعمال الثري ليفون سايان لدعم الناس والمناطق المنكوبة.