عندما اكتشف عدم وجود مدينة ترفيهية يمكن لابنته المعاقة أن تمرح فيها، قرر أب أمريكي من ولاية تكساس أن يبني واحدة.

وكان جوردون هارتمان يقضي عطلة مع أسرته، وأثناء خروجه من حوض السباحة كان يراقب ابنته مورغان البالغة من العمر 12 سنة وهي تحاول اللعب مع بعض الأطفال وتكون صداقات معهم، لكنهم غادروا حوض السباحة قبل أن يتحقق ذلك.

ورجح هارتمان أن الأطفال ابتعدوا عن ابنته لأنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع شخص معاق، إذ أن عمر مورغان العقلي لا يتجاوز خمس سنوات بسبب إصابتها بالتوحد.

ومن هنا بدأت فكرة بناء مدينة ترفيهية لذوي الاحتياجات الخاصة تداعب مخيلته.

وقال هارتمان إن "مورغان شابة رائعة، فعندما تلتقيها تبادرك بابتسامة، وغالبا ما تبدي استعدادا للعناق. لكننا في كثير من الأحيان لا نستطيع اصطحابها معنا إلى عدة أماكن."

وسأل الأب الأمريكي وزوجته ماغي غيرهما من الآباء والأمهات عن أفضل الأماكن التي يمكنهما أن يأخذا ابنتهما إليه حيث يمكنها أن تشعر بالارتياح ويشعر فيه المحيطون بها بالارتياح للتفاعل معها.

وقال والد مورغان: "في نهاية الأمر، أدركنا أن هذا المكان لا وجود له."

لذلك، قرر هارتمان قبل عشر سنوات أن يؤسس هذا المكان بنفسه، إذ كانت لديه شركة للتطوير العقاري باعها، ليؤسس جمعية غوردون هارتمان فاميلي، وهي مؤسسة غير هادفة للربح تستهدف دعم ذوي الاحتياجات الخاصة.

دولمة خيل
BBC
حاول هارتمان إزالة الفروق بين الأشخاص العاديين وذوي الاحتياجات الخاصة من خلال توفير ألعاب ملاهي بتجهيزات خاصة للمعاقين مثل دوامة الخيل

كما أعلن في ذلك العام تأسيس "أول مدينة ترفيهية لذوي الاحتياجات الخاصة في العالم."

وقال مؤسس المدينة الترفيهية الأولى من نوعها على مستوى العالم: "أردنا أن نبني مدينة ترفيهية حيث يستطيع الجميع، ذوي الاحتياجات الخاصة والأشخاص العاديون، اللعب."

وجمع هارتمان أطباء، أخصائيين نفسيين، وآباء وأمهات، أشخاص أصحاء، وآخرين معاقين للتشاور في الأمر ومعرفة أفضل طريقة لتنفيذه. وبالفعل بنيت المدينة على مساحة على مساحة 25 فدانا في منطقة صخرية غير مؤهلة في سان أنطونيو في ولاية تكساس.

وبلغت تكلفة المدينة، التي تحمل اسم "مورغان ووندرلاند"، حوالي 34 مليون دولار، وافتتحت عام 2010. وتحتوي الملاهي الخاصة التي أسست على يد الأب الأمريكي على لعبة دولاب الهواء، وملعب للأطفال، وقطار مصغر.

وكانت أغلب تعليقات الزائرين لهارتمان تشير إلى أنهم لم يذهبوا من قبل إلى مكان يتمتع بهذا القدر من الجاذبية.

كما أنشأ والد مورغان لعبة دوامة الخيل بها عربات مصممة لاستخدام المقاعد المدولبة تصعد وتهبط تزامنا مع الحيوانات.

وقال الأب إن مورغان كانت قلقة في بداية الأمر من ركوب هذه اللعبة، وأن الأمر استغرق حوالي ثلاث سنوات حتى ركبتها للمرة الأولى.

ودخل مدينة مورغان ووندرلاند الترفيهية حوالي مليون زائر منذ افتتاحها من 67 دولة و50 ولاية أمريكية. ويمثل المعاقون حوالي ثلث طاقم العمل هناك، كما أن الدخول مجانا لأي معاق.

وقال هارتمان: "أعتقد أن مورغان فتاة محظوظة لحصولها على الكثير مما تحتاج إليه، لذلك أردت ألا تكون التكلفة عائقا في طريق الآخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة تمنعهم عن الاستمتاع بالمدينة."

معاق على الأرجوحة بمقعد مدولب
BBC
جميع الألعاب والملاهي المائية مجهزة تجهيزات خاصة لاستخدام المعاقين

وأضاف: "نبدأ كل عام ونحن على علم بأننا سوف نخسر مليون دولار، ما يجعلنا في حاجة إلى تمويل وشراكات."

وتوسعت مدينة مورغان الترفيهية هذا العام بإنشاء "مورجان إنسبايرايشن أيلاند"، وهو ملاهي مائية مجهزة للمعاقين.

وقال مؤسس ملاهي المعاقين: "كان عدد الزائرين يتراجع في يوليو لارتفاع درجة حرارة المقاعد المدولبة إلى حد لا يطاق، لذلك قررنا إنشاء ملاهي مائية بجوار مدينتنا."

وتستخدم المياه الدافئة في جزء من الملاهي المائية لعلاج من يعانون من مشكلات في العضلات، إضافة إلى توفير مقاعد مدولبة مضادة للمياه والتي تعمل بضغط المياه بدلا من البطاريات.

وهناك أيضا قارب للتنزه في الملاهي المائية، التي تكلف بناؤها 17 مليون دولار، وهو أيضا لاستخدام المعاقين أيضا.

وقال مؤسس المدينة أن ثلاثة من كل أربع زائرين للمكان لا يعانون من الإعاقة، مؤكدا أن الملاهي العادية والمائية نجحت في توصيل رسالة للزائرين تشير إلى: "رغم اختلافنا بطريقة أو بأخرى، كلنا في نهاية الأمر شيء واحد."

ووصف بعض المشاهد التي تدلل على كلامه، قائلا: "رأيت فتاة على مقعد مدولب، وأخرى لا تعاني من الإعاقة تلعبان معا، يا له من أمر لطيف."

ولا يعتزم هارتمان إنشاء المزيد من المدن الترفيهية والملاهي رغم استقباله الكثير من الخطابات التي تطالب بإنشاء مدن ترفيهية وملاهي بتجهيزات خاصة في مناطق أخرى، لكنه يعتزم إنشاء مؤسسات تعليمية للمراهقين من ذوي الاحتياجات الخاصة في سان أنطونيو.

ملاهي مائية
BBC
جهزت الملاهي المائية بخطوط مياه دافئة لعلاج من يعنون من مشكلات في العضلات

وأكد أنه يدعم مؤسسات أخرى تحاول بناء مدن ترفيهية على غرار مورغان ووندرلاند في مناطق أخرى.

ولا يزال هارتمان يصطحب ابنته مورغان للعب في المدينة الترفيهية التي أصبحت تتمتع فيها بشعبية النجوم بين الزائرين.

ويقول الأب الأمريكي: "عندما تأتي إلى هنا تتحول إلى نجمة روك، الكثيرون يريدون التحدث إليها وألتقاط صورا معها، وهو ما يشعرها بالسعادة."

وأصبحت مورغان في الوقت الحالي في الثالثة والعشرين، ولا تزال تكستب المزيد من القوة بمرور الوقت.

ويقول والدها: "أصبحت تتحدث أكثر مع الآخرين، وأغلب المشكلات الصحية التي كانت تعاني منها انتهت بعد أن خضعت لعدد من الجراحات. ونحن فخورون بما وصلت إليه."

وبينما تذهب مورغان إلى المدينة الخاصة للملاهي التي أنشأها والدها بسبب إعاقتها وتلعب وتلهو بسعادة على الأرجوحات والملعب الرملي، لا تدرك القدر الكبير من المساعدة والدعم الذي منحته لآخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأَضاف هارتمان: "مورغان تعلم أن المدينة الترفيهية تحمل اسمها، لكنها لا تدرك مدى ما وفرته من دعم هائل أدى إلى تغيير حياة الكثيرين."

وتابع: "وهي أيضا لا تدرك كيف تعاملات مع الحياة، ما جعلها مصدرا حقيقيا للإلهام."