"إيلاف" من بيروت: ضجّ الإعلام اللبناني بخبرٍ فني مفرح عن فوز فيلم المخرج اللبنانين #زياد_دويري "The insult" في مهرجان البندقية السينمائي، فعاد المبدع إلى وطنه الأم متوقعا استقبالاً يليق بإنجازه الذي يجب أن يحسب لبلده وينال تكريماً عليه، فكانت المفاجأة باستقبالٍ مميّز من نوعٍ آخر سرق منه فرحة إنجازه!
نعم، وبكل بساطة، تم توقيفه في مطار رفيق الحريري الدولي وجُرِّد من جوازي سفره اللبناني والفرنسي واستدعي إلى المحكمة للمثول أمامها بقضيةٍ سابقة، بدلاً من السير على سجادة حمراء تقديراً لعطائه! 

وهو ما أكده "الدويري" في حديثه للصحافة بُعيد خروجه من المطار، مضيفاً أنه تم إبلاغه من قبل قوى الأمن بأنه يجب أن يحضر إلى المحكمة العسكرية بناء على دعوى رُفعت ضده في شهر يونيو الماضي، رغم أنه قصد لبنان مراراً في السابق ولم يتم توقيفه!
ولقد تحدث صبيحة اليوم إبان خروجه من المحكمة العسكرية مؤكداً على أن "عناصر الدولة تصرّفوا معه بلياقة وأدب، مشيراً إلى أنه مستاء من بعض الأشخاص الذين يحاربونه منذ سنوات ولديهم أجندة خاصّة. وقال: "هناك من يحاول وقف عرض فيلمي الجديد "قضية 23" في لبنان وأعتقد ان الفيلم قانوني وله قوّته لكن، رسالته لم تعجب بعض الفرقاء. فلندع المجتمع اللبناني يقرّر مستوى ونوعيّة هذا الفيلم".


وفيما شدّد الدويري على أن المحكمة العسكرية رأت أن لا نيّة جرمية في ما يخص فيلم "الصدمة". لا بد من التذكير بتصريحاته القديمة تعليقاً على الجدل الذي أثير حوله. حيث سبق له وأعلن أنه بعث برسالة إلى مخابرات الجيش أعلمهم فيها بأنه ذاهب إلى إسرائيل "كي لا يظنوا بانه يتعامل معهم"، لافتاً إلى أنه "تمت مشاهدة الفيلم من قبل لجنة الرقابة التابعة للأمن العام التي لم تعثر على أي مشهد "يضر بالقضية الفلسطينية". كما أنه سبق وصرّح عبر برنامج "استوديو بيروت" على قناة "العربية" بأنه عرض أفلاماً فلسطينية في لبنان يمثل فيها فنانون إسرائيليون ومن تمويل إسرائيلي ولم يتم منع هذه الأفلام. كما أن وزارة الثقافة قد اختارت فيلمه لتمثيل لبنان في مسابقة جوائز "الاوسكار".


يُذكر أن قضية توقيفه قد تفاعلت سياسياً وشعبيا عل حدٍ سواء. وعلى قاعدة "يا فرحة ما تمت" عبّر رواد مواقع التواصل الإجتماعي عن غضبهم إزاء هذا التصرف، حيث احتل الوسم #زياد_دويري المرتبة الأولى في قائمة المواضيع الأكثر متابعة على "تويتر" في لبنان طيلة النهار. فيما علّق العديد من السياسيين على الموضوع مستنكرين معاملته بهذا السوء بدلاً من تكريمه على فوز بطل الفيلم الممثل الفلسطيني كامل الباشا بجائزة أفضل ممثل في هذا المهرجان.

فيما يلي بعض التغريدات اللافتة من أهل السياسة والفن والإعلام ورواد مواقع التواصل الذين استنكروا بمعظمهم ما حدث مشيرين إلى أنه كان يجب أن يُستقبل بحفاوة وتكريم. فيما قارن بعضهم آسفاً بين ترحيل إرهابيي داعش الذين اغتالوا العسكريين اللبنانيين وبين محاكمة "دويري" على تصوير فيلم، مع التشديد على أن الفن لا علاقة له بالسياسة وزواريبها.

أما بعد، فلقد نسي مؤيدو توقيفه أن الفيلم الفائز ينتصر للعلاقة الإنسانية الطيبة بين اللبنانيين والفلسطينيين، ونسيوا أن الفائز بجائزته هو فنان فلسطيني! والنتيجة، لقد سرق لبنان فرحة المبدع زياد دويري بعد فوز فيلمه بمهرجان البندقية السينمائي بفضل الإنقسام العبثي بمفاهيم اللبنانيين حول تقييم العمل الفني، وتبعاً لتضارب تصنيفاتهم بين وطني وعربي وعميل! فإلى متى سيجلد هذا الوطن مبدعيه بدلاً من تكريمهم؟!