"إيلاف" من القاهرة:&إرتبط الرقص الشرقي بالفنانات العربيات، وكانت مصر قبلتهنّ لتعلّم أصول المهنة من الراقصات المصريات المحترفات اللواتي سلّمن راية هذا الفن الواحدة إلى الأخرى، على مدار عقودٍ طويلة من الزمن. بدءاً&من شفيقة القبطية وشوق، مرورًا بسامية جمال وتحية كاريوكا وسهير زكي وزينات علوي، وصولًا إلى دينا وفيفي عبده ولوسي وغيرهنّ ممن كنّ علامات بارزة على ساحة الرقص. لكن الوضع اليوم قد تغيّر، حيث&صارت الراقصة الروسية والأوكرانية وحتى الأميركية تنافس العربية في رزقها على المسارح وفي الملاهي الليلية.

أما&اليوم، ومع اعتزال فيفي عبده الرقص وانشغال دينا بالتمثيل بجوار الرقص، واكتفاء لوسي بالرقص في الملهى الخاص الذي تملكه مع زوجها، أصبح من النادر جداً أن تجد في اللافتات الدعائية إسماً لراقصة مصرية في شارع الهرم، باستثناء لوسي التي تتصدر صورتها الملهى الخاص بها.
ولقد&اعتزلت دينا الرقص في هذه الأماكن لتبقي الباب مفتوحاً أمام عدد محدود من الراقصات المصريات لا يحظين بشهرة في مقابل العديد من الأسماء لراقصات مع إبراز جنسيتهن أولا ما بين الروسية والأوكرانية والأوروبية.

لوسي
الراقصة المصرية لوسي قالت أن سبب الشهرة التي تحظى بها بعض الراقصات الأجانب في مصر هو اعتمادهن على الترويج لأنفسهن بشكلٍ كبير واحترافي للغاية عبر مواقع التواصل الإجتماعي، بالإضافة إلى قلة الأجور اللاتي يحصلن عليها مقارنة بالراقصات المصريات. فضلاً عن جرأتهن في إمكانية الرقص باللباس المكشوف(البيكيني)&على العكس من الراقصة المصرية التي تحافظ على حشتمها حتى خلال ارتدائها بدلة الرقص.
وأضافت أن&الإهتمام بالراقصات الأجنبيات يأتي بنتيجة الهوس بعقدة الخواجة في حياتنا بشكلٍ عام، في الوقت الذي يفضل فيه الأجانب الإستفادة من المميزات التي لدينا وتجنب السلبيات. لافتة إلى أنها لا تشعر بالضيق من كثرة انتشار الراقصات الروسيات والأوكرانيات. لأن كل راقصة تقوم بسداد ضرائب ويعمل خلفها 20 مصري على الأقل، وبالتالي، فهي لا تعترض على وجودهم.

وأكدت أن السينما المصرية اعتمدت طوال عمرها على "الكومبارس" الأجانب وظهرت فيها الراقصات الأجنبيات بعدة أفلام.&لكن الوضع الآن أصبح مرتبطاً بالأجور أيضاً.&فعندما يفكر المنتج بالإستعانة بأسماء مصرية معروفة، فهو يعرف أن أجورهن كبيرة. وهو في النهاية، سيحتاج إلى راقصة بأقل سعر، وبالتالي، سيفضل الراقصة صاحبة الأجر الأقل. فهناك منهن من تشارك بأجورٍ زهيدة للغاية، لرغبتها في التواجد والترويج لنفسها فقط. على العكس من الراقصة المصرية التي تسعى للحفاظ&على مكانتها والأجر الذي تتقاضاه.

هذا&وأرجعت انتشارهن بالأفراح وحفلات الساحل الشمالي لأجورهن القليلة أيضاً، مقارنةً بالراقصات المصريات. بالإضافة إلى أن الجمهور الذي يحضر في هذه الأجواء لا يركز على احترافية الرقص بقدر ما يريد وجود راقصة تقوم بـ"هز وسطها" فقط..

ولفتت إلى&&أن الروسيات والأوكرانيات لم يحققن انتشاراً في الرقص فقط، بل&أيضا في مجال التدريب على الرقص. فهن أصبحن مدربات. الأمر الذي يمكن ملاحظته في مدارس الرقص الشرقي حول العالم، وليس في مصر فقط.. وأشارت&إلى أنه بالرغم من وجود راقصات تبرعنَ&بأداء الرقص الشرقي، لكنهم،&يقدمن بعض الحركات الدخيلة عليه.

أما عن توقعاتها لمستقبل الراقصات المصريات أو الأجنبيات، فرأت أن هناك متغيرات عديدة تجري خلال الفترة الحالية. لافتة إلى ما حدث مع الراقصة التي انتشرت لها مقاطع فيديو وهي ترقص دون ملابس داخلية، الأمر الذي&جعلها نجمة بملايين المشاهد الإلكترونية، بالرغم من أنها لا تجيد الرقص الشرقي.

دينا
تقول الفنانة الإستعراضية دينا أن قدوم الروسيات والأوكرانيات وغيرهن من الراقصات الراغبات في احتراف الرقص الشرقي إلى مصر، يعتبر أمراً طبيعياً، لأن مصر هي بلد الرقص الشرقي. وهي التي&صدرته للعالم. ومن الطبيعي أن تتواجدهن فيه سواء جئن للتعلم والاقامة أو التعلم والسفر إلى بلادهن بحسب فرصة كل منهن.
وأضافت أنها تقوم بتدريب راقصات من مختلف الجنسيات خارج مصر وتلمس فيهن عشقهن للرقص الشرقي. لافتة إلى أنه لا يوجد مجال للمنافسة بين الراقصات الأجنبيات اللاتي يجئن لمصر ويحترفن&الرقص الشرقي، وبين الراقصات المصريات اللاتي تراجعت اعدادهن بشدة حتى اقتربن من الإختفاء.

وأشارت إلى أن الأزمة في الوقت الحالي مرتبطة بالنظرة المجتمعية للراقصة في الشارع، وعدم تقبل الناس لها بالرغم من تقبلهم مشاهدة الرقص بشكلٍ اعتيادي. مؤكدة على أنها استطاعت مواجهة المجتمع، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع الراقصات قادرات مثلها على هذه الخطوة خاصة في بداية حياتهن.

وأكدت أن الأزمة في الوقت الحالي لن تستمر طويلاً وسيكون المستقبل للراقصات المصريات المحترفات اللواتي يجدن للرقص الشرقي بحرفية عالية.&لافتة إلى&انعدام المنافسة بينهن وبين الأجنبيات حالياً بسبب قلة عددهن.

حبيب
السيناريست وعضو لجنة تحكيم برنامج الراقصة تامر حبيب أرجع تصدر الراقصات الأجنبيات&للمشهد لقلة عدد الراقصات المصريات في الوقت الحالي.&وهو ما يربطه أيضاً بالشكل الذي أصبح عليه المجتمع المصري والنظرة الأخلاقية للراقصة الشرقية التي تتضمن أحكاماً قاسية عليها. خاصةً مع&طبيعة عملها الليلي&وبدلة الرقص التي ترتديها، وعملها في أماكن تسمح بتناول المشروبات الكحولية.

وأضاف&أن المجتمع المصري في الوقت الحالي أصبح أكثر انغلاقاً، وأحكامه أشد قسوة على الراقصة. الأمر الذي انعكس بتراجع عدد الراقصات فيه. مشيراً إلى أن مصر تُعتبَر وجهة الرقص الشرقي لأي فتاة تحلم باحترافه.&خاصة وأن الراقصات الأجنبيات يتعاملن مع الأمر بجدية شديدة ويقمن بدراسة الرقص الشرقي ومبادئه بشكلٍ جيد..

وأكد على أن زيادة عدد الراقصات يرتبط بتغيّر النظرة المجتمعية للراقصة في الوقت الحالي. فبالرغم من وجود مواهب شابة في الرقص، إلا أنها بحاجة لبعض الوقت من أجل إثبات نفسها ونيل مكانتها على الساحة. مشيراً إلى أن تواجد أعداد من الراقصات الأجنبيات لا يعني غزواً منهن لمصر، لأن الراقصة المصرية مازالت موجودة.

ولفت إلى أن التنافس بين الراقصات لاينحسر مع الأجنبيات. بل&هناك منافسة بين المصريات أنفسهن.&وقال أن الراقصة&صوفينار على سبيل المثال عرفها الجمهور بسبب الجرأة والإثارة التي ظهرت بها،&وهو ما ينطبق على أخريات&نجحن مع الجمهور، لكنهن بالحقيقة، لسن&راقصات ماهرات.

وفسّر&استعانة بعض المنتجين بالراقصات الأجنبيات في أفلامهن على حساب الراقصات المصريات إلى اعتماد عدد من هذه الأفلام على الإثارة بشكلٍ أكبر من الرقص، وبالتالي، سيتم تفضيل الراقصة الأجنبية التي تكون ملابسها ربما أكثر جرأة.

درويش
يقول يوسف درويش أحد منظمي الحفلات في القاهرة والساحل أن الراقصات المصريات عددهن محدود وأحياناً يطلبن مبالغ أكبر من الراقصات الأجنبيات صاحبات الشهرة. بالإضافة إلى أن الجمهور المصري والعربي المستهدف من هذه الحفلات يدفع تذكرة للدخول ويهتم بالحضور، لأنه يعرف بوجود الراقصات الأجنبيات، ويحب مشاهدتهن وهن يرقصن شرقي.

وأضاف أن فكرة الإستعانة براقصة شهيرة مصرية مثل دينا على سبيل المثال، تعني&أن تكلفة الحفل ستزيد بشكلٍ كبير. لكن السؤال بالنسبة لأي متعهد حفلات: هل وجود دينا في حفلٍ بسيط يعتمد على DJ&أو على مطربين شباب يجذبون الجمهور سيُغطي&تكلفة الأجر الذي تتقاضاه؟ وهل سيُحقق وجودها&عائداً لربح المنظم؟ الإجابة بالتأكيد لا.

ولفت إلى أن اسم الراقصة الأجنبية يكون أكثر جذباً في الدعاية من اسم الراقصة المصرية، طالما أنها ليست راقصة شهيرة وتتمتع بشهرةٍ كبيرة مثل لوسي أو دينا. مؤكداً على أن الإستعانة بالراقصات الشهيرات أمثال لوسي ودينا يكون في حفلات النجوم الكبار حتى يتمكن من تحمّل أجورهن.

وأشار إلى أن الجمهور سيكون أكثر حرصاً على مشاهدة الراقصة الأجنبية خلال وصلتها من نظيرتها المصرية، بالإضافة إلى قلة المشاكل التي تحدث من الراقصات الأجنبيات وقدرتهن على تقديم أكثر من وصلة استعراضية، بأكثر من مكان في نفس الليلة. الأمر الذي يحقق عائداً مرضياً لهن، بأجورٍ&مناسبة لمنظمي الحفلات، على العكس من الراقصات المصريات الشهيرات اللاتي يفضلن التواجد في حفلة واحدة أو إثنين على الأكثر في الليلة الواحدة.