يتجه سكان العالم نحو كارثة كبيرة بفعل ما تبثه المصانع من غازات سامة.

اعتدال سلامه من برلين: يعتبر غاز ثاني اكسيد الكربون المنبعث في العالم هو السبب الاكبر والاهم لتغيرات المناخ، ومنذ انعقاد مؤتمر ريو اواخر القرن الماضي ارتفعت الكميات المنبعثة من هذا الغاز بما يقرب من الثلث لتصل الى حوالي 30 مليار طن سنويا. وحتى الدول الصناعية الغربية التي التزمت بكل المعاهدات التي عقدت منها معاهدة
الغازات السامة كارثة بيئة ماثلة
كيوتو بتحديد كميات الغاز العادم، زادت كمية الغاز المنبعث منذ عام 1990، بشكل طفيف ، لكن ذلك لا يعود الى التزام هذه البلدان بل الى الانهيار الاقتصادي لدول المعسكر الشرقي سابقا، وما نجم عن ذلك من انخفاض لكمية الغازات المنبعثة، فيما حققت مجموعة كيوتو خفضا خجولا لكمية الغازات السامة المنبعثة لديها.

وحسب تقرير منظمة جرمان واتش في المانيا ليس من المبالغة القول إن الانسانية تتجه حاليا نحو كارثة مناخية عالمية، ستكون كارثة تطغى على كل شيء آخر اذا ما استمر ارتفاع نسب الغازات العادمة بسبب السياسة البيئة التي تتبعها بلدان كثيرة وفي مقدمتها الدول الصناعية. فالخسائر التي تنتج من الازمات المالية والاقتصادية يمكن تجاوزها يوما ما بطريقة او باخرى، اما اذا اختل توازن النظام المناخي مرة واحدة، فان الأضرار ستكون مهولة وغير قابلة للتجاوز او الاصلاح في اي زمن.

ولكن، اذا كانت المخاطر كبيرة الى هذا الحد، فلماذا لا تتم مواجهتها بشكل فعال يتناسب مع خطورة الحال؟

الجواب سهل للغاية من حيث المبدأ حسب التقرير، فالسبب ليس هو لغز مواجهة تحول المناخ من الناحية التقنية البحتة، اذ ان الاستعمال الاكثر فعالية للطاقة واستبدال مصادر الطاقة التقليدية باخرى متجددة وتغيير اسلوب الحياة، كلها مفاتيح لهذا اللغز المعروف للجميع. بينما المشكلة هي في ان هذه المفاتيح لم يتم حتى الان استخدامها بالشكل الصحيح، او لم تستخدم مطلقا وفي ان التحديات تبدو فوق طاقة الانسان وبالتالي لم يمكن الاتفاق حتى الان على رسم دور وحجم مساهمة كل انسان في مواجهتها.

ويضيف التقرير، يتفق العلماء وباحثو المناخ على ان ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين فقط هو امر يمكن تحمل تبعاته، بل ان الدرجتين الان اصبح حلم بلدان كثيرة ، واذ كان لهذا الحلم ان يتحقق فإنه لا يسمح للانسان حتى عام 2050 باستخدام اكثر من ربع المخزون المؤكد والاحتياطي الاقتصادي من مصادر الطاقة التقليدية المعروفة، الامر الذي سيشكل مهمة جبارة تتطلب سيطرة كبيرة غير مسبوقة على الذات. وبصريح العبارة: خلال العقود الاربعة القادمة سيكون لدى البشرية موازنة تقدر ب 750 مليار طن من غاز ثاني اكسيد الكربون يجب عدم تخطيها. ووقف معدل كمية الغازات المنبعثة حاليا فانه هذه الكمية سوف تستهلك في وقت يزيد قليلا عن نصف هذه المدة.

وتحدث التقرير عن الخلافات على توزيع الاعباء فقال في الحوار المعلن يجري تعريف سياسات الضرورات المناخية على انها تدور بشكل اساسي حول التخلي عن امور وخدمات، ولكن في الحقيقة تدور حول استيعاب فرص اقتحام عصر الاقتصاديات الصديقة للبيئة. فالدول الصناعية بما فيها الولايات المتحدة هي المسؤولة اليوم عن حوالى نصف كمية الغازات المنبعثة، وحتى اذا اوقفت انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون كليا فان الوصول الى هدف الدرجتين المئويتين غير مؤكد، حيث ان الكميات المنبعثة من الدول النامية ومن تلك السائرة في طريق النمو في تزايد مستمر. لهذا فان هذا الهدف ممكن تحقيقه فقط اذا تعاونت الدول ذات التعداد السكاني الكبير مثل الصين والهند وايضا الولايات المتحدة وروسيا. فمتوسط انبعاث غاز ثاني اكسيد الكربون في الصين للشخص الواحد يصل الى 4،3 أطنان سنويا وفي المانيا عشرة اطنان، بالاضافة الى ذلك فان الدول الصناعية اليوم التي تشكل بالكاد 20 في المائة من سكان العالم هي المسؤولة عن ثلاثة ارباع كمية غاز ثاني اكسيد الفحم المنبعث من غلاف الجوي منذ الثورة الصناعية، بينما تكاد غالبية الدول الفقيرة تسبب اضرارا للبيئة.

ويتابع التقرير، اذا مواجهة تغيرات المناخ على علاقة وثيقة بالعدالة، فاذا كان لكل انسان الحق نفسه في استخدام الغلاف الجوي ويحاسب على ما سببه من انبعاثات فان الدول الصناعية قد جمعت حتى الان ديونا مناخية هائلة تجاه دول الجنوب، ولا يتوجب عليها تسديد هذه الديون فحسب، وانما عليها ايضا ان تكون الرائدة والسباقة في تخفيض الغازات العادمة في اسرع وقت ممكن، حيث ان كل تأجيل سوف يزيد من صعوبة تخفيض كمية هذه الغازات اذا كان بالفعل مقدرا لهدف حصر ارتفاع درجات الحرارة بالدرجتين المئويتين ان يتحقق.