بلغ quot;التدمير المبرمجquot; للشعب المرجانية حدا لا يطاق في الجزائر، ويعزو مهنيون وخبراء لــإيلاف، هذا التدمير إلى أشخاص همهم الوحيد تحقيق الربح السهل، حتى وإن كان ذلك على حساب ابتلاع الرصيف المرجاني المحلي.

كامل الشيرازي من الجزائر: تفيد بيانات رسمية أنّ آلة الاستنزاف طالت آلاف الكيلوغرامات من الشعب المرجانية خلال السنوات السبع الأخيرة، رغم صدور مرسوم حكومي ينص على حظر استغلال الحقول المرجانية في الجزائر، إلاّ أنّ من تُنعت quot;عصابات التهريبquot; لم تبالي بالفيتو الرسمي، ولا تزال ماضية في حملاتها، رغم كل الوعيد الذي أطلقته الجهات الرسمية للنيل من هؤلاء المتربصين.

وفيما يلاحظ quot;محمد حجاجquot; أنّ المرجان لا يزال quot;ثروة هشةquot; رغم قيمته العالية، يسجل الصيادان quot;سيد علي بوبنةquot; وquot;كريم حميسيquot; إنّ فرقا يصفانها بـquot;المافيوزيةquot; تعتمد في مخططاتها على عتاد لوجستي متطور، ولا تتردد عن توظيف صنوف من التمويهات والاحتيالات، كتظاهر ناشطيها برعي الماشية للسطو على هذا الحيوان البحري الذي يتم تحويله بطرق ملتوية إلى دول الجوار لا سيما تونس، انطلاقا من منطقة القالة (700 كلم شرقي الجزائر).

ويقول quot;عبد الله خنافوquot; الوزير الجزائري للصيد البحري والموارد الصيدية، إنّ بلاده حفظت الدرس جيدا لذا شدّدت تدابير حماية المرجان منذ أشهر، كما أقرّت عملية تنقيب موسّعة عن الثروة المرجانية التي تزخر بها المياه الساحلية الجزائرية الممتدّة على نحو 1200 كيلومتر.

ويجزم المسؤول الأول عن قطاع الصيد البحري في الجزائر إنّ بلاده غير جاهزة لصيد المرجان، ويعزو ذلك إلى الوضع الراهن للموارد الوطنية الخاصة بالمرجان، ما يجعل الجزائر ليست مستعدة لاستئناف صيد هذا الكنز الثمين الذي ظلّ عرضة للاستنزاف والتهريب منذ عدة سنوات، علما انّ الجزائر ظلت المنتج الأول للمرجان الأحمر بحوض المتوسط.

ويذكّر خنافو بأنّه في أيلول/ سبتمبر 2005، كلّفت الحكومة الجزائرية مجمعا فرنسيا بإعداد دراسة حول وضعية نوعية وكمية المرجان بالجزائر، قبل اقتراح مخطط لتسيير هذا المورد، مصنّفا منع الجزائر صيد هذا المعدن الأحمر للعام الخامس على التوالي، بحتمية حماية هذا المورد.

وجرى استرجاع ثلاثمائة كيلوغرام خلال العشرة أشهر الأولى من العام الحالي، بيد أنّ شبح quot;لصوص المرجانquot; يبقى قائما في ظلّ عجز فرق الرقابة عن الحيلولة دون تهريب الذهب الأحمر الذي يسيل لعاب مجموعات احترفت تحويله.

ويسجل quot;نجيم كايليquot; أنّ بعض أصحاب المركبات البحرية لا يترددون في المغامرة من خلال تنظيم خرجات في البحر، واستعمال الصليب الإسمنتي للاستيلاء على هذه الثروة البحرية.

ويحيل quot;الطاهر محمدquot; أحد قدامى الصيادين إلى خطورة هذه الوضعية، خاصة وأنّ الأمر صار لا يتوقف عند حدود المرجان فحسب، بل امتدّ ليشمل السمك الكبير الذي أصبح نادرا خلال الفترة الأخيرة، على منوال السردين الذي انخفض ndash; بحسب quot;زبير سعيديquot; - بستة أطنان يوميا أي ما يمثل 20 بالمائة مقارنة بسنتي 2009 و2010، ويؤيد quot;فاتح لباديquot; الذي ينشط في ميدان الصيد منذ ربع قرن، ما قاله سعيدي، إذ يلفت إلى أنّ ما يجري اصطياده جد قليل، ويرجع ذلك إلى ما ترتب عن تلويث البقع النفطية لسواحل البلاد، فضلا عن الظروف الجوية واستمرار فريق من الصيادين في الصيد بواسطة quot;الديناميتquot; رغم كون ذلك محظور وله تبعات وخيمة على الثروة السمكية.

ويطالب جمهور أرباب الصيد وأصحاب سفن الصيد والبحّارة إلى تدعيم الرقابة لوقف النزيف، خاصة وأن ذلك ينعكس سلبا على مجموعة الأحياء البحرية حيث تعيش أنواع عديدة من الأسماك التي تتغذى على عوالق المرجان.

في السياق ذاته، يركّز quot;رشيد حرابيquot; صاحب الباع الطويل في الصيد، على ضرورة تسخير كل ما هو متاح من أجل إيقاف نزيف يهد بفرملة منظومة الصيد بكاملها، ومن شأنه إهدار الثروة البحرية النباتية والسمكية، خصوصا هدية بحرية بوزن المرجان الذي لا يقدر بثمن، وعليه يتعيّن إحباط نشاط مهربي هذه الثروة.

وبعد أن ظلت مهملة لفترات طويلة، مكّن استطلاع 36 موقعا من جمع 240 مجموعة من المرجان الأحمر تزن 19 كيلوغراما، ويتعلق الأمر بعينات ذات جودة في صورة مجوفات ونباتات بحرية، ومن المتوقع دراسة العينات المكتشفة بغية تحديد العناصر العلمية الكفيلة باعطاء معلومات حول الميزات والخصائص البيولوجية التي يتمتع بها المرجان الجزائري، على درب تحديد طرق وآليات استغلال الحقول المرجانية.