يستعين خبراء متفجرات أوربيون بالجرذان لتدريبها على الكشف عن الالغام الأرضية التي سببتها الحروب.


اعتدال سلامه من برلين: من المعروف ان الجرذان كما الفئران تلعب دورا مهما في البحوث العلمية، لكن ان تكون منقذا للالاف من البشر فهذا امر يبدو غريبا لاول وهلة، الا ان خبراء متفجرات المان وبلجيكيين يستعينون حقا بهذا الحيوان، حيث يتم تدريبه من اجل الاستهداء الى الالغام الارضية التي زرعت خلال الحروب الاهلية في العدد من البلدان الافريقية من اجل ازالة دون تفجيرها، وبذلك يمكن حماية البيئة من اضرار المواد المتفجرة التي ثبت بانها احد اهم العناصر التي تلحق التلوث بالطبيعة والتربة.

وتقوم بهذا العمل مؤسسة اوبوبو الانسانية المتخصصة في ازالة الالغام الارضية في افريقيا، ويقول احد العاملين فيها، منذ عام 2000 تم تأسيس محطة ابحاث في تنزانيا، وفي الوقت الحاضر يعمل فيها حوالي 40 شخصا يقومون بتدريب مائة جرذ، و كل مدرب من هؤلاء يعمل بشكل شخصي مع الجرذان، من اجل زيادة الثقة.

وفكرة الاستعانة بالجرذان لاكتشاف الالغام الارضية جاءت من خلال البحث عن جهاز استشعار لاكتشاف الالغام تكون كلفته قليلة وفعالا في الوقت نفسه ولكن يمكنه بالدرجة الاولى اكتشاف الالغام المعدنية والبلاستيكية على حد سواء، فالمتفجرات في هذا النوع من الالغام تسبب تلوثا للهواء بدرجة عالية.

ورغم الابحاث الكثيرة التي اجريت الا ان التقينة الوحيدة التي توفرت هي توظيف الكلاب التي يجب شراؤها ايضا وبمبالغ عالية، لذا جاءت المؤسسة على فكرة الاستعانة بالجرذان الافريقية الكبيرة الحجم التي يمكن ان تعيش حتى الثماني سنوات وهي منتشرة في جنوب الصحراء الافريقية، ويصل وزنها حتى الثلاثة كلغ.

وميزة هذا النوع من الجرذان انه يخزن طعامه تحت الارض ويعثر عليها لاحقا من خلال حاسة شم متطورة للغاية عنده، وهي الحاسة التي تعتبر مثالية لاكتشاف الالغام الارضية، كما ان هذه الجرذان اثبتت من خلال الابحاث انها تملك امكانيات كبيرة لاكتشاف الالغام بسبب حاسة الشم القوية جدا وامكانية ترويضها وسهولة تدريبها. اضافة الى صغر حجمها ورخص ثمنها وامكانية نقلها بسرعة من مكان الى اخر. وتملك ايضا سرعة فائقة في التأقلم مع اي بيئة جديدة. والمميز لديها انه لا ترفض اعادة اداء الوظائف التي تتدرب عليها وتتقنها.

والى جانب هذه الخصائص فان هذا النوع يمشي دائما وانفه ملامس للارض، وهي وضعية مناسبة حيث ان تركيز مادة المتفجرات تكون دائما في اعلى اللغم، ونتيجة لخفة وزنه فان مروره فوق الالغام لن يؤدي الى تفجيرها، وعندما يكتشف احد الالغام فانه يقوم بحك او قضم التربة، عنده يعرف خبراء المتفجرات مكان اللغم، فيمشى في الخط الذي سلكه الجرذان ويزيل بكل هدوء اللعم ومن دون ان ينفجر.

ولدى هذه الجراذين القدرة على مسح مساحة تصل الى مائة متر خلال عشرين دقيقة، لكن هذه السرعة تختلف من مكان الى اخرى وحسب تربة الحقل الذي زرعت فيه الالغام وطبيعة الالغام نفسها.

واثناء عمليات التدريب تكافئ الجراذين على كل عمل تقوم به بقضمة من الموز، او عدة وجبات من القول السوداني، والتدريب نفسه يبدأ عندما تصل الى عمر الستة اشهر، حيث توضع في قنوات زجاجية تشتمل كل واحدة منها على ثقبين، الاول يحتوى على المتفجرات والثاني على مواد محايدة غير ضارة، وعندما يقوم اي جرذان بخدش الثقب الذي يحتوي على المتفجرات فان المدرب يدق على الزجاج بمضرب كريكيت ويعطيه كمكافئة بعض الطعام. بعدها يوضع في قنوات زجاجية اطول واطول، وتحتوي على ثقوب كثيرة تشتمل على انواع مختلفة من المتفجرات وخلطات متنوعة في القوة.

وبعد مرور ستة اسابيع تقريبا يتنقل التدريب الى الخارج، حيث يتم استخدام كريات معدنية مثقبة التي تستخدم في اعداد الشاي، وتملا بمتفجرات وتدفن في الارض، ومن ثم تطلق الجراذين للبحث عنها، وكلما اكتشف جرذان احدى هذا الكريات تتم مكافئته بالموز او بالفول السوادني.

وفي المرحلة الاخيرة ياتي الامتحان quot; الاعمىquot; حسب تسمية المدربين، حيث لا يعلم المدرب مكان اللغم، واين وضعت كريات الشاي المثقوبة، وعندما تعثر الجراذين على مكان المتفجرات فان التدريب في هذه الحالة يكون قد وصل الى نهايته، ويمكن ايكال مهمة البحث عن الالغام الارضية الى quot; الجنود الجددquot;.