يهدد التطور العمراني والظروف البيئية القاسيةفي العراق عدد من الحيوانات بالانقراض.

وسيم باسم من النجف: على رغم الزحف العمراني وانحسار الأراضي الخضراء والبساتين والغابات الكثيفة، الا ان الحياة البرية العراقية مازالت زاخرة بأنواع الحيوانات لكنها مهددة بالانقراض بسبب الانسان والظروف البيئية القاسية التي لم تعد ملائمة.

ففي عام 2011 حذرت منظمة quot;طبيعة العراقquot; غير الحكومية، من انقراض 58 نوعاً من الحيوانات والطيور في مختلف مناطق البلاد من ضمنها الثديّات وسبعة أنواع أخرى من الزواحف.

ومازال في أنحاء العراق الذي يمتاز بمساحته الشاسعة حياة نباتية وحيوانية تقاوم زحف الضوضاء والتلوث و تغير أنماط الزراعة والتهافت على المبيدات، مما اثر كثيرا على التنوع الحيوي لتختفي الكثير من الحيوانات التي كانت تزخر بها البيئة من مثل الغزلان وطيور الحجل والطيور المائية وطيور الحب والهدهد والثعالب والذئاب.

يقول المزارع ابو حاتم الذي يرعى بستانا على ضفاف نهر الحلة (100 كم جنوب بغداد) في الطريق الزراعي الممتد الى القرى الجنوبية للمحافظة ان وجود الأرانب بآذانها الطويلة ووقفتها المنتصبة بدأ ينحسر في المنطقة ، حيث لم نعد نجد صغارها في الحفر غير العميقة في الأرض .
ويضيف : على رغم ان البعض يرى في الأرنب حيوانا مضرا ، لكني أرى عكس ذلك ، فوجود هذه الحيوانات دلالة على بيئة متوازنة في تنوعها .
و تنجب أنثى الأرنب في العادة أقل من خمسة في البطن الواحد، وتبحث عن الطعام في الليل حيث تلتهم النباتات.

وقضى الصيد الجائر غير المرخص على الكثير من انواع الطيور والحيوانات في البرية العراقية ، لاسيما وان الصيادين لا يتورعون ممارسة الصيد في مواسم تكاثر الحيوانات والطيور.

ويصادف أحيانا ان ما لا تراه اثناء تجوالك في البر ، تجده في الأسواق لدى بائعي الطيور والحيوانات ، فطائر الحجل الذي يبدو وكأنه اختفى تماما تجده عند الكثير من باعة الطيور ، مثل طائر الحجل.
و الأسوأ من ذلك ان لدى بائع الطيور ابو سليم حوالي سبعين بيضة لأنواع مختلفة من الطيور من ضمنها بيوض طائر الحجل مما يوضح حجم الظلم الذي يلحق بالبيئة من قبل الانسان .

ويؤكد الباحث البيئي احمد سلطان ( مدرس علم الأحياء) انه على رغم تواجد الحمار بكثرة في مدن العراق وأطرافها الا ان هناك حمار اختفى تماما من بيئة العراق وهو الحمار الصغير ذو اللون الداكن المائل الى البياض كثيرا وهو يعيش في البراري ويتغذى على النباتات.
وبحسب سلطان فان اعداده قلت كثيرا وانحسر تواجده نحو تخوم الصحراء لاسيما وانه يمكن ان يرتوي من المياه المالحة.

ويتذكر سلطان ان الكثير من العراقيين تعايشوا مع هذا الحيوان الوديع لاسيما وانه في مظهره يبدو اكثر جمالا من الحمار العادي وكان الناس في ذلك الوقت يولونه رعاية خاصة .
كما يتعرض القطا العراقي بالوانه الجميلة التي تشبه تراب العراق إلى أبشع عمليات القتل على يد الصيادين ، اضافة الى ما يواجهه من بيئة قاسية جافة تنحسر عنها الخضرة .
ويقول الصياد ابو طه ان القطا ما يزال يتواجد بكثرة في العراق ، لكن ليس كالزمن السابق.

ويصف ابو طه القطا وكيف يحمل الماء الى صغاره عن طريق الريش حيث يتبعهة الصيادون ليستولوا على الفراخ بغية بيعها في الأسواق .
وفي كردستان في شمال العراق تعرضت دببة وخنازير وأغنام برية نادرة للقتل في عام 2011 بحسب رئيس منظمة كردستان لحماية حقوق الحيوان، سليمان تمر ، حيث ناشد المنظمات العالمية مد يد العون لإجراء مسوحات وتسجيل هذه الثروة الطبيعية في المنطقة.

ويزاول الكثير من الصيادين عمليات القتل مخالفين ضوابط الصيد والتجاوز على الحيوانات البرية، مستغلين وعورة المنطقة وصعوبة المراقبة المستمرة.
وفي مدن الوسط والجنوب اختفت الخيول بشكل كبير من منظر البيئة , وانحسر تواجدها في أطراف القرى البعيدة ، تماما مثلما انحسرت البغال من كردستان.
وعلى رغم ان ذلك يعود الى قلة استخدامها ، الا ان خبراء البيئة يرون ان تربيتها في القرى والمحميات والمزارع أمر مهم جدا للحفاظ عل التنوع البيئي.

وفي صحراء كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) يروي أبو سعيد وهو من سكان البادية ان البرية في هذا المكان كانت إلى وقت قريب تضم القطط البرية والثعالب والذئاب ، لكن وجودها انحسر بعيدا نحو المناطق الحدودية بسبب تدمير المراعي وقلة ينابيع الماء، كما ان أعدادها انحسرت بشكل كبير بسبب الصيد الجائر أيضا .
وفي السنوات السابقة كان يلمح أبو سعيد الغزلان البرية تقفز من أمامه في أوقات كثيرة ، أما الآن فان توغله الى عمق الصحراء
لا يوفر له فرصة رؤية الغزال الا في فرص نادرة جدا .


وتبلغ اليوم الحاجة على أشدها الى ضرورة مسح الأحياء الموجودة في البرية العراقية بحسب المدن والأقاليم ، لتحديد مستوى التنوع البيولوجي ، وإنشاء محميات طبيعية لحماية الأنواع المهددة بالانقراض كالمحمية الموجودة في قضاء علي الغربي في العمارة ( 320 كم جنوب شرقي بغداد ) الخاصة بتربية غزال الريم العراقي.

ولدى زيارة ايلاف إلى محمية الحيوانات في بادية مدينة النجف( 160 كم جنوبي بغداد)، والتي تبعد نحو خمسين كيلو مترا غرب المدينة، يأمل المسؤولون ان تتمكن المحمية من تربية الغزال الريم العراقي والنعام وكذلك بعض الحيوانات المفترسة.

و سٌيّجت المحمية بحزام اخضر من النباتات المعمرة إضافة الى سياج من شوك الشام يمنع الحيوانات من الخروج خارج المحمية.
وفي مدينة بابل نجحت في عام 2011 أول تجربة لتربية النعام في العراق والتي بدأ يزوج من طيور النعام ذكر وانثى ليصل العدد اليوم الى اكثر من سبعين نعامة.
ان إنشاء المحميات في مناطق العراق المختلفة هو الطريق الامثل نحو الحفاظ على التنوع البيئي اولا ، اضافة الى ما تمده هذه المحميات من غذاء ونباتات تسهم في تحقيق التكامل في مجال الغذاء للعراقيين.