quot;مشتلة رأس العينquot; الأقدم في تاريخ البستنة بالجزائر، تتألق بباقات الزينة الطبيعية وابتكاه تشكيلات رائعة من الأزهار والنباتات.

كامل الشيرازي من الجزائر: لا يمكن لأي زائر أن يغض بصره عن الاخضرار المترامي لمشتلة رأس العين وجمالياتها الممتدة على نحو ثلاث هكتارات، ويثمّن المتخصص quot;كريم مجبرquot; المشتلة وباعها الطويل في إنتاج النباتات والورود وبستنة المدائن والحدائق والمساحات الخضراء بشكل عام.

وتشير بيانات قسم حماية البيئة والمحيط، إلى كون مشتلة رأس العين جرى تأسيسها في شكل حوض هائل سنة 1937 على ارتفاع 85 متر بسفح الجبل الشهير quot;المرجاجوquot;.
واستنادا إلى المعطيات المتوفرة، فإنّ هذه المشتلة الخضراء تجود بما يربو عن خمسين صنفا من النباتات والأزهار بمختلف أنواعها وأشكالها، أشهرها quot;عش العصافيرquot;، quot;القرنفلquot; وquot;الأقحوانquot;، كما تحتوي المشتلة على بيوت زجاجية تستنبت فيها ما يُعرف بـquot;الغرساتquot;، وكذا مربعات الورود المصممة في تناسق متناهي وأخرى مخصصة لتكاثر الفسيلات.
وتسجّل quot;جميلة بودشيشةquot; مسؤولة القطاع الحضري بوهران، أنّ هذه البقعة الخضراء تعتمد على نظام السقي المعتمد على القنوات ويشرف على رعايتها طاقم نوعي من التقنيين والعمال، وتنتج المشتلة ما بين 30 و40 ألف نبتة ووردة سنويا.

وبحسب بودشيشة، فإنّه بهدف الحفاظ على نباتات المشتلة وتجديدها، جرى الشروع في مخطط لإعادة جرد كافة مكوناتها، مع خلق مربعات خاصة بالأصناف النباتية الجديدة تشرف على عنايتها الجمعيات الناشطة في ميدان البيئة.

وفيما يتهافت كثيرون على ما تولدّه مشتلة رأس العين، يورد quot;أحمد عجاليquot; أنّ المشتلة إياها كانت وراء نشوء أربع مشاتل أخرى تنتج إجمالا ما لا يقلّ عن مائتي ألف نبتة سنويا، ناهيك عن استحداث 216 مساحة خضراء بمنطقة وهران وضفافها.

ويعزو عوالي بهاء المشتلة ومحافظتها على نظارتها للعام الـ74 على التوالي، إلى نظامها المتميز لسقي النباتات والأشجار بشكل دائم، مما سمح بخلق جو رطب وبيئة مناسبة لنمو مختلف أنواع الأزهار والنباتات أشهرها quot;اللبلابquot;.

من جهته، يسجل quot;محمد بلقاضيquot; أحد أبناء المنطقة، أنّ مشتلة رأس العين ساعدت على إرجاع مكانة الطبيعة وزادت كمثل حي من ولع السكان المحليين بالاخضرار، ويلفت بلقاضي إلى بروز مشاتل خاصة وبروز فصيل quot;المشتليين الجوّالينquot; بمختلف الأسواق الشعبية، فضلا عما أتاحته من فرص للمتمدرسين والباحثين والاحتكاك الحاصل بخبراء المشاتل وتقنيي البستنة.

ويلاحظ quot;محمد الهواريquot; ابن حي quot;قامبيطاquot; الشعبي بوهران، أنّ مشتلة رأس العين كانت ولا تزال معلما شاهدا على مختلف مراحل تطور المشاتل والمساحات الخضراء في الجزائر، وبات كل متجول في الأحواش الخضراء لمدينة وهران وبساتينها الغنّاء يقرّ باستلهامها نموذج رأس العين التي كان عميدها quot;الحاج مرزوقquot; أول من وضعها على المحك قبل حوالي نصف قرن، وأسهم على طريقته في تكوين ميلود، لحسن، مختار وغيرهم من المشتليين الذين كان لهم القسط الوافر في ترقية فنون البستنة بالجزائر.
وباتت مشتلة رأس العين منتزها مفضّلا ونقطة التقاء العوائل وعشاق الطبيعة والسكينة وما تزخر به المشتلة من كنوز طبيعية وبيئية لا تقدر بثمن.

وإلى جانب مشتلة رأس العين، يشير الباحث quot;فضيل حبشيquot; إلى منتزه بن باديس المحاذي الذي يشغل مساحة تقدر بست هكتارات، والمتألق بشجيراته وأزهاره.
وأنشئ المنتزه سنة 1836 ويعتبر بلسان متخصصين بين أجمل المناطق الطبيعية والسياحية في الجزائر، ويشكّل رئة يتنفس منها سكان الأحياء المختنقة بالاسمنت المسلح والمفتقرة إلى غابات حضرية.

ويوعز quot;رشيد ماسيquot; المرشد السياحي إلى الأشكال الهندسية الفريدة من نوعها داخل هذا الفضاء المتميز، ويستطيع المتجوّل أن يمتع بصره بمشاهد طبيعية جذابة تصنعها زرقة البحر، موضحا أنّ إعادة الاعتبار لهذا المنتزه صارت حتمية، خصوصا إعادة تهيئة المنحدرات التي تآكلت بمرور الوقت، والاعتناء بالأشجار الباسقات التي فاق عمرها القرن ونصف.