تتسبب المبيدات الحشرية في العراق خاصة في الصيف بتلوث كبير للبيئة.

وسيم باسم من بغداد: ينتج عن درجات الحرارة العالية في العراق ، وانحسار المعالجات العلمية بصورة منتظمة ومبرمجة الى تكاثر أعداد كبيرة من الحشرات الصغيرة والكبيرة والديدان والقوارض ليس في المزارع فحسب ، بل في البيوت والأحياء السكنية.

وحين يتكلم المواطن العراقي البسيط عن الوسيلة الناجعة لعلاج الحشرات الصغيرة التي تقص مضجعه في الليل وتعكر مزاجه في النهار ومنها quot;البقquot;
وحشرة quot; الحرمسquot; والذباب والبعوض ، فأن أول ما يفكر به هوquot; أم الدخان quot;.

آلة ملوثة للبيئة
ذلك ان وعي الإنسان البسيط لا يتعدى فكرة مكافحة الحشرات سوى بهذه الآلة التي تتجول في الشوارع وتنفث الدخان عبر حرق كميات هائلة من الوقود لينتج عنها دخان كثيف يقتل الحشرات ، ويبعدها عن المناطق المأهولة بالسكان لفترة قصيرة.
ولا ينظر سليم الحسني وهو بائع متجول الى المضار البيئية لهذه الآلة ، قدر رغبته في التمتع بليل هادئ يبعد عنه quot;منغصاتquot; الحشرات.
وفي بلد مثل العراق فان البيئة الحارة تكون حاضنة لتكاثر آلاف الأنواع من الأحياء المجهرية الصغيرة التي يندر وجودها في المناطق الباردة.

البعوض
ويتداول العراقيون أخبار أحجام البعوض الكبيرة بشكل يدعو الى القلق من قدرة هذه الحشرات على التكيف مع الظروف البيئية.
واعتادت السلطات المحلية العراقية منذ عشرات السنين على استخدام الدخان كوسيلة لقتل الحشرات. كما يستخدم الدخان لهذا الغرض في الكثير من الدول النامية في أفريقيا وآسيا.

(الكلّة)
ويلجأ العراقيون في فصل الصيف منذ عشرات السنين الى استخدام ( الكلّة )،
وهي عبارة عن مظلة من قماش ابيض تشكل مصدّا لدخول البعوض الى أسرّة النوم.
ومازال عدد قليل من الناس يستخدم quot;الكلّةquot; التي اندثرت في ظل انتشار مكيفات الهواء ، وعدم قدرة الناس على النوم في الفضاء خارج البيت.
لكن احمد عبيد مدرس الأحياء يتحدث عن تأقلم الحشرات في العراق والعالم بسرعة مع المتغيرات البيئية ، وبالتالي فان الدخان والمبيدات التقليدية ليس وسيلة ناجعة لعلاج الظاهرة ، بل ان له نتائج عكسية ، لأنه يسبب تلوثا بيئيا خطيرا.

بق الفراش
ويقول عبيد : كثيرون يعانون أيضا من (بق الفراش) المتناهي في الصغر والتي تتغذى على دماء الإنسان والحيوانات ، وقد تعايشت مع الإنسان منذ عصور بعيدة.
وليست الأوساخ سببا رئيسيا في انتشار الحشرة في العراق ، بل البيئة الحارة حيث تظهر في اغلب الدول ذات المناخ الحار في أرقى البيوت و الفنادق.
ويقول عبيد ان الإنسان يعتبر وسيلة ناقلة لها فحين يقصد مكانا تتواجد فيها هذه الحشرة فانه يحملها معه الى بيته.


مادة (دي دي تي)

وفي العراق مثلما دول العالم فان استخدام مادة (دي دي تي) لم يعد ناجعا بسبب قدرة الحشرات على التكيف معها ، اضافة الى ان دول العالم منعت استخدام هذه المادة لكونها مادة ملوثة للبيئة.
لكن القمامة والرطوبة في المناطق المظلمة وغير المأهولة بالسكن تتكاثر فيها القوارض بشكل كبير.
ويتحدث عبيد عن انتشار القوارض بشكل كبير جدا في المزارع اضافة الى الإحياء والقصبات القديمة.
ومما لاشك فيه ان الجور الحار يمثل ظرفا بيئيا يساعد على تكاثرها.

الكراص والدبابير
وفي ظل ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة ، تنتشر انواع كثيرة من الحشرات الزائرة ومنها quot;الكراص quot; الذي يتكاثر حول بؤر الضوء ويعتبر حشرة كبيرة مخيفة ، كما تنتشر الدبابير في وضح النهار لاسيما في حقول البساتين والأشجار بين الأحياء السكنية.
ويتحدث سعيد الياسري من منطقة الحسينية في كربلاء عن ابنه الذي نفخت وجهه لسعات دبابير حمراء في نخلة المنزل ، مما استدعاه الدخول الى المستشفى.
والدبور الطائر ذو الإبرة في مؤخرته معروف بين العراقيين ، حيث تبني هذه الحشرات أعشاشها quot; كورة quot; في الأماكن العالية لاسيما الأشجار والسقوف.

ويقول ابو إحسان الذي يسكن في بيت مهلهل بناه من الخشب وصفائح علب السمن النباتي أن انتشار المستنقعات في المنطقة تسبب في تكاثر الحشرات لاسيما البعوض.
ويضيف.. يمثل البعوض لدى اغلب أهالي كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) لاسيما القرى والأرياف مشكلة كبيرة حيث يقض مضجع الأهالي في الليل والنهار.
ولا يجد ابو إحسان في المبيدات الحشرية المتوفرة في الأسواق سوى خدعة كبيرة حيث جربها عدة مرات ولم يسفر ذلك عن شيء.
ويشير ابو محمد الى درجات الحرارة العالية التي تسبب في زيادة انتشار الحشرات الغريبة والعقارب والبعوض.
مجاميع (أبو بريص) و الصراصير وفي الليل يشير أبو إحسان الى مجاميع (أبو بريص) التي تتجمع حول المصابيح على الجدران والسقوف مشكلة منظرا يفزع الأطفال.
ويقول ابو احمد : تختفي هذه الحشرات في الشتاء ، وتظهر في الصيف، مشيرا الى ظاهرة انتشار الصراصير التي بسببها لا يجرأ الأطفال على استخدام المرافق الصحية.
وتتوفر في الأسواق المحلية المبيدات الكيماوية والمصائد الكهربائية للذباب والبعوض ، لكن هذه الوسائل الفردية لا تكفي لإيقاف غزو الحشرات لاسيما الذباب والبعوض.
ويطالب كامل حسن صاحب مطعم quot; الهناء quot; في مدينة كربلاء بحلول علمية تتبناها الحكومة والجهات المعنية ، تساهم في قتل الحشرات ولا تلوث البيئة.