يستغل العراقيون كثرة الحمير السائبة على ما يبدو أحسن استغلال، فعدا استثمارها في الأعمال الشاقة لأغراض حمل البضائع ومواد البناء من مكان الى آخر، فإن اتهامات توجه الى قصابين ومواطنين بذبح الحمير وبيع لحومها للاستهلاك البشري.


بغداد: بسبب انتشار شائعات بيع قصابين عراقيين للحم الحمير، صار المواطن يفكر كثيرًا ، قبل أن يقبل على شراء اللحوم ، وبات يلجأ الى محلات القصابة التي يملكها معارفه وأصحاب (الثقة ) لكي لا ينخدع كما انخدع آخرون. ويقول استبرق منشد من بغداد ( سائق تاكسي)، إنه كان يشتري اللحوم من محلات القصابة بصورة عشوائية أما اليوم ، فإنه يلجأ إما الى شراء الماشية لكي يذبحها في بيته أو يلجأ الى قصاب من أقربائه، بعدما حذره كثيرون من انتشار ظاهرة بيع لحوم الحمير.

قصابة غير شرعية

وعلى الطريق السياحي بين مدينة بابل (100 كم جنوب بغداد) والهاشمية، حيث يمتد الطريق السياحي لمسافة ثلاثين كيلومترًا، وتنتشر عشرات القرى والمزارع وأشجار النخيل، تتجول الكثير من هذه الحيوانات في الطرقات وأطراف المزارع ، وبجانبها الكثير من محلات القصابة غير الشرعية ، مما يجعل المرء يربط بصورة تلقائية بين المنظرين على الرغم منعدم وجود ما يؤكد أن هؤلاء القصابين يرتكبون مثل تلك الأعمال.
لكن أحمد النعماني يقول: إنها حالة نفسية فحسب، تجعل الانسان يأنف عن شراء اللحوم.

الجدير بالذكر أنه في فترات سابقة، بعد العام 2003 استخدمت الحمير في عمليات تفخيخ قامت بها جماعات مسلحة استهدفت تجمعات سكانية وأهدافاً عسكرية ، كما ابتكر البعض من ظهور الحمير وسيلة للإعلان، لاسيما الشعارات السياسية كتعبير ساخر عن الأوضاع السياسية والاقتصادية التي يمر بها العراق.

ولا يمتلك العراق إحصائيات رسمية بحجم المواشي والحيوانات ، بسبب غياب عمليات الاحصاء الدقيق والترقيم كطريقة حديثة لحصر المواشي والأغنام. وتحول استخدام لحوم الحمير للأكل، حيث تُذبح بعيدًا عن أعين السلطات وتباع كلحوم صالحة للاستهلاك البشري، الى مشكلة يومية يعاني منها المواطن.

الدليل القاطع

وعثرت السلطات المختصة الشهر الماضي على نحو عشرة رؤوس حمير في إحدى ساحات مدينة الشعب في بغداد، حيث يمثل ذلك دليلاً على استخدام البعض للحمير كمصدر للحوم. وفي تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، اعترفت السلطات المختصة في ديالى (57 كم شمال بغداد) بانتقال بيع لحوم الحمير إلى الأسواق. وبحسب مدير قسم الإعلام في إدارة المحافظة تراث العزاوي فإن (ضعفاء النفوس) يسعون الى تحقيق مورد مالي على حساب صحة وسلامة الأهالي.

ويقول الطبيب البيطري عصام الساعدي إن الذبح العشوائي للمواشي والأغنام وضعف الرقابة يمثلان سببًا رئيسيًا في انتشار الظاهرة ، مؤكدًا على ضرورة تكثيف إجراءات التفتيش على دكاكين القصابة للتأكد من نوعية اللحوم المباعة.

واكتشفت في مناطق عدة من العاصمة والمدن الأخرى عمليات ذبح للحمير وبيع لحومها في الأسواق مما دعا الشركة العامة للبيطرة ، الى تشكيل لجنة تحقيقية بعد أن تم العثور على رؤوس وأقدام حمير، في مناطق شمال شرقي بغداد.

وبحسب المواطن تحسين جبار من حي أور في بغداد، فإنه رأى بأم عينه خمسة رؤوس لحمير ألقيت في احدى ساحات القمامة، مما يؤكد أن لحوم هذه الحمير بيعت على أنها لحوم صالحة للاستهلاك البشري من قبل مجهولين.

وأدى تزايد الطلب على الحمير الى ارتفاع أسعارها ، في بعض الأماكن على الرغممنأن هناك الكثير من الحمير السائبة في مناطق أخرى. وفي بعض الحالات، فإن سعر الحمير وصل الى نحو خمسمائة ألف دينار عراقي لاسيما الحمار الصغير، حيث يكون لحمه طريًا وقريبًا الى لحوم العجول، بحسب هادي السماوي التاجر في المواشي.

ويتهم السماوي الكثير من أصحاب المطاعم وأصحاب معامل المواد الغذائية بشرائهم لحوماً لا يعرفون مصدرها. إن تكرار هذه الحوادث جعل البعض يفقد ثقته في دكاكين القصابة التي اضطرت الى ابتكار طريقة تبعد الشك في مصدر اللحوم التي تعرضها. ويقول القصاب حميد الزبيدي إنه يضطر الى تعليق جثة البقرة أو العجل المسلوخ في دكانه مع الاحتفاظ بالذيل بارزاً في جثة البقرة المذبوحة لكي يتأكد الزبون من صحة ما يشتري. كما يتعمد الزبيدي إبقاء رأس البقرة أو العجل أمام محله كدليل أيضاً.