طفرة سياحية حققتها اليونان، رغم اقتصاد البلاد المتهاوي. لم يستسلم صناع السياحة إلى حالة الركود السياحي التي أعقبت تدهور الاقتصاد الوطني وإغراق اليونان في الديون، لقد تمكنوا من تحويل مسارحركة السياحة من الدول المجاورة الغير مستقرة أمنيا مثل مصر وتونس إليهم .


قطاع السياحة في اليونان يمثل أكثر من 15 % من إجمالي الناتج الداخلي، لهذا تنشط اليونان بشكل غير مسبوق في التسويق السياحي عبر الأسواق الأوروبية لاسيما الألمانية، والانجليزية، والفرنسية، خاصة بعد غياب الدول المنافسة في سياحة البحر المتوسط المتوسط كمصر وتونس، وفي لقاء مع السيدة "صوفيا انطونيادو"Sophia Antonindouخبيرة السياحة اليونانية، ومؤسسة جمعية" اكتشف ثقافة اليونان" تقول: من المتوقع أن يصل العدد في نهاية الموسم السياحي هذا العام إلى اكثر من 26 مليون سائح .

العاملون في مجال السياحية اليونانية محترفون جدا، أكثر من خمس السكان يعملون بالسياحة، وهم ينتقون عناصرهم العاملة في الخارج بعناية فائقة، من أجل الترويج السياحي الفعال، لقد كانت اكثر أحلام اليونانيين طموحا، أن يتمكنوا من جذب 15 مليون سائح في دورة الألعاب الأوروبية في سنة 2004، لكنهم استطاعوا الوصول بالرقم إلى 20 مليون سائح في سنة 2010 ، والي 26 مليون هذا العام.

لا شك أن الأوضاع الأمنية التي تمر بها السياحية في الدول المجاورة لليونان قد ساهمت بشكل غير مباشرة في زيادة نسبة السياحة إلى هذا البلد، فتركيا بها مشاكل أمنية، أما شمال البحر المتوسط فهو أيضا غير مستقر امنيا، والسائح في كل الأحوال يبحث دائما عن البلاد الأمنة التي لا تتهدد فيها حياته للخطر.

 رغم أن اليونان دولة رخيصة نسبيا إلا أنهم يعملون على ارتفاع قيمة إنفاق السائح اليومية في البلاد، فاليونان مازالت الأقل نسبيا مقارنة بدول الجوار، السائح ينفق فيها في اليوم الواحد 146يورو مقابل 162 في تركيا و200 في إيطاليا وهذا وفق تقديرات الحكومة اليونانية نفسها.


تقول "صوفيا انطونيادو" إن العمل على خدمة وراحة السائح مهمة، فنحن نعمل على الراحة الكاملة للزائر وتوفير، كافة احتياجاته المعرفية سواء كان ذلك في جودة وكفاءة الفنادق اليونانية، أو المتاحف والمواقع الأثرية والأفكار المبتكرة التي تعجب السائح، وهي تتيح على موقعها" www.discover Greek Culure .com" كافة التسهيلات والمعلومات الثقافية والاثرية الهامة عن اليونان.

الأفكار السياحية المبتكرة في اليونان مهمة، فقد زرنا بيت خاص موجود في أقدم شارع في أوروبا في منطقة "بلاكا" التاريخية الساحرة، البيت قديم جدا، ومكون من دورين، وعلي السطح حديقة نري من عليها بوضوح معبد " الاكربولوس" ، صاحب البيت حوله إلى متحف للسياح رغم إقامته في المبني، الغريب انه تم بنائه بالاحجار الأثرية التي جلبت من المعابد القديمة في الأزمنة الغابرة، وهي مكشوفة ويمكن رؤيتها داخل الجدران، أما المفاجأة فهي في مطبخ البيت في الدور الاضي، إذ أن الأرضية من الزجاج الذي يكشف تحته عن موقع حفر للآثار القديمة، وتظهر جدران مباني قديمة، وأواني، وبعض التماثيل المهشمة. ويقول ساكن البيت الذي قدم لنا وجبة من الطعام اليوناني الخالص ان السياح يعجبون جدا ببيته، وبالطعام الذي يقدمه لهم، لهذا بدؤوا يدرجون البيت على قوائم السياح. 

مارثون أثينا
يمكن في مصر، خاصة في جنوب البلاد، ان يتبعوا هذه الفكرة بدل البحث في السراديب اسفل البيوت عن الآثار والاتجار فيها، أنها فكرة بسيطة يمكن أن تحقق لهم دخلا بالاتفاق مع هيئة السياحة مثلا.

مارثون أثينا في نوفمبر من كل عام هو تقليد سنوي يرجع إلى دورة الألعاب الأولمبية عام 1896، تستغله أتينا سياحيا إلى اقصي درجة، ويحضره عشرات ألوف السياح من كل دول العالم ، وفي يوم السباق تتحول أثنيا إلى مهرجان رياضي كبير يجري فيه أكثر من 70 ألف متسابق مسافة 42 كيلومتر أسوة بالجندي اليوناني الذي جري نفس المسافة عام 490 قبل الميلاد ليخبر أهل أثينا بالنصر على الفرس.

الحضارة المصرية موجودة بقوة في اليونان منذ عهد الحضارة الفرعونية بل إن مؤسس أحد أهم المتاحف اليونانية الخاصة في أثينا متحف بيانكي هو يوناني اسمه أنطونيوس بيناكي ولد بمدينة الإسكندرية بمصر في عام 1873م وهو ابن تاجر قطن يوناني ثري كان يعيش ويعمل في مصر وكان شغوفا بحمع التحف الاثرية، في أوائل القرن العشرين عاد انطونيوس إلى بلاده، وفي سنة 1922 افتتح متحفه الذي يضم 400 ألف قطعة أثرية تحكي التاريخ اليوناني الحديث، وحرب الاستقلال عن الدولة العثمانية المتحف به حوالي 8000 قطعة من التحف الإسلامية النادرة، مثل اسطرلاب "أحمد بن السراج"الذي يرجع تاريخه إلى عام 728هـ وهو النسخة الوحيدة الأصلية الوحيدة الموجودة وتحمل توقيعه الشخصي .