أجرى معهد فحص المواد الألماني فحوصاته المختبرية على 36 نوعاً من أملاح الطعام السائدة في السوق، وتوصل إلى أن "ملح الهملايا" لا يتفوق على ملح الطعام الاعتيادي إلا بسعره الباهظ.

برلين: تعد الشركات المنتجة لملح الهملايا الزبائن بصحة وافرة وضغط دم أقل واملاح معدنية كثيرة ومذاق أفضل وأمراض أقل. لكن وضع هذا الملح تحت المجهر يبرهن على ان ما يسمى ملح الهملايا لا يتميز عن ملح الطعام كثيراً، لكن سعره (20 يورو للكيلوغرام الواحد) يتفوق كثيراً على ملح الطعام الذي يباع في الأسواق مقابل 50 سنتاً للكيلوغرام.

والمفاجأة الأكبر هي أن معظم "ملح الهملايا"، بمختلف علاماته التجارية المنتشرة، لا يأتي من جبال الهملايا وانما من جبال باكستانية تبعد نحو 200 كم عن الهملايا.

وقد اصدرت المحكمة الألمانية الاتحادية قانوناً يقاضي من يبيع الملح الباكستاني على أنه ملح الهملايا.

يرتبط الملح بالعديد من الأحداث التاريخية الهامة التي تبدأ بتحوله من مادة طعام نادرة إلى ملح منضدة&في القرون الوسطى، مروراً بتسمية إحدى الضرائب باسمه في انكلترا، وتسمية طرق بإسمه كما هي الحال مع طرق الحرير، وإلى روايات تتحدث عن تاريخ عرب الجزيرة وظهور النفط لديهم.

شهد الملح خلال هذه الفترة الطويلة العديد من التطورات التي طرأت على صعيد استخراجه وتنقيته وتنويع أشكاله بين المزود بالفلوريد والعديم التأثر بالرطوبة والملح المخفف.

مع ذلك بقي التحذير الصحي القديم وارداً: ضرورة التقليل من الملح في الطعام وتقنينه وخصوصاً عند العوائل المهددة بضغط الدم وأمراض الدورة الدموية. وطلع علينا المختصون الصحيون في العقدين الماضيين من السنين بملح من طراز جديد قادم من الهملايا ويفترض أن يلغي الحذر الزائد الذي يبديه الطب عادة من الافراط بالملح.

93-99% ملح طعام

ونشر المعهد نتائج دراسته في مجلة "ايكوتيست" المعروفة، وجاء فيها ان ما يسمى ملح الهملايا ليس سيئاً، ولكنه لا يستحق السمعة الصحية التي يسبغها عليه بائعوه.

ونالت أربعة أنواع من الأملاح "الغريبة" والغالية (6.65 يورو لكل 100 غم) درجة "ضعيف"، في حين نال 15 نوعاً من أملاح الطعام الاعتيادية، من مجموع 21 نوعاً (4 سنت لكل 100 غم) درجة "جيد".&

ومنح خبراء المعهد درجة جيدة لعدة انواع من أملاح البحر، لكن 4 من أنواع ملح الهملايا الغالية نالت درجة جيد من مجموع 15 نوعاً.

وكان الملح القادم من مالوركا (اسبانيا) ويحمل اسم Flor de Sal d'es Trenc natural أفضل الأنواع، بتقدير خبراء المعهد.

من الناحية التركيبية الكيماوية كانت الأملاح العادية والخاصة متشابهة من ناحية تركيبتها ويشكل ملح الطعام 93-99,9% منها. اما البقية فقد كانت مركبات مغنيسيوم وكالسيوم صعبة الذوبان في الماء.

وفي ملح "ايبيتزا" الغالي والواسع الانتشار، عثر الخبراء تحت المجهر على جزء صغير فقط من الأملاح المعدنية الـ80 التي يفتخر المنتج بكتابتها على العلبة. ولم يثبت أي نوع من أملاح الهملايا انه فعلاً يحتوي على الـ84 عنصرا من الأملاح المعدنية المسجلة على علبته.

واللون الوردي الخفيف في ملح الهملايا هو أكاسيد الحديد، وربما ان زيادتها قليلاً تمنح الملح لوناً أزرق. واحتوى 15 نوعاً من الأملاح على مركبات الفلوريد واليود، وهي مركبات مهمة لصحة الألمان بفعل قلة هذه العناصر في مياه الأنهار والبحيرات والمياه الجوفية.

الجدير بالذكر ان وزارة الصحة في بافاريا توصلت إلى قبل فترة قصيرة إلى نتائج مماثلة، وهي ان ملح الهملايا لايختلف عن ملح الطعام العادي.

تحدثت الوزارة عن الجانب غير البيئي من الموضوع باعتبار ان نقل هذا الملح بالأطنان من باكستان إلى أوروبا يعني إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون بكميات هائلة تلوث البيئة.

جدل حول "ملح الهملايا"

تسود في ألمانيا طريقتان من طرق استخدام ملح الهملايا تخص الأولى الاستخدام الخارجي وتخص الثانية الاستخدام الداخلي.

وتقول الطريقة الداخلية بضرورة تعاطي الملح مع الماء على عدة وجبات صغيرة يومياً. اما الطريقة الخارجية فتوصي بخلطه مع مياه الاستحمام في البانيو أو مع المراهم ومعدات التجميل كي يتسلل عبر الجلد أيضاً.

وأدى نشر التقرير إلى جدل بين مروجي ملح الهملايا والخبراء الذين يرون فيه دعاية استهلاكية. وإذ علق أحد الباعة على فايسبوك بالقول إن الملح القادم من جبال أعلى قمة في العالم، والذي يتدرج لونه بين المائل للصفرة والوردي، والخشن الملمس، يخلص الجسم من الشوائب والأدران، ويحمي القلب ويقوي الدورة الدموية. وكتب أن ملعقة شاي واحدة يومياً من ملح الهملايا تؤدي إلى تحسين حياة المسنين والمرضى.

ويؤكد أنه يحتوي بالفعل على 84 مادة مختلفة بينها العديد من المواد والعناصر الأساسية التي يحتاجها الجسم البشري يومياً.&

إلا أن انجيلا كلاوزن، خبيرة &شؤون التغذية في دائرة حماية المستهلك، أشارت إلى أن الفحوصات التي أجريت على الملح تشي بأن "العناصر المهمة" في هذا الملح لا تشكل سوى 2% من ملح الهملايا، في حين أن البقية هي كلوريد الصوديوم المكون لملح الطعام. وبرأيها أن مثل هذه العناصر مهمة، لكنها لا تتطلب تسلق قمة ايفريست بغية الحصول عليها.

وحذرت كلاوزن من المبالغة بتناول الملح لأنه لا يقل خطورة عن ملح الطعام على صحة المعانين من ارتفاع ضغط الدم.

وحسب رأي الخبيرة، فإن حاجة جسم الإنسان من الملح لا تتعدى 2 غم يومياً. ويمكن لتعاطي ملح الهملايا بكمية ملعقة شاي يومياً أن تزيد مخاطر ضغط الدم، وأن تضر بالكليتين.