تهدد موجة الجفاف القوية وغير المسبوقة التي تجتاح كل من إسبانيا والبرتغال بتراجع في منسوب الأنهر واستمرار ظاهرة الحرائق القاتلة التي أودت بحياة العشرات في سنة 2017. وأرجع العلماء هذه الظاهرة التي تنضوي على مخاطر غير محدودة إلى التغير المناخي.

تواجه إسبانيا والبرتغال أزمة جفاف وصفت بالتاريخية والطويلة أدت إلى انخفاض كبير في منسوب الأنهر واندلاع حرائق قاتلة في ظاهرة قد تصبح أكثر انتشارا بسبب التغير المناخي. 
وفي السنوات الثلاث الأخيرة، تراجعت التساقطات المطرية في ثلثي الأراضي الإسبانية. ولم تكن موجة الجفاف بحسب علماء المناخ طويلة إلى هذا الحد في البرتغال، حيث باتت 94 بالمئة من الأراضي تعاني من "جفاف شديد "يقاسي المزارعون الأمرين بسببه.

وحتى تاريخ 31 أكتوبر، رصدت مجموعة "أغروسيغورو" التي تدير شركات التأمين في مجال الزراعة في إسبانيا، 1,38 مليون هكتار من مزروعات الحبوب ودوار الشمس وأشجار الزيتون المتأثرة بالجفاف أو الجليد في إسبانيا، ما يحتم عليها دفع تعويضات بقيمة تتخطى 200 مليون يورو.

ويقول فيسنتيه أورتيس المزارع ومربي المواشي في كاستيا لا مانتشا في جنوب مدريد "الأمر أشبه برجل مريض يشعر بالعجز ولا يسعه القيام بأي شيء. والمرض هنا هو الجفاف". ويؤكد المزارع أن محصوله من الحبوب تقلص بنسبة 70 بالمئة مقارنة مع العام الماضي، متوقعا تراجع موسم الزيتون إلى النصف.

الزراعة، المياه، والطاقة في خطر!

وتشير فريميليندا كارفالو رئيسة جمعية المزارعين في بورتاليغري في وسط البرتغال إلى أن "قطاع الزراعة برمته يعاني من نقص المياه في المنطقة". ويؤدي جفاف التربة على مستوى المزروعات والغابات إلى تفاقم خطر الحرائق، والتي أودت بحياة 109 شخصا هذه السنة في البرتغال و5 آخرين في غاليسيا الإسبانية.

وتسجل السدود مستويات منخفضة جدا لا سابق لها. وتراجع إنتاج مجموعة الطاقة "إيبردرولا" التي تنتج الكهرباء من المياه في إسبانيا بنسبة 58 بالمئة خلال سنة، وذلك بين يناير وسبتمبر، ما تسبب برفع أسعار الكهرباء. وأدى هذا الوضع إلى نشوب نزاعات بين المزارعين والسلطات البلدية حول استخدام المياه.

وتتعرض القناة التي تعبر نهر تاجة باتجاه شقورة والمشيدة في الستينات في عهد الديكتاتور فرانكو لانتقادات من كل حدب وصوب. ويقول أنطونيو أوينغو مدير وكالة المياه في كاستيا لا مانتشا إن نهر تاجة "غير قادر على تحمل ذلك". وقد سمحت مياهه بتنمية زراعات مكثفة جدا للفاكهة والخضار في جنوب شرق البلاد.

ومن المرتقب أن تتفاقم موجات الجفاف هذه في المستقبل. ويشير خورخيه أولسينا عالم الجغرافية في جامعة أليكانتي "منذ العام 1980، تشهد إسبانيا ظواهر تدل على التغير المناخي ازدادت حدة منذ العام 2000". ويضيف أن "المناخ في إسبانيا... بات يكتسي مواصفات شبيهة بذاك السائد في المناطق شبه المدارية، مع درجات حرارة اعلى ومتساقطات أكثر كثافة لكن أقل تواترا، لذا من المتوقع أن تزداد خلال العقود المقبلة المخاطر المناخية الناجمة عن الحرارة، مثل موجات الحر، وتلك المرتبطة بتراجع المتساقطات، مثل موجات الجفاف والفيضانات".
وقد خصصت الحكومات أموالا للتعويض على المزارعين الذين لن يجدوا حلا لمشكلتهم إلا مع عودة الأمطار.