اعتبرت نقابة أطباء الأطفال والشباب الألمانية أن المرطبات المحتوية على السكر أخطر العوامل المسببة بإصابة الطفل بتشحم الكبد المزمن. وطالب رئيس النقابة بفرض ضريبة عليها على غرار السجائر والكحول للتقليل من استهلاكها.

إيلاف من برلين: ذكر توماس فيشباخ، رئيس نقابة أطباء الأطفال، في ندوة حضرها أكثر من 300 طبيب متخصص، أن المشروبات غير الكحولية المحتوية على السكريات، إضافة إلى المعجنات المملحة والوجبات السريعة، هي أخطر عوامل البدانة التي تؤدي إلى تراكم الدهون في أكباد الأطفال.

ضرورة فحص الدم
وطالب فيشباخ، في الندوة التي عقدت في مدينة "باد أورب"، وزارة الصحة الألمانية بفرض ضريبة سكر على المرطبات المحلاة. وقال إنه لا يرى طريقة أخرى للتقليل من التهابات الكبد المزمنة التي تصيب الأطفال.&

أردف الطبيب قائلًا إن تجربة الاعتماد على الوعي الصحي، ورقابة الأهل، فشلت حتى الآن في تقليل استهلاك الأطفال للمرطبات. وأشار إلى أن رفع الضريبة على السجائر والكحول قلل فعلًا من استهلاك هذه المواد.

ونصح فيشباخ أهالي الأطفال البدناء بفحص الدم، للتأكد من مؤشرات وظائف الكبد بانتظام، لأن 90% من الأطفال يتعاطون المرطبات المحلاة، مرة في الاسبوع في الأقل، على الرغم من مراقبة الأهل. وهذه معطيات مستمدة من دراسة إيطالية حول علاقة المرطبات المحلاة بتشحم الكبد غير الكحولي عند الأطفال.

وأكد أن من 20 حتى 30% من أمراض المعدة والامعاء والكبد تبدأ في مرحلة الطفولة، وتتحول إلى أمراض مزمنة في مرحلة الشباب عند تركها وعدم معالجتها. ويمكن للمرطبات المحلاة أن تؤدي أيضًا إلى التهاب قناة المرارة، وبالتالي إلى التهاب الكبد.&
وأشار إلى نحو 600 مرض نادر يصيب الأطفال، لكن التهاب الكبد الطفولي بدأ يخرج عن هذا التصنيف. ويصنّف المرض ضمن الأمراض النادرة حينما تقلّ إصاباته عن 50 لكل 100 ألف.

البدناء يعانون تشحم الكبد أكثر
استشهد فيشباخ بدراسة أجراها فريق عمل إيطالي، بقيادة الدكتور فاليريو نوبيلي، ونشرت في مجلة "جورنال أوف هيماتولوجي". وقدرت الدراسة، من مشفى"بامبينو غيزو"، نسبة الأطفال الأوروبيين غير البدناء المعرّضين لتشحم الكبد غير الكحولي (ستياتوهيباتايتيس) بـ9.6%، وبين الأطفال البدناء بـ38%. ويمكن لهذا النوع من التشحم أن يقود إلى تليف الكبد وتشمع الكبد، بل وإلى الأصابة بأورام الكبد السرطاني لاحقًا.

وأشارت الدراسة بإصبع الاتهام إلى المرطبات المحلاة، وإلى الوجبات السريعة الغنية بالدهون، في نشوء هذا المرض عند الأطفال مبكرًا.&

وظهر منها أن الفركتوز (سكر الفواكه)، الذي يدخل في تحلية هذه المرطبات، يشكل جزءًا مهمًا من تغذية الأطفال البدناء. شملت الدراسة 271 طفلًا وقاصرًا ممن يعانون من البدانة ومن تشحم الكبد غير الكحولي.&

وكان على الأطفال تسجيل نوع المشروبات والأغذية التي يتناولونها بانتظام يوميًا. وظهر من استطلاع الرأي أن 90% منهم يتناولون المرطبات المحلاة بالفركتوز مرة في الأسبوع في الأقل، رغم إرادة ذويهم. كما تشكل البيتزا والوجبات السريعة الأخرى الغنية بالدهون، والمكسرات والموالح واللبن (الزبادي)، 95% من وجباتهم خلال النهار، وذلك بانتظام.

الفركتوز سبب أساسي
وذكر الدكتور نوبيلي أن دراسات سابقة حاولت معرفة علاقة ارتفاع نسبة الفركتوز في التغذية بارتفاع نسبة حامض اليوريك في الدم في أبدان الأطفال البدناء. وذلك، لأنهم وجدوا نسبة عالية من حامض اليوريك في دماء المعانين من تشحم الكبد.&

وتوصلت هذه الدراسات إلى أن الفركتوز يرفع معدلات حامض اليورك في الدم. لكن الدراسة التي أجراها تثبت عكس ذلك، وأن الفركتوز هو العامل الرئيس في إصابة الأطفال بتشحم الكبد غير الكحولي.

وكانت منظمة "فوود ووتش" طالبت الحكومة الألمانية بفرض من 20 - 30 سنتا على كل ليتر من المرطبات المحتوية على السكريات، وقالت إن مردود هذه الضريبة، الذي يقدر بمليارات عدة من اليوروهات سنويًا، يمكن أن يوظف في علاج حالات التهاب الكبد المزمنة عند آلاف الأطفال.

وانتقد الدكتور فيشباخ، في الندوة، السياسة الصحية التي يرسمها وزير الصحة الاتحادي كريستيان شميدت، لأنها لا تركز على&"الشفافية" و"الوعي الصحي" والرقابة على نظافة الأغذية. وقال الطبيب: "يبدو أن صحة شركات إنتاج الأغذية والمرطبات أهم من صحة المواطن" بالنسبة إلى الوزير.