كانت للزعيم الحبيب بورقيبة صراحة تزعج اعداءه وخصومه، وتدهش شعبه !

ومرة أشار في احدى خطبه انه يملك "بيضة واحدة"، وأنه انجب ابنا واحدا من زوجته الفرنسية، ولم يتأكد من أنه ابنه الشرعي الاّ بعد ان عاين ان له الكثير من ملامحه!

وفي مرحلة النضال الوطني، كان يورقيبة يرسل من منافيه، ومن السجون التي يلقى فيها بين وقت واخر، رسائل الى ابنه يحرضه فيها على الاقتداء به، ويقدم له نصائح ثمينة في مجال السياسة، ودروسا رائعة في حب الوطن!

وعندما كان بورقيبة رئيسا للدولة، تقلد ابنه مناصب رفيعة. فكان وزيرا للخارجية، وكان سفيرا ومستشارا له في قصر قرطاج. لكن بين الحين والحين، ينزل عليه غضب الاب مثل الصاعقة فيختفي من المشهد السياسي لفترة قد تطول احيانا. وفي بداية السبعينات من القرن الماضي، سمع بورقيبة ان ابنه اشترى فيلا فخمة في الاحياء الشمالية للعاصمة، فدعاه فورا الى مكتبه ليسأله: من اين دبرت المبلغ المالي لشراء الفيلا؟&

فرد الابن: انه قرض من البنك سيدي الرئيس! فما كان من بورقيبة الا ان امره ببيع الفيلا والسكن عند اصهاره الذين كانوا اثرياء. وعندما اشتد الصراع بين الاجنحة على خلافته، في الفترة التي تقدم به العمر فبات شبه عاجز عن الوقوف، ابعد بورقيبة ابنه، وجرده من كل المناصب السياسية، وطلق وسيلة بن عمار ناسيا حبه الجنوني لها في فترة المجد النضالي، وجاء بابنة اخته سعيدة ساسي الى قصر قرطاج لتصبح الحاكمة بأمرها. ولعلها هي التي اخبرت زين العابدين بن علي بما كان ينوي بورقيبة ان يفعله به، لذا سارع بإزاحته عن السلطة في فجر السابع من نوفمبر 1987.

وسمي زين العبدين بن علي بـ "أبو البنات"، لأنه لم ينجب غيرهن من زوجته الاولى التي كانت ابنة الجنرال الكافي. وعندما جلس على كرسي الرئاسة في قصر قرطاج، اعلن في اول بيان له ان الرئاسة مدى الحياة كما كان حال بورقيبه اصبحت من الماضي. ولكن شيئا فشيئا وجد في السلطة ما يغري وما يخرج الانسان عن طوره وينسيه ان الزمن متقلب وغدار ولا يمكن ان يأتمنه لا الاقوياء ولا الاباطرة، لذا ظل في كل دورة من الدورات الانتخابية يتلاعب بالدستور وبعقول التونسيين، مصرًا على البقاء في كرسي الحكم. ولعله ازداد اصرارا على ذلك بعد أن انجبت له زوجته الثانية ليلى الطرابلسي ابنًا سماه محمد زين العبدين، وقد كبر هذا الطفل بسرعة فائقة تكاد تتساوى مع السرعة التي يكبر بها اطفال الخرافات، واصبح يرافق والده الى الحفلات الرسمية.

ويؤكد بعض العارفين بخفايا القصر الرئاسي في السنوات الاخيرة من الحكم، ان ولع زين العابدين بن علي بانه بلغ به من الشدة وحتى انه لم يعد يولي اهتمامًا كبيرًا للملفات التي توضع على مكتبه كل صباح. لذلك بدأت "الالسن الخبيثة" تتهامس في الاركان معلنة ان الاب يعدّ ابنه لخلافته كما كان يخطط لذلك رؤساء عرب اخرون.

وقبل ان تندلع الانتفاضة التي اطاحت به، سافر بن علي بصحبة ابنه خارج البلاد من دون ان يعلم التونسيين بذلك، ولم يعد الا عندما اشتعلت النيران في كل مكان.&

ومؤخرا راجت اشاعات تقول ان زين العابدين بن علي لم يصعد الى الطائرة التي اقلته الى جدة ليلة الرابع عشر من شهر جانفي-كانون الثاني 2001 الا بعدما انفجر ابنه باكيا رافضا السفر وحيدًا الى المجهول.