يستمر معاذ الخطيب في تغريده خارج سرب المعارضات السورية، من خلال توجهه إلى روسيا، وبحث أفق سوريا المسدود. ونقل عن الروس تشجيعهم للحل السلمي، وتأكيدهم أنهم غير متمسكين بالأسد.


باريس: كشف معاذ الخطيب، الرئيس الأسبق للإئتلاف السوري المعارض، لـ "إيلاف"، أن الديبلوماسية الروسية تعمل حاليًا على إيجاد ساحة تلاقٍ ونقاط تفاهم بين مختلف أطراف النزاع السوري، تمهيدًا لعقد جولة مفاوضات قد يُطلق عليها مسمى جنيف-3.

وقال الخطيب إن الروس يعملون على إطلاق عجلة الحوار السياسي بين أطراف النزاع السوري، "ولا يريدون التعرض في البداية لمصير بشار الأسد لأنهم محرجون من أن ينسب ذلك إليهم، أي البحث في مصير الأسد، وما يصرون عليه أنهم يريدون ترتيبات مناسبة، أي عدم انهيار بنية الدولة السورية.

ودعا الخطيب في حديثه مع "إيلاف" الجميع إلى التنازل عن جزء من مطالبه لإنقاذ ما يُمكن إنقاذهُ من سوريا التي غدت مستنقعاً للجميع، ومن هنا التفاوض سيكون في مسعى لمساعدة النظام على التغيير إذا ما كان حقيقة ينوي أن يترك السلطة الأخيرة تنقذ سوريا.

معاذ الخطيب أكد أنه لم يجرِ أي اتصالات مباشرة مع أي طرف إيراني وطلب من موسكو أن تفهم من طهران ماذا تريد من سوريا، وما هي رؤيتها لحل الأزمة السورية.

في ما يأتي نص الحوار:

كنت بين شخصيات سورية معارضة زارت موسكو، فما هو التصورُ الذي يعمل عليه الروس لإنعاش حوار سياسي ينتج عنه حلٌ سياسي للأزمة السورية؟

ما يفعله الروس اليوم هو محاولة إيجاد ساحة تلاقٍ ونقاط تفاهم عامة، وما يُمكن أن يحصل هو لقاءات تشاورية غير ملزمة تعمل عليها موسكو حاليًا. وفي هذا الإطار، أجرى ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية السوري المكلف منطقة الشرق الأوسط يوم الأحد محادثات مع قادة الائتلاف السوري المعارض في تركيا ضمن مسعى روسي لتقريب وجهات النظر بين أطراف المعارضة من أجل عقد مؤتمر تفاوضي لاحق، قد يأخد مسمى "جنيف-3".

لكن النظام لا يسلم السلطة، والمعارضة تشترط رحيل الأسد في أي حل سياسي. فكيف سيتم التوفيق بين الطرفين؟

لكل طرف خطوطٌ حمراء. ما يقوله الروس هو أن أي حوار سياسي يجب أن يتم من دون شروط مسبقة، ينتج عنه مسارٌ تفاوضيٌ من دون أن تكون هناك خطوطٌ حادة. لكن ما يجب الإشارة إليه والتأكيد عليه هو أن المسار التفاوضي يجب أن يكون مقدمة لتفاوض حقيقي، وليس نوعًا من الالتفاف السياسي لإنقاذ النظام. من هنا، لا نريد أن نستبق الأمور. ما زال الروس في طور إجراء اتصالات مع الأطراف المختلفة تمهيدًا لشيء يُمكن أن يكون حوارًا سياسيًا، ولم يحدد أيُ موعد له حتى الآن.

تفاوضوا!

هل تؤدي مبادرة موسكو إلى تنحي الاسد أو بقائه في منصبه؟

أستطيع أن أقول إن ما أكدنا عليه في موسكو هو أن تكون مخرجاتُ جنيف واحد هي ما يُعتمدُ عليه في أي شيء لاحقًا. وإذا ما تم ذلك فمن شأنه أن يؤدي إلى تغيير الوضع الراهن. النظام لن يكون راضيًا عن ذلك، وكذلك بعض أطراف المعارضة، لكن ما نؤكد عليه هو أن الموضوع السوري بحاجة إلى حل، والكل يجب أن يتنازل عن جزء من مطالبه لإنقاذ ما يُمكن إنقاذهُ من سوريا. ما أؤكد عليه أنه لا خطوط قطعية بعد، فالروس يتكلمون بلغة ديبلوماسية ويقولون إنهم لا يريدون أن يتعرضوا الآن لمصير الأسد، لكن في النهاية سيتم التعرضُ له. تقوم السياسة الروسية على عدم وجود شروط مسبقة، أي تفاوضوا للوصول إلى ما تريدونه. هذا منطقي إذا ما كان هناك تفاوضٌ مفتوحٌ، لكن يجب أن لا يكون بالمقابل هناك طرفٌ آخر يشارك في الحوار من أجل المناورة وتقرير ما يريده بعيدًا عن وضع الشعب السوري وما يحتاجه الآن.

أكدتم في روسيا على ضرورة اعتماد مخرجات جنيف-1 في أي حل سياسي للأزمة السورية، أي رحيل الأسد. ما موقف موسكو؟

أعتقد أن أي حل سياسي وعملي يجب أن يقوم على ما سيكون عليه مصيرُ الأسد. من هنا، يُمكن أن أقول إن الروس يجدون أنفسهم محرجين من أن ينسب ذلك إليهم، أي البحث في مصير الأسد، وهذا ما سمعته شخصيًا من المسؤولين الروس. يؤكدون أن الأسد لا يهمهم، لكن ما يصرون عليه أنهم يريدون ترتيبات مناسبة، أي عدم انهيار بنية الدولة، وهو أمرٌ نتقاطع معهم فيه بشكل صريح، وربما هنا تكمن نقطة الخلاف الأساسية، وكان من المواضيع التي ناقشناها مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. قلت له: "لنفترض أن هناك جزءًا من الشعب السوري يريد الأسد فيما هناك جزء آخر مستحيلٌ أن يقبله، معنى ذلك أنه لا يُمكن أن يتم جمع شمل سوريا مرة ثانية في ظل بقاء بشار الأسد ودائرته المقربة".

ومن هنا، يجب إيجادُ صيغة ولا مانع من التفاوض لإيجادها، في مسعى لمساعدة النظام على التغيير، إذا ما كان حقيقة ينوي أن يترك السلطة. أكرر، أكد الروس للجميع أنهم غير مهتمين ببقاء الأسد، لكن حتى يحصل هذا الأمر لا بد من مقدمات فنية، والبحث يتعلق بها حاليًا وهذا يحتاج إلى تفاوض وترتيب زمني وإجراءات معينة.

ما كانت الطروحاتُ التي نقلتموها إلى الجانب الروسي؟ هل تناولت تشكيل حكومة انتقالية؟

لم يجرِ البحثُ في التفاصيل، ونحن طرحنا أمام الروس رؤيتنا وهم قدموا لنا رؤيتهم العامة ولم ندخل في التفاصيل. لكن ما شددنا عليه هو أنه عمليًا في حال بقاء الأسد على رأس الجهاز الأمني فذلك يعني عدم إحراز أي تقدم لأن الشعب السوري مستحيلٌ أن يقبل ببقاء حتى تشكيلة أمنية يكون الأسد على رأسها.

مجرد إمام مسجد

تحادث فلاديمير بوتين ووليد المعلم في سابقة هي الأولى منذ بدء الأزمة السورية. هل تم إطلاعكم على المباحثات؟

لا لم يجرِ أيُ تواصل مباشر مع الروس بعد زيارتنا أخيرًا إلى موسكو، ومعلوماتي أن النظام السوري لم يكن مسرورًا من زيارتنا إلى روسيا، وانتقدها وزير الخارجية وليد المعلم، متسائلًا "من هذا الشخص الذي يستقبله الروس، فهو مجردُ إمام مسجد". ما أؤكد عليه أنه إذا ما استمرت عقلية النظام على ما هي عليه فلن تساعد على الحل، لأنه في النهاية سوريا بلد جميع السوريين، وواجبنا أن نحميها.
نعتقد أن النظام يراوغ، لكن رغم ذلك نقول إكرامًا لأهلنا وأسرانا ومعتقلينا أن النظام إذا ما أراد التفاوض لإيجاد حل للأزمة ولا يريد أن يجدد نفسه على حسابنا فأهلًا وسهلًا.

ناديتم بإشراك دول إقليمية وازنة في أي محادثات، على غرار إيران والسعودية وتركيا. لكن إيران ترفض أي حوار سياسي يُمكنُ أن يؤدي إلى رحيل بشار الأسد؟

كل الدول الإقليمية تتدخل في سوريا، ومن هنا إما أن تشارك جميعُها أو لا تشارك. فالصراعات الإقليمية هي التي ذبحت سوريا. وفي ما يتعلق بالجانب الإيراني، شاؤوا أم أبوا، المسار التفاوضي سيسير والسبب أن كل الدول في أزمة بما فيها إيران، لذلك نؤكد أنه من مصلحة الإيرانيين أن يفكروا بحكمة وتعقل لإنقاذ المنطقة، فما يجري في سوريا سينعكس على الجميع حتى إيران وفي أعماق أعماقها. والنظام السوري جر إيران إلى مستنقع، دفعتها إليه أيضا دولٌ أخرى، وإيران ستدفع الثمن إذا لم تكن عاقلة. سوريا اليوم مستنقع للكل، ومن مصلحة الجميع البحث عن حل للأزمة السورية.

وتشرق الشمس

قال الأسد لمجلة باري ماتش الفرنسية: في العاصفة، الربان لا يترك السفينة ويهرب. ألا ترى ذلك تصميمًا على عدم التنحي؟

يصح هذا عندما يكون هناك ربان حكيم وعاقلٌ يقود السفينة نحو النجاة،& ولا يحمل فأسًا ويكسر الجميع. نعم، هذه السفينة كانت بين يديك لسنوات طويلة وأنت لم ترعَها، وعندما فُتح فيها ثقبٌ قد يُغرقُها لم تعمل على سده، بل كسرت أخشاب السفينة.

الروس يرون أن الحل السياسي في سوريا يقضي على التنظيمات المتطرفة. هل تشاركونهم هذا التصور؟

تلكؤ الدول في إدراك معاناة الشعب السوري هو الذي أوجد التطرف. لم يكن هناك في سوريا وجودٌ لمتطرف واحد، وربما يكون تنامي التطرف في سوريا عقوبة لأنهم شاهدوا هذا الدم المسفوك لسنوات من دون القيام بشيء، وإذا ما استمر فسيكون الأمرُ أسوأ وليس فقط على سوريا بل على جميع دول المنطقة.

شعب سوريا غيرُ متطرف ولا يقبل التطرف، فهي ظاهرةٌ أوجدها السلوك غير الأخلاقي مع الشعب السوري. الروس قالوا لنا إن مكافحة الإرهاب أولوية، وأكدنا أن مكافحة الإرهاب توازي العملية السياسية.&
&
نشرتم مقالًا طويلًا بعنوان "هل تُشرق الشمس من موسكو". هل تعتقدون أن شمس سوريا ستشرق من موسكو؟

شمس الحرية لأي شعب يسطعها أبناؤه، بالتالي لن تشرق الشمس من أي مكان إلا بيد أبناء سوريا.