دعت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي اليهود في المملكة المتحدة إلى عدم مغادرة البلاد، مؤكدة أنه يتعين بذل قصارى الجهد من أجل "القضاء على معاداة السامية" فيها.

نصر المجالي: شاركت الوزيرة ماي وعدد كبير من المسؤولين البريطانيين في مراسم أقيمت، الأحد، في العاصمة البريطانية لندن لتأبين أولئك الذين قتلوا خلال الهجمات الإرهابية التي شهدتها فرنسا خلال الشهر الجاري، وكان من بينهم أربعة قتلوا خلال هجوم في متجر لبيع منتجات يهودية.

وأضافت وزيرة الداخلية التي حملت مع المئات من المشاركين في المراسم شعار (أنا يهودي - Je suis juif) أنها لم يكن يرد على خاطرها على الإطلاق "أن تشهد يوما يواجه فيه أفراد الجالية اليهودية" حالة "خوف" من الإقامة في بريطانيا.

يذكر أن اليهود يشكلون أقل من واحد بالمئة من مجموع سكان بريطانيا. وكان استطلاع أجري داخل الجالية اليهودية البريطانية كشف أن 54 بالمئة من اليهود البريطانيين يخشون أن ليس لهم مستقبل في بريطانيا، فيما قال 25 بالمئة إنهم فكروا بالرحيل في العامين الماضيين.

وقال 45 بالمئة إنهم يشعرون بالتهديد من جانب التطرف الاسلامي، فيما قال 63 بالمئة إن السلطات البريطانية تغض الطرف عن معاداة السامية.

مخاطر

وكانت الشرطة البريطانية قد قالت إن هناك "قلقا كبيرا" بشأن مخاطر يتعرض لها اليهود، بينما كان رئيس الحكومة ديفيد كاميرون أعلن خلال وجوده في واشنطن، تشديد التدابير الأمنية حول الأماكن التي يرتادها أفراد الجالية اليهودية البريطانية، بعد الاعتداءات الدامية في باريس.

وكان مساعد قائد شرطة العاصمة، مارك راولي، المسؤول عن مكافحة الإرهاب، قال يوم الجمعة الماضي إن المراجعات الأمنية تجرى في بريطانيا وتشمل العديد من الدوريات الأمنية في مناطق رئيسة في أعقاب الهجمات التي وقعت في فرنسا.

وما زالت بريطانيا تبقي درجة التأهب لخطر التهديد الإرهابي عند مستوى الخطر "البالغ"، وهو ما يعني أن هناك احتمالا كبيرا لوقوع هجوم إرهابي.

تشديد الإجراءات

وردًا على أسئلة شبكة "تشانل فور نيوز" التلفزيونية، عمّا إذا قررت بريطانيا تشديد التدابير الأمنية حول أماكن تواجد الجالية اليهودية بعد اعتداءات باريس الأسبوع الماضي والقضاء على شبكة كانت تستعدّ لشنّ اعتداءات على رجال الشرطة الخميس الماضي في بلجيكا، أجاب كاميرون "نعم، هذا ما ناقشناه مع أجهزة الاستخبارات والشرطة خلال الاجتماع الذي ترأسته في بداية الأسبوع".

وأضاف كاميرون "من المهم جدًا استخلاص الدروس من كل ما يحصل في أوروبا، وطرح الأسئلة حول ما يمكن أن يحصل هنا، والتدابير التي يتعين اتخاذها، لذلك أعلنت الشرطة اليوم أننا سنزيد عدد الدوريات من أجل حماية الجالية اليهودية".

مخاوف أسرية

وإلى ذلك، قالت وزيرة الداخلية البريطانية إن الهجوم على المتجر في فرنسا "تذكرة مريرة بمعاداة السامية، وليس فرنسا وحدها بل التطرف الأخير المعادي للسامية الذي شهدناه في هذا البلد بكل أسف".

وأضافت :"أعلم أن الكثير من اليهود في هذا البلد يشعرون بضعف وخوف، وأنتم تتحدثون عن قلقكم بشأن أسركم وأطفالكم وأنفسكم." وقالت :"لم أفكر على الإطلاق في أن أشهد يوما يقول فيه أفراد الجالية اليهودية في المملكة المتحدة إنهم خائفون من البقاء هنا في بريطانيا."

وكان ثلاثة من رجال الشرطة وأربعة أفراد قتلوا في الأحداث التي شهدها المتجر اليهودي في التاسع من كانون الثاني (يناير) الجاري. وجاء الحادث في أعقاب هجوم على مجلة "شارلي إبدو" الفرنسية الساخرة نفذه متشددان إسلاميان، قتل خلاله 8 صحافيين من بينهم رئيس تحرير المجلة و4 آخرون.

مشاعر معادية

ويشار إلى أنّ استطلاعًا للرأي كان كشف الأسبوع الماضي أن نصف البريطانيين تقريبا يضمرون مشاعر معادية لليهود، بما في ذلك ان اليهود يسعون سعيا حثيثا وراء المال، او انهم يتمتعون بنفوذ قوي في الاعلام.

وقالت المجموعة التي طلبت إجراء الاستطلاع، وهي الحملة المضادة لمعاداة السامية، إن بريطانيا "تقف على الحافة" في ما يخص تنامي المشاعر المعادية لليهود، وان هذه المشاعر ستنمو ما لم تواجه بحزم وبعدم تسامح مطلق.

وكشف الاستطلاع الذي شمل اكثر من 3400 بالغ ان 45 بالمئة من المستطلعة آراؤهم يصدقون بوجهة نظر واحدة على الاقل من وجهات النظر المعادية لليهود التي طرحت عليهم، بما في ذلك 13 بالمئة يصدقون بأن اليهود يتحدثون عن المحرقة باستمرار من اجل كسب التعاطف.

وقال 25 بالمئة من المستطلعة آراؤهم إنهم يصدقون بأن اليهود يسعون للمال اكثر من غيرهم، فيما قال 17 بالمئة إنهم يعتقدون ان اليهود يعدون انفسهم افضل من غيرهم وانهم يتمتعون بقدر زائد من النفوذ في وسائل الاعلام.

وقال 11 بالمئة من الذين استطلعت آراؤهم إن اليهود ليسوا امناء في تعاملاتهم التجارية كغيرهم، فيما قال 20 بالمئة إن ولاء اليهود البريطانيين لاسرائيل يجعلهم اقل ولاء لبريطانيا. وقال 10 بالمئة من المشاركين إنهم لن يكونوا سعداء اذا تزوج احد اقاربهم يهوديا.