في أول تحد حقيقي لسلطة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التي مضى عليها عام واحد، بدأ موظفو الدولة حملة احتجاجات واضرابات واعتصامات ضد قانون جديد لسلّم رواتبهم يقولون انه يخفضها وسيتم العمل به في الاول من الشهر المقبل.


أسامة مهدي: تظاهر اليوم الثلاثاء موظفو وزارات التعليم العالي والبحث العلمي والكهرباء والتربية في بغداد، فيما باشر موظفو هيئة النزاهة اضرابًا عن العمل، بينما تظاهر موظفو مفوضية الانتخابات وسط مدينة العمارة، وكذلك موظفو وزارة التربية ووزارة الصناعة والمعادن في بغداد، احتجاجاً على سلم الرواتب الجديد مؤكدين انه غير عادل وغير منصف.

وطالب المتظاهرون والمضربون وسط اجراءات امنية مشددة حيث قطعت القوات الامنية بعض الطرق المؤدية الى اماكن التظاهرات والاعتصامات بالغاء القانون أو تعديله.

وبهذه الفعاليات، توسعت الاحتجاجات ضد القانون بعدما باشر موظفو الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان وهيئة النزاهة وأمانة مجلس الوزراء ببغداد والمدرسون والمعلمون في البصرة احتجاجات على تخفيض مرتباتهم وأجورهم فيما لوحت نقابة المعلمين باعتصام مفتوح ومن ثم القيام بإضراب عن العمل& حتى الغاء قانون رواتب موظفي القطاع العام رفضا لتخفيض رواتبهم الشهرية منوهين الى أن محاربة الفساد لا تتم بهذه الطريقة.

ومن جهتها طالبت نقابة المعلمين العراقيين رئاسة الوزراء بايقاف تنفيذ الاستقطاعات الضريبية في وزارة التربية ودعت في بيان رئاسة الوزراء بالايعاز الى الوزارات كافة بإيقاف الشروع في تنفيذ الاستقطاعات الضريبية وخصوصاً وزارة التربية ووزارة التعليم العالي فضلاً عن مطالبة البرلمان العراقي بإلغاء او تعديل امر الحاكم المدني بريمر رئيس سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (49) لعام 2004.

وحذر ناصر الكعبي الناطق الرسمي باسم النقابة انه في حال عدم الاستجابة لهذه المطالب ستتخذ النقابة الاجراءات القانونية والدستورية والديمقراطية للحفاظ على مكاسب المعلمين وعدم المساس بأرزاقهم وقوت عيالهم، مناشدا الحكومة بعدم اشغال المعلمين بأمور لا تسهل اداء واجبهم العلمي، واستهداف ارزاقهم، بحسب قوله.

وتشكل هذه الفعاليات الاحتجاجية اول تحد واسع للاصلاحات التقشفية التي بدأها العبادي في اب (اغسطس) الماضي ويسعى من خلالها الى ضغط النفقات في بلد يعمل في مؤسساته اربعة ملايين موظف عمومي وسط ازمة مالية خطيرة نتيجة نفقات الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" وانخفاض اسعار النفط الذي تعتمد الموازنة العامة على 90 بالمائة من وارداته.

وتأمل الحكومة ان يوفر سلم الرواتب الجديد حوالي نحو 50 مليار دينار (45 مليون دولار) عبر تخفيض الراتب الاسمي للموظفين بينما سيؤدي تخفيض المخصصات الاضافية للرواتب الى ايرادات مضاعفة.

وتقول ان سلم الرواتب هذا يقلص نسبة الفوارق بين الموظفين الى 25% بدلا من 300%& كما هو الحال سابقا.
&
البرلمان يدعو الحكومة لتعديل القانون

وعلى الصعيد نفسه، دعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري رئاسة مجلس الوزراء إلى إلغاء التعديلات التي من شأنها التقليل من رواتب الأساتذة الجامعيين والأطباء وعد أن إلغاء امتيازاتهم سيسهل من عملية هجرتهم من البلد.

وقال الجبوري في تصريح صحافي تسلمت "إيلاف" نصه إن "هناك قانوناً خاصاً بالخدمة الجامعية صوت عليه مجلس النواب لا يمكن أن يلغى بقانون من رئاسة الوزراء"، داعياً رئاسة الوزراء إلى الغاء جميع التعديلات التي من شأنها التقليل من رواتب الأساتذة الجامعيين والأطباء.

وحذر من ان إلغاء امتيازاتهم سيسهل بطريقة ما عملية هجرتهم من هذا البلد في الوقت الذي ستهرع دول العالم إلى قبولهم فوراً كعاملين أو لاجئين وبذلك يضيع آخر ما تبقى لنا من كفاءات وطاقات وهو ما نحذر منه".

لكن العبادي رأى ان سلم الرواتب الجديد جاء لتقليل الفوارق في رواتب الموظفين وقال خلال كلمته في ورشة عمل تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية للنهوض بالقطاع الصناعي الخاص ان هناك من مستهم هذه الاصلاحات ولايريدوننا ان نتقدم والبعض من الفاسدين يريد ان يحصل على الارباح بدون عمل وهذا هو الكسب غير المشروع وبقاء الوضع كما هو عليه يبقي لهؤلاء فسادهم.

وشدد على ضرورة الاتحاد وعدم التراجع عن الاصلاحات بسبب هذه الهجمات.

مجلس الوزراء يدافع عن القانون

وحول سلم الرواتب الجديد قال العبادي إن قانون هذا السلم هو من اجل ان تكون هناك عدالة اجتماعية وتقليل الفوارق بين الدرجات العليا والدنيا.

واشار الى انه ليس من المعقول ان تعطى شريحة معينة امتيازات كبيرة وهي تقوم بعمل لا يتناسب مع حجم هذه المخصصات ولذلك فاننا مع ان تكون الرواتب بشكل عادل.

واوضح العبادي قائلا ان "البعض يريد ان يعرقل ويعطي معلومات كاذبة عن الرواتب والسلم الجديد" مشيرًا الى ان "التنافس السياسي ليس هذا مجاله لان هؤلاء لايريدون الاصلاحات والبعض سكت مرغمًا امام الضغط الجماهيري ولكنه بدأ يتحدث حاليا ويثير الاشكالات ولكنني ارى ان الغالبية في البرلمان يؤيدون ويسيرون مع الاصلاحات".

ودعا اساتذة الجامعات والرئاسات الثلاث وبعض الوزارات الى "الصبر معنا لان البلد يعاني من ازمة مالية ونحتاج الى الترشيد".

وقال "لدينا عدة اجراءات متراكمة من اجل سد العجز المالي".

واشار الى ان بعض الشرائح الاجتماعية تحتاج الى دعم ولذلك فقد زادت نسبة تخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية بنسبة 50 بالمائة لاننا لا نريد ان تتاثر هذه الشريحة.

وكان مجلس الوزراء العراقي قد وافق الثلاثاء الماضي على اصلاح نظام رواتب موظفي الدولة من خلال رفع رواتب الدرجات الوظيفية الدنيا بالاستفادة من تخفيض رواتب الدرجات العليا بما يقلل التفاوت ويحقق العدالة الاجتماعية.

واشار المجلس الى ان السلم الجديد يحقق تحسنًا بين مستويات الدرجات الدنيا والدرجات العليا والحد من الفروقات من حوالي (6,8) مرات كما في السلم النافذ الى (5,3) مرات في السلم المقترح وبدرجة اعلى من العدالة.

كما قرر المجلس شمول موظفي الدولة كافة، بما في ذلك موظفو الرئاسات الثلاث والهيئات والمؤسسات المرتبطة بها والموظفون المدنيون في وزارتي الدفاع والداخلية، بقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم(22) لسنة 2008 المعدل.

والغى المخصصات الممنوحة بموجب قوانين أو انظمة أو تعليمات او قرارات خاصة صادرة قبل نفاذ هذا القرار مع الاخذ&في الاعتبار التعديلات التي اجراها مجلس الوزراء بعد عرضها على رئيس الوزراء لاقرارها.
&