ليس خافيًا على أحد مدى صعوبة الوضع المعيشي في لبنان، في ظل وجود النازحين السوريين فيه، الذي شكل ورقة ضغط إضافية على كل مفاصل الحياة في لبنان.


ريما زهار من بيروت: إنعقدت في اليوم الثاني للقمة العالمية للإبتكار في التعليم المنعقدة في الدوحة، طاولة مقفلة مخصصة للوزراء، شارك فيها نحو أربعة عشر وزيرًا للتربية من مختلف مناطق العالم، بينهم وزير التربية والتعليم العالي إلياس بو صعب، وناقش الوزراء موضوع العمالة وتأثيرها على الإستقرار في كل بلد ارتباطًا بتوافر التعليم وتطوره لتلبية حاجات السوق.

وأكد بو صعب من الدوحة أن أزمة النازحين السوريين تضغط على كل مفاصل الحياة في لبنان. وفي هذا الصدد يعتبر الخبير كمال فاخوري في حديثه لـ"إيلاف" أن اللاجئين السوريين المسجلين من قبل المفوضية العليا للاجئين، والبالغ عددهم 600 ألف لاجئ، يتوزعون على نحو 1.200 نقطة في جميع المحافظات، مع أرجحية واضحة في البقاع والشمال، مما أدى إلى ارتفاع عدد السكان في العديد من البلدات والقرى إلى أكثر من الضعف.

إلا أن الحكومة اللبنانية تقدر عددهم بمليون ونصف مليون، أي ما يوازي ثلث الشعب اللبناني، وهذا يعني على سبيل المثال، أن بلدًا كفرنسا، يستقبل 15 مليون لاجئ بالمقارنة مع عدد السكان، ويشير إلى "أنها مأساة، لأهلنا النازحين السوريين، الذين خسروا منازلهم وبعض أفراد عائلاتهم، ولجأوا إلى لبنان، الذي خبر أهله لعقود طويلة هذه المعاناة، وهم يعيشون حاليًا معنا في بلد يعاني من انقسام سياسي وأزمة اقتصادية اجتماعية وأمنية، تنعكس على النازحين السوريين في مختلف أبعادها، وما ينطوي على ذلك من ارتفاع مستوى المخاطر على المعيشة وسوق العمل والبنى التحتية والخدمات العامة".

عن الوضع جراء وجود النازحين السوريين في لبنان، يعتبر فاخوري "إننا في لبنان أمام كارثة حقيقية، بعدما ارتفع عدد المقيمين من 4 ملايين إلى 5.5 ملايين نسمة دفعة واحدة، وكارثة أمام تخلي الحكومة عن مسؤولياتها إزاء هذا الواقع، وعدم التنسيق مع منظمات المجتمع المدني اللبناني، وترك المسؤولية على عاتق المفوضية السامية للاجئين وبعض المنظمات الدولية، والجمعيات اللبنانية والفلسطينية، وعدم توافر المساعدات الخارجية بالشكل المطلوب".

مشكلات أصلية
ويلفت فاخوري إلى "أننا نعاني في لبنان أساسًا من مشكلات أصلية، فاقمها نزوح هذا الكمّ من الأسر السورية في ظل عجز فادح في القدرة الاستيعابية للبنى التحتية، وتراجع في الخدمات العامة، كذلك يعاني لبنان من تشوهات بنيوية في الاقتصاد، وتبقى أبواب الهجرة هي الملاذ الوحيد للشباب اللبناني، مع انحدار أكثر من ثلث الأسر المقيمة إلى ما دون خط الفقر، ومديونية عامة قياسية تصل إلى 70 مليار دولار.

ويؤكد أن اللبنانيين الذين يعانون هذه الأزمة الخانقة التي تنعكس بدورها على النازحين السوريين، مما يفاقم الأزمة على الطرفين معًا، وهكذا لا بد من التحدث عن أزمة لبنانية – سورية من جراء وجود هذا العدد من النازحين، وضرورة العمل على إيجاد حلول مشتركة للطرفين.

فرص العمل
تجدر الإشارة، يضيف فاخوري، إلى وجود مشكلة أساسية تتعلق بالمنافسة على فرص العمل مع تدني الأجور، ووجود آثار سلبية على الحياة اليومية للمجتمعات اللبنانية التي تستضيف النازحين.

وقد أشار وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني إلى أن إحصاءات الأمن العام تسجل وجود مليون ومائتي ألف مواطن سوري في لبنان بين نازح ومقيم وعامل من ضمن العمالة التاريخية السورية الموجودة في لبنان.

في المقابل فإن حجم المساعدات التي قدمت إلى الدولة اللبنانية، وهي ليست للدولة، بل للمنظمات الدولية العاملة في لبنان في إطار إغاثة النازحين السوريين، وصلت نسبتها إلى 19 في المائة من حجم النداء الذي وجّه ومن حجم الحاجات الفعلية.
&