نصر المجالي: قالت مصادر دبلوماسية غربية إن لقاء رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين في أنطاليا التركية أعطى إشارة الاعتراف الروسي بإسقاط طائرة سيناء بعمل إرهابي.

وأضافت المصادر أن اللقاء الذي خيم عليه طابع ودي وتفاهم غير مسبوقين حول العديد من القضايا الساخنة عالمياً وخصوصا محاربة الإرهاب والأزمتين السورية والأوكرانية، شكّل خطوة مهمة لإقرار روسيا بأن عملاً إرهابياً أسقط طائرة سيناء.

وظلت روسيا لوقت طويل ترفض الروايات البريطانية حول أسباب سقوط الطائرة، حيث كانت لندن هي الأولى التي تفردت بمعرفة الأسباب الحقيقية وأكدت أن عملاً إرهابياً كان وراء ذلك.

وكانت وزارة الخارجية البريطانية قالت بعد يومين من حادث الطائرة المنكوبة إن لندن قدمت لشركائها، بما في ذلك روسيا، المعلومات المتوفرة لديها بشأن تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء، مشيرة إلى أن جزءًا من هذه المعلومات يحمل "طابعًا حساسًا".

بوتين ـ كاميرون

وأضافت أن "رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تحدث مع الرئيس بوتين في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) واطلعه على رؤيتنا بشأن سبب تحطم (الطائرة)".

ومن ناحيته، أفاد الكرملين بأن زعيمي البلدين تبادلا الآراء حول الوضع الناجم عن تحطم الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء، فيما أشار بوتين لكاميرون إلى أنه في تقييم أسباب الكارثة ينبغي الاعتماد على المعلومات الصادرة في سياق التحقيق الرسمي الجاري.

من جانبه، أفاد المكتب الصحفي لرئيس الوزراء البريطاني بأن بوتين وكاميرون اتفقا على أن يواصلا اتصالاتهما بشكل وثيق في ما يتعلق بالتحقيق في كارثة الطائرة الروسية.

تفجير قنبلة

وكان كاميرون قال قبل الاتصال مع بوتين في تصريح صحفي إنه يرجح إلى اعتبار وقوع تفجير قنبلة وراء كارثة الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء المصرية في 31 من الشهر الماضي فرضية ذات مصداقية.

وبحسب كاميرون، فإن بريطانيا لا يمكن أن تكون على يقين ثابت بأن الهجوم الإرهابي هو الذي أدى إلى كارثة الطائرة الروسية، لكن "ما دام احتمال وقوع ذلك كبيرًا، كان علينا أن نتصرف بسرعة"، في إشارة منه إلى قرار لندن حظر رحلات الطائرات البريطانية إلى مدينة شرم الشيخ ومنها.

يذكر أن بريطانيا كانت الأولى التي علقت تحليق طيرانها إلى شرم الشيخ المصرية وبدأت بإجلاء مواطنيها من مصر، مبررة ذلك بوجود احتمال قوي على أن يكون سبب تحطم الطائرة الروسية من طراز "A321" في سيناء يوم 31 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عملاً إرهابيًا.

تصريحات هاموند

ورجح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند وقوف تنظيم "ولاية سيناء" الذي يتبع "داعش" وراء إسقاط الطائرة. وأبلغ هاموند& الصحافيين في مقر منظمة الأمم المتحدة، أن المملكة المتحدة لا يمكن لها أن تقدم جميع المعلومات الاستخباراتية في هذا الموضوع لشركائها الدوليين.

وصرح الوزير فيليب قائلا: "بريطانيا هي الدولة الأولى التي قررت تعليق رحلاتها الجوية إلى شرم الشيخ وهذه الخطوة جاءت الأربعاء الماضي اعتمادًا على تحليل كل المعلومات المتوفرة لدينا".

وذكر فيليب أن تلك المعلومات "ورد بعضها من مصادر مفتوحة، والبعض من المخابرات.. وقد شاطرنا شركاءنا المعلومات التي يمكن نشرها، لكنّ هناك أسبابًا واضحة تمنعنا من مشاطرة بعض مصادر تلقينا منها المعلومات".

وأعرب الوزير البريطاني عن أمله في أن شركاء لندن "ستستنتج" من قرارها تعليق الرحلات إلى شرم الشيخ، بالرغم من تدفق "ملموس" للسياح إلى هناك، لافتا إلى أن روسيا اتخذت خطوة مماثلة.

اعتراف الكرملين

وكان الكرملين، أكد في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) أن الجانب البريطاني سلم موسكو "بيانات معينة" حول كارثة الطائرة الروسية في سيناء.

وقال دميتري بيسكوف الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي في تصريح يوم الاثنين 9 تشرين الثاني (نوفمبر): "يمكنني أن أؤكد أن الجانب البريطاني قدم فعلا بيانات معينة". وتابع قائلا: "إننا نأمل، طبعا، في التعاون مع جميع الدول القادرة على مساعدتنا في التحقيق بهذه المأساة".

لكن بيسكوف امتنع في حينه، عن توضيح طبيعة تلك البيانات، ولم يرد على سؤال عما إذا كانت تلك المعلومات قد أثرت على القرار الذي اتخذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة الماضي حول تعليق تحليق الطائرات الروسية إلى مصر، حتى توضيح أسباب الكارثة التي أودت بحياة 217 راكبا والطاقم المتكون من 7 أفراد.

كما امتنع الناطق عن التعليق على أنباء تحدثت عن اعتماد المحققين المصريين فرضية العمل الإرهابي كإحدى الفرضيات الرئيسية للتحقيق. وقال :"لا يمكنني أن أقول لكم شيئا بهذا الشأن في الوقت الراهن".

وقف الرحلات

ويشار إلى أنه بعد تأكيد موسكو مرات عديدة على استمرار تحليق الطائرات الروسية من وإلى شرم الشيخ، أوصت هيئة الأمن الفدرالية بصورة مفاجئة، بتعليق التحليقات، واستجاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتوصية، وأمر بإيقاف التحليقات، فيما بدأت السلطات بإجلاء السياح الروس الذين قدر عددهم بنحو 80 ألفا من مصر.

ووافق الرئيس الروسي على اقتراح هيئة الأمن الفدرالية الروسية بتعليق الرحلات الجوية إلى مصر ومنها حتى ضمان أمنها بالكامل.

وجاء الموقف الروسي بعد ان كانت بريطانيا وعدد من الدول الأوروبية الأخرى اعلنت قرارها بوقف الرحلات إلى مدينة شرم الشيخ المصرية، وذلك على خلفية شبهات باحتمال وجود عمل إرهابي وراء كارثة طائرة الركاب الروسية التي تحطمت فوق شبه جزيرة سيناء.