اعداد عبد الاله مجيد: نالت مدينة هامتراميك العمالية في ولاية مشيغان عام 2013 امتيازا انفردت به عن سائر المدن الأميركية بكونها أول مدينة ذات اغلبية مسلمة في الولايات المتحدة بعد وصول آلاف المهاجرين من اليمن وبنغلاديش والبوسنة خلال عقد من الزمان.

وأصبحت المدينة تجسيدًا للمخاوف التي تسود مناطق من الولايات المتحدة منذ اعتداءات باريس. فان تدفق المسلمين أثار قلق بعض سكان هذه المدينة المعروفة بحبها للرقص والبيرة والمعجنات السكرية والبابا، وهذا الأخير بسبب المهاجرين البولنديين الكاثوليك الذين استوطنوا فيها منذ ما يربو على قرن.

مدينة متمردة

وشكت كارين ماجيفسكي التي هاجرت عائلتها البولندية الى المدينة في اوائل القرن العشرين من أن أصحاب المتاجر التي تقع على بعد 500 قدم أو اقل من مساجد المدينة الأربعة لا يستطيعون الحصول على ترخيص لبيع الكحول. وهذا تطور لافت في مدينة تمردت على حظر الكحول ابان العشرينات بفتح حانات تعمل علنا.
&
وقال عمدة المدينة الذي يدعم النشاط التجاري ان هذه القيود يمكن ان تجهض الجهود الرامية الى اقامة مركز ترفيهي وسط المدينة.

وأكدت ماجيفسكي انها لا تعترض على صوت الأذان الذي ينطلق من المساجد الأربعة ولكنها تتفهم المصاعب التي يلاقيها بعض السكان القدامى في التكيف مع صوت يتردد في شوارع المدينة خمس مرات كل يوم.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن ماجيفسكي قولها "ان هناك بكل تأكيد شعورا قويا بأن المسلمين هم "الآخر"، وان المسألة تتعلق بالثقافة وما ستؤول اليه مدينة هامتراميك". واضافت "هناك خوف بكل تأكيد وأنا اشعر به الى درجة معينة".

ولكن سعد المسمري (28 عاما) المهاجر اليمني الذي اصبح رابع مسلم من اعضاء مجلس المدينة الستة المنتخبين، لا يفهم سبب هذا الخوف. وقال المسمري الذي يملك شركة للآيس كريم وخاض حملته الانتخابية واعدا بانعاش اقتصاد المدينة الراكد وتحسين أداء المدارس الحكومية انه يشعر بالأسى لأن الكثير من سكان المدينة يتوقعون ان يكون اعضاء مجلسها المسلمون منحازين.

المساجد والكنائس

وأوضح المسمري الذي حصل على اعلى نسبة من الأصوات انه خاض حملته الانتخابية طارقا ابواب المساجد والكنائس على السواء وانه حين كان يطلب من السكان منحه اصواتهم لم يسألهم عن دينهم. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن المسمري قوله "لا أعرف لماذا يواصل البعض اقحام الدين في السياسة".

ويبلغ عدد سكان هامتراميك 22 الف شخص وهي أعلى مدن مشيغان كثافة سكانية. وكان الكاثوليك البولنديون يشكلون 90 في المئة من السكان عام 1970 ولكن عددهم انخفض الى 11 في المئة اليوم.

وما زالت مظاهر الثقافة البولندية منتشرة في المدينة رغم هذا الانخفاض. فان الاحتفال بيوم العمل او يوم بولندا كما يُعرف في المدينة يجري بعزف الموسيقى واحتساء الخمرة والرقص في الشوارع، وان برج الكنيسة الكاثوليكية يرتفع عاليا فوق المدينة وتمثال البابا جان بول الثاني ينتصب في جادة جوزيف كامبو احياء لذكرى زيارته المدينة عام 1987.

وتعاني المدينة الصناعية المزدهرة سابقا من أعلى معدلات الفقر في ولاية مشيغان بعد اغلاق العديد من المعامل. ونشأت طبقة جديدة من رجال الأعمال بينهم المهاجر البوسني الشاب ايغور صادقوفيتش الذي يعتزم ان يفتح مقهى يضم صالونا فنيا في الصيف وريبيكا سميث التي تملك مخزنا لحقائب اليد تعمل فيها بائعات مسلمات.

الأعمال الجديدة ليست كافية

ولكن الأعمال الجديدة ليست كافية للتعويض عن القاعدة الصناعية السابقة للمدينة وسد العجز المالي في ميزانيتها الذي يبلغ 22 مليون دولار في السنة.

وكان هبوط اسعار العقارات وانخفاض معدلات الجريمة عاملا جذابا استدرج مهاجرين جددا، وجودهم في المدينة ملحوظ في كل مكان. فان غالبية النساء اللواتي يتجولن في جادة جوزيف كامبو مبرقعات أو محجبات أو منقبات.

والكثير من الأسواق والمتاجر تعلن عن بضاعتها باللغة العربية أو البنغالية وبعضها يعلق يافطة كُتب عليها ان صاحب المحل سيعود قريبا لأنه ذهب للصلاة مثلما كان اصحاب المصالح البولنديون يبلغون العاملين في السابق انهم ذاهبون للصلاة في الكنيسة.

ويشير كثير من سكان المدينة القدامى الى عام 2004 على انه العام الذي تغيرت فيه ثقافة المدينة تغيرا لا رجعة فيه. ففي ذلك العام منح مجلس المدينة ترخيصا الى مركز الاصلاح الاسلامي ببث الأذان من&مكبرات على سطح المركز.


&