بعد إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا، يخشى البعض من نشوب حرب إقليمية في المنطقة، يتأثر بها لبنان بصورة خاصة، رغم إستبعاد تلك الفرضية، خصوصًا أن روسيا هي في مرحلة لا تسمح لها بردود فعل كبيرة.


ريما زهار من بيروت: بعد إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا... أي انعكاسات لهذا الموضوع على المنطقة عمومًا، ولبنان بصورة خاصة؟. يعتبر الإعلامي العراقي، المقيم في لبنان، منتظر الزيدي، في حديث لـ"إيلاف" أنه للمرة الأولى نرى توافقًا في تحليل جمهور المعارضة في سوريا والموالاة على فرحتهم في إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا. المعارضة فرحت، لأن تركيا أسقطت طائرة روسيا، وبعض الموالاة فرح لاحتمال ردود أفعال وعواقب وخيمة روسية بعد إسقاط الطائرة من قبل تركيا.

ويشير الزيدي إلى أن الأعراف الدبلوماسية بين البلدين أكبر من إسقاط الطائرة وأكبر من العاطفة التي يشعر بها البعض، إذ لن تشن حربًا من أجل طائرة، نعم بالعرف الدبلوماسي والسياسي يعتبر الأمر انتهاكًا صارخًا، ولكن يمكن احتواء هذا الموضوع من خلال القنوات السياسية والدبلوماسية العالمية، فالمنطقة بأسرها تغلي منذ 4 سنوات، والكل يعلم أن روسيا وتركيا والولايات المتحدة الأميركية وإيران، وبعض البلدان العظمى في العالم، لن تقدم على أي تصعيد، لأن أي إشعال لأي حرب إقليمية سيعود بالدمار على الكرة الأرضية بأسرها.

يضيف "وإذا تطورت هذه الأزمة إلى حرب شاملة ستحرق الأخضر واليابس، وستحرق العالم بأسره، فروسيا وتركيا دولتان عظيمتان، ولاعبان دوليان أساسيان، لا روسيا مستعدة لهذه الحرب ولا تركيا أيضًا، ولا أميركا ولا أوروبا".

باعتقاد الزيدي، أن احتمال حرب عالمية بعد إسقاط الطائرة الروسية مستبعد كثيرًا، وتصريحات المسؤولين الأتراك كانت تسعى إلى حل فتيل تلك الأزمة المستحدثة، حينما قاموا بشبه تأكيد على عدم الإنجرار في الحرب بعد إسقاط الطائرة الروسية.

المنطقة ولبنان
رغم ذلك لن يمر إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا مرور الكرام، والسؤال كيف تتأثر المنطقة عمومًا، ولبنان تحديدًا بهذا الأمر؟. يجيب الزيدي أن روسيا قالت كلامًا صريحًا بأن حقها العسكري والسياسي سيكون بالرد، لكنها لن تتخذ خطوات فوق العادة، لم تطرد السفير التركي، ولم تستدعِه، لم تسحب سفيرها من تركيا، بل استدعت الملحق العسكري التركي، وتشاورت معه.

ويرى أن "رد الفعل الروسي يشير إلى أنها قد تضرب المعارضة الموالية لتركيا، هؤلاء المعارضون المموّلون من قبل تركيا هم صندوق بريد إلى السياسات التركية، قد تكون ردود فعل روسيا هي التركيز على ضرب أهداف موالية للمحور التركي القطري، وقد تسقط روسيا طائرة تركية أيضًا، ولكن هذا لا يعني بالضرورة نشوب حرب عالمية تتأثر بها المنطقة، ولبنان بالتالي.

يضيف: "فتركيا دولة قوية وحليفة لأميركا وإسرائيل، ومؤسس في حزب الناتو، روسيا تعي الأزمة التي تمر بها الآن بعد الحصار الذي رافق الأزمة الأوكرانية، وتعي أنها ليست بصدد عنتريات، والدخول في نفق لا نهاية له، هي تريد ترتيب أوراقها الإقليمية".

وبعد عشر سنوات أو أكثر قد تصبح روسيا وريثة الإتحاد السوفياتي بقوته وسطوته وبلعبه الإقليمي والدولي، حينها يمكن الحديث - بحسب الزيدي - عن حرب إقليمية محتملة في المنطقة. أما الآن فروسيا في مكان وسطي، لا تستطيع أن تتراجع أو أن تحرق مراحل.

رسائل مشفرة
هل إسقاط الطائرة من قبل تركيا يعني أن هذه الأخيرة تريد إرسال رسالة بأنها لا تريد الإنضمام إلى الحلف المناهض لداعش؟، يجيب الزيدي أن تركيا لديها أجندة خاصة، بعض الأحيان تدين داعش، وفي أحيان أخرى داعش يضرب العمق التركي، ويطلب التمرد على الدولة التركية.

هم يرسلون لبعضهم البعض رسائل مشفرة، في الإعلام، ولكن نعي أن الممر السري لقوة داعش هي الحدود التركية، لذلك داعش يحاول ألا يؤلّب الشعب التركي عليه، وتركيا من مبدأ الحفاظ على مصالحها الشخصية، لا تريد جلب الإرهاب إلى داخلها، لذلك هناك هدنة غير معلنة وشفهية بين داعش وتركيا.

&