قال رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو إن أنقرة "ستعمل بالتعاون مع روسيا وحلفائنا لخفض حدة التوتر" مع موسكو، والتي تصاعدت بعد إسقاط الأتراك طائرة حربية روسية عند الحدود التركية السورية يوم الثلاثاء الماضي.

نصر المجالي: دعا رئيس الوزراء التركي العالم إلى التوحد في مواجهة تنظيم (داعش) من أجل التغلب عليه، مؤكداً استعداد بلاده للدفاع عن سيادتها، ورغبتها في نفس الوقت بالتعاون مع حلفائها لتخفيف حدة التوتر مع روسيا.

وقال داود أوغلو في مقال كتبه في صحيفة (التايمز) اللندنية إن قتال التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم "الدولة الاسلامية" (داعش) يمثل الأولوية القصوى.

ودعا رئيس الوزراء التركي&المجتمع الدولي إلى "عدم الانقلاب على نفسه، وإلا فإن داعش والنظام السوري سيكونان هما المنتصرين، فهذه العلاقة التضامنية هي ما تبقي على وجود كليهما".

تهديد دولي

وتابع: "في أعقاب هجمات باريس، والتي شابهت تلك التي وقعت في أنقرة وغيرها من قبل، كان ينبغي للتركيز أن يتمحور حول معالجة التهديد الدولي الذي يمثله تنظيم داعش بشكل أساسي وتأمين مستقبل سوريا والسعي لحل أزمة المهاجرين الحالية".

وشدد على أن الإخفاق في هذه المسألة "سيمكن داعش من التوسع في نشر عقيدته البغيضة، على الرد الدولي أن يكون بمستوى آفة الإرهاب، ويتجاوز المصالح الضيقة". ووصف رئيس الحكومة التركية "داعش" بأنها "تعبد الموت وترفض الحياة ولا علاقة لها بالدين"، مشيراً إلى أن قبول المجتمع الدولي للعالم الإسلامي سيدفع الأخير إلى إثبات هذا الأمر.

وشدد على ضرورة أن "يفرق العالم غير المسلم بين الإرهابيين وادعائهم المزيف بالشرعية، وبين غيرهم، وألا ينجروا إلى ما يدعو لصدام بين الحضارات. فعدم الاكتراث بأزمات الشرق الأوسط لم يعد خياراً، فنحن بحاجة إلى إعادة النظر في أسلوب عملنا الجماعي".

وأعرب عن استعداده إلى "الذهاب لدرجة دعوة روسيا، في هذه المرحلة، كما فعل الرئيس (باراك) أوباما و(رئيس الوزراء البريطاني) ديفيد كاميرون (للانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش) لكن علينا أولا أن نقاوم مغريات لعب لعبة اللوم والتركيز على ضمان عمل متناسق".

منفذو الهجمات

وأوضح أن منفذي الهجمات في باريس وأنقرة وبيروت والخطوط الجوية الروسي فوق سيناء المصرية، "استهدفوا تقويض المعاملة الإنسانية للاجئين والانسجام بين الأديان في الغرب".

ولفت داود أوغلو إلى أن "السماح للأصوات المعادية للمهاجرين والمسلمين والسامية باستلاب الخطاب السياسي، سيقوض قدرة أوروبا على تعزيز التسامح بين جميع الأديان والثقافات، لذا فإن تركيا تنضم إلى أولئك الذين يدافعون عن الرؤية الإنسانية لأوروبا، حيث تقدمنا لعضوية الاتحاد الاوروبي يؤكد التزامنا ويمكن اعتبارها حلنا لأزمة اللاجئين".

وأوضح رئيس الحكومة التركية أن الوقت قد حان "من أجل الوقوف بحزم ضد داعش، من خلال عمل جماعي يسخر القوى المختلفة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وتركيا وغيرهم، ويتمكن من تغيير الموازين".

انتهاك المجال الجوي

وتقول روسيا إن مقاتلة تركية من طراز F16 أسقطت طائرتها الحربية في الأجواء السورية، ولكن الأتراك يقولون إن الطائرة الروسية انتهكت مجالهم الجوي. وتحطمت الطائرة الروسية على سفح جبل على الجانب السوري من الحدود في منطقة يسيطر عليها متمردون سوريون.

وقتل واحد من طاقم الطائرة الروسية - المكون من شخصين - بنيران ارضية صوبها نحوه متمردون سوريون اثناء هبوطه بالمظلة من الطائرة المحترقة، أما الطيار الآخر فقد تم انقاذه في عملية عسكرية نفذتها قوات خاصة سورية وروسية.

توتر

وأدت الحادثة الى رفع حدة التوتر بين موسكو وأنقرة بشكل خطير، إذ حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من "عواقب وخيمة." كما رفض الرئيس بوتين يوم الخميس ادعاءات تركيا بأنها لم تكن تعلم بأن الطائرة التي اسقطتها كانت طائرة روسية.

وكان الرئيس الروسي يتحدث عقب لقائه بنظيره الفرنسي الزائر فرنسوا هولاند. وقد تعهد الرئيس بوتين عقب الاجتماع بالتعاون بشكل وثيق مع فرنسا في قتال مسلحي داعش.

وكان التنظيم الاسلامي المتطرف قد تبنى الهجمات التي وقعت في العاصمة الفرنسية باريس في الـ 13 من الشهر الحالي، وهي الهجمات التي اسفرت عن مقتل 130 شخصًا، فيما قالت حركة مرتبطة بداعش إنها المسؤولة عن تفجير طائرة ركاب روسية كانت تقل سائحين روساً عائدين الى بلادهم من منتجع شرم الشيخ المصري، مما اسفر عن مقتل كل ركابها الـ 224.

وما لبثت روسيا تشن غارات جوية على مناوئي الرئيس السوري بشار الأسد منذ اواخر أيلول (سبتمبر) الماضي. وتصر تركيا على تنحي الرئيس الأسد قبل التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية. ولكن الرئيس الروسي بوتين قال الخميس إنه "من المستحيل" على تركيا أن تكون تجهل انها تطلق النار على طائرة روسية.

وقال "أحطنا زملاءنا الأميركيين علمًا مقدمًا بأماكن واوقات عمل طيارينا والقواطع التي ينشطون فيها، وكان الجانب الأميركي، الذي يقود التحالف الذي يضم تركيا، على علم كامل بزمان ومكان طائراتنا". ويصر الجيش التركي على أنه حذر الطائرة الروسية عدة مرات قبل اطلاق النار عليها بعد 17 ثانية فقط من دخولها الاجواء التركية.

ولكن الطيار الروسي الذي نجا من الحادث أصر على انه وزميله لم يتسلما أي تحذير، وعلى أن الطائرة لم تدخل الأجواء التركية ابدًا.