إلى جانب الأحداث الرئيسية المهمة التي شهدها عام 2015، وقعت أحداث أخرى لم تلق ذات الاهتمام ولكنها كانت مؤثرة أيضًا ومن المتوقع ان تظهر آثارها في العام الجديد أو السنوات اللاحقة.

إعداد ميسون أبو الحب: كانت أهم أحداث عام 2015 أزمة اللاجئين في أوروبا والخطر الذي يمثله تنظيم داعش ثم الاتفاق النووي بين إيران ودول 5+1. غير أن هناك أمورًا أخرى حدثت خلال هذا العام لا تقل أهمية على صعيد نتائجها رغم أنها لم تحظ باهتمام الاعلام الكامل، منها:

الحرب في اليمن

النزاع في سوريا ليس الصراع الوحيد المهم في المنطقة فهناك أيضا الحرب في اليمن التي خلفت هي الاخرى دمارًا غير مسبوق وأدت الى قتل آلاف المدنيين والى تدمير كنوز تاريخية لا تقدر بثمن.

وكانت اليمن في حالة عدم استقرار منذ اعوام ولكن النزاع فيها تحول الى نزاع اقليمي خلال عام 2015 وليس من المتوقع ان يشهد هذا البلد اي نوع من التسوية في وقت قريب.

تأكيد مقتل زعيم طالبان

في 29 تموز (يوليو)، أكدت الحكومة الأفغانية مقتل محمد عمر زعيم طالبان أو أنها كشفت في الواقع عن أنه مات قبل عامين من ذلك التاريخ. ورغم ان الغموض ما يزال يحيط بهذا الحدث وبالكيفية التي تم بها الحفاظ على هذا الخبر لهذه المدة، هناك اسئلة عديدة تطرح عن مستقبل جماعة طالبان.

حققت الجماعة بعض المكاسب في عام 2015 منها الاستيلاء ولو لفترة قصيرة على مدينة قندز غير انها تواجه الان منافسة شديدة من تنظيم داعش الذي حصل على موطئ قدم في افغانستان خلال هذا العام.

ومن شأن هذين العاملين أن يؤثرا على مجريات الأحداث في عام 2016 لاسيما مع إقرار الولايات المتحدة وحلفائها بان الحكومة الافغانية ما تزال بحاجة الى مساعدة لمواجهة طالبان وبأن تنظيم داعش اصبح يمثل خطرا أكبر.&

روسيا نفسها المعروفة بعدائها للاسلاميين في أفغانستان اصبحت الان تتبادل معلومات مع طالبان ضد تنظيم داعش.

احتمال قيام حرب اهلية في تركيا

فاز حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب اوردغان في انتخابات مهمة هذا العام غير ان الامور غير مستقرة تماما في البلاد فتركيا ضالعة في النزاع في سوريا والعراق وكادت ان تدخل حربا مع روسيا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي فيما انهار وقف اطلاق النار مع الانفصاليين الاكراد بشكل تام.

الشهر الماضي هاجمت القوات التركية مقاتلي حزب العمال الكردستاني (المعروف باسم بي كي كي) في جنوب شرق البلاد باستخدام الدبابات والمدفعية وتحدثت انباء عن سقوط عدد كبير من المقاتلين والمدنيين بين قتيل وجريح.& والوضع الان معقد في تركيا مع خطر نشوب حرب اهلية على حدود النزاع في سوريا.

هناك ايضا عامل آخر وهو ان المقاتلين والناشطين الاكراد من الجيل الجديد لا يخضعون لارادة حزب بي كي كي التقليدية وهو ما يزيد من خطر تفجر الاوضاع بشكل قد يخرج عن السيطرة.

تقدم في محادثات السلام في كولومبيا

أهم تطور في اميركا اللاتينية شهده عام 2015 كان الانفتاح بين كوبا والولايات المتحدة غير ان هناك حدثا آخر يتعلق بكولومبيا لم يلق الاهتمام ذاته حيث توصل المسؤولون فيها الى اتفاق مع جماعة فارك (القوات المسلحة الثورية الكولومبية) قد يمهد لاتفاق سلام كامل في العام المقبل وبالتالي لانهاء نزاع دام اربعة عقود وخلف ما لا يقل عن 220 قتيلا.

انخفاض أسعار البضائع أثر على السياسات في أميركا اللاتينية

يبدو هذا الخبر بائسا امام اخبار القتل والدمار السابقة ولكن له تاثير على الاوضاع الاقتصادية في مجمل دول المنطقة.

وكانت اسعار البضائع قد ارتفعت بشكل كبير خلال العقد الماضي ما سأهم في تعزيز اقتصاد هذه الدول واخرج العديد من حالة الفقر غير أنها ما لبثت ان انخفضت لاسيما اسعار النفط والمعادن في منتصف عام 2014 ويعود ذلك جزئيا الى انخفاض الطلب من الصين.

وكانت نتيجة هذا الانخفاض المباشرة واضحة في عدد من دول المنطقة مثل فنزويلا التي شهدت شحة في توفر البضائع الاساسية. واليوم، بدأت النتائج السياسية بعيدة المدى تتضح في المنطقة حيث فقدت الاحزاب اليسارية التي كانت كريمة في نفقاتها خلال فترة الازدهار الجيدة دعمها الشعبي وهو ما بدا واضحا في نتائج الانتخابات لاسيما في الارجنتين.

الصين وتعريف الارهاب

خلال عام 2015 منعت الصين ارتداء البرقع في الاماكن العامة في مدينة اورومكي واجبرت اصحاب المحال المسلمين على بيع الكحول والسجائر ووجهت اتهامات حتى الى اعضاء في الحزب الشيوعي في منطقة شينجيانغ بعدم الولاء وبدعم الارهاب.

الصين منعت ايضا صحفيين اجانب من زيارة المنطقة وربطت في بيانات رسمية حربها ضد انفصاليي الاقليم من اقلية الايغور المسلمة بالحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الارهاب. وبعد هجمات باريس قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي إن الصين ضحية الارهاب هي الاخرى وانه يجب الا يكون هناك معايير مزدوجة.

مسؤول صيني ربط مؤخرا بين دالاي لاما وتنظيم داعش وهو ما فسره المحلل الاسترالي جيمس ليبولد بالقول "الخط الفاصل بين النشاط السياسي السلمي والاعمال الارهابية العنيفة غير واضح تماما في الصين".&

صعود اليمين في أوروبا

برزت خلال هذا العام احزاب يمينية متطرفة في أوروبا مع تفاقم الازمة الاقتصادية والامنية التي تواجهها القارة.

كان الحدث الأهم هو تقدم الجبهة الوطنية في فرنسا تحت زعامة مارين لوبن في الجولة الاولى من الانتخابات المحلية قبل ان تتراجع مجددا في الجولة الثانية. لكن الامر لا يقتصر على فرنسا وحدها بل هناك ايضا اليمين في الدول الاسكندنافية الذي تحول الى لاعب مهم في المشهد السياسي هناك ثم في بولونيا حيث فاز حزب يميني مناهض للهجرة بأغلبية الاصوات في انتخابات تشرين الاول (اكتوبر) الماضي.

وفي بريطانيا، خضع رئيس الوزراء ديفيد كامرون لضغط المناهضين للهجرة ووعد باستفتاء في نهاية 2017 سيقرر بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الاوربي ام لا. ويرى مراقبون ان مغادرة بريطانية امر غير محتمل ولكنه إن حدث فسيفتح الباب امام خروج دول اخرى ولا شك.&

مقتل مسلمين شيعة في نيجيريا

بين 12 و 14 كانون الثاني (ديسمبر) نفذت الحكومة النيجيرية غارات على عدد من الاماكن اغلب سكانها من الشيعة في بلدة زاريا شمال البلاد بعد محاولة اغتيال قائد بارز في الشرطة. وذكرت منظمة مراقبة حقوق الانسان وجماعات اخرى ان جنودا اطلقوا النار على اطفال عزل خلال المدأهمات التي قتل فيها حوالى الف شخص.

هذه ليست المرة الاولى التي تتهم فيها نيجيريا بانتهاك حقوق الانسان ولكن قتل هذا العدد من الشيعة اثار احتجاجات في مناطق اخرى بعيدة مثل طهران. ويبدو ان مشاكل نيجيريا لا تقتصر على ارهاب بوكو حرام المرتبط بتنظيم داعش.

ولاحظت صحيفة واشنطن بوست انه ورغم الاهتمام باختطاف 300 طالبة في عام 2014 على يد مسلحين من بوكو حرام، عادة ما يهمل العالم مشاكل هذا البلد الذي يعيش وضعا معقدا ويتمتع بأهم اقتصاد في افريقيا تقريبا علما انه حليف مهم للولايات المتحدة في المنطقة.

الكساد في روسيا

أدى فرض العقوبات على روسيا بسبب أوكرانيا وانخفاض اسعار السلع والبضائع الى حالة كساد اصابت الاقتصاد الروسي ما ادى الى انخفاض ايرادات البلاد وتزايد معدلات الفقر فيها.

وظهرت النتائج على الصعيد السياسي في شكل التدخل في سوريا المعتقد انه جاء لكسب الدعم في الداخل وفتح ابواب للدبلوماسية مع الغرب الذي يؤكد مثل روسيا ان تنظيم داعش عدو رئيسي. واليوم يبدو أن مستقبل العقوبات الأوروبية ضد روسيا غير اكيد مع انقسام الاراء داخل القارة حول التعاون والتنسيق مع الرئيس فلاديمير بوتين ام لا.

وكان تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو من وعود بوتين ولكن الانتخابات البرلمانية المقبلة قد تكشف عن مدى استياء الناس علما ان نتائج الانتخابات التشريعية السابقة اثارت اضخم موجة احتجاجات في فترة حكم الرئيس بوتين.