حاضر الكولونيل جويل رايبورن، صاحب كتاب "العراق ما بعد أميركا"، في لندن، عمّا أصاب العراق في ظل طائفية المالكي، التي دفعت بالسنة إلى احتضان داعش.


نبيل الحيدري من لندن: أقيمت في كلية الإقتصاد اللندنية ندوة عن العراق، حاضر فيها الكولونيل جويل رايبورن من جامعة الدفاع الوطني، الذي خدم سنوات عديدة في العراق، وكان مستشارًا للإدارة الأميركية، وله كتاب جديد هو "العراق ما بعد اميركا".

أهمية العراق

بدعوة من كلية الإقتصاد اللندنية ومركز الشرق الأوسط، انعقدت الندوة يوم الثلاثاء 17شباط (فبراير) الماضي، بتقديم توبى دوج من الكلية&للتعريف بالكاتب والكتاب وأهميته والجدل المثار حوله.

تحدث جويل أولاً عن أهمية العراق الجغرافية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية، فضلًا عن تاريخه المعروف لأكثر من 7000 سنة، ثم أضاف أنه لا يناقش مسألة احتلال العراق وشرعيتها وأسبابها والعوامل وراءها، لكنه يتحدث عمّا بعد 2003، وما وصل إليه العراق حتى يومنا الحاضر، والحركة الديمقراطية والتحديات التي يواجهها.

طائفية المالكي

اعتبر جويل المشكلة الطائفية من أهم المشاكل التي يعانيها العراق، بسبب سيطرة الأحزاب والشخصيات الطائفية، مثل نوري المالكي الذي كان طائفيًا بامتياز، كرئيس للوزراء وكزعيم لحزب الدعوة، وأثبت للجميع تبعيته لإيران ومحاربته للسنة وتعامله بعنف مع التظاهرات السلمية في المناطق السنية.

وعرض فيلمًا للتظاهرات في ساحة التحرير، حيث أطلق المالكي الرصاص الحي، قائلًا إن هذا أسلوب المالكي في التعامل حتى مع الشيعة والتظاهرات في ساحة التحرير في بغداد، فضلاً عن قساوته المشهودة في تعامله مع السنة، ومحاولة إزالة شخصيات سنية من مواقعها، مثل طارق الهاشمي والعيساوي.

وعرض فيلمًا عن تعامله مع السنة وتظاهراتهم السلمية بعنف واضح، شارحًا استغلال السلطة للإستحواذ والهيمنة، إذ كان القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية ووزير الدفاع ويتولى وزارتي الأمن والإستخبارات.

كانت الإدارة الأميركية تظن المالكي ليس طائفيًا لأنه شن هجومه على التيار الشيعي الصدري في الجنوب، ما أوهمهم بعدم طائفيته. وتبين أنه طائفي بامتياز وتابع لإيران ودعمه للميليشيات الطائفية.

قاتل السنة

كذلك تحدث جويل عن الميليشيات الطائفية الشيعية التابعة لإيران، ومنها فيلق بدر، وعلاقته بقاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، فأظهر صورًا عديدة تجمع سليماني وهادي العامري رئيس فيلق بدر التابع لإيران. وبات العامري رئيس الحشد الشعبي المتهم بالكثير من القتل للطائفة السنية. وفي بعض الصور، يظهر أيضًا أبومهدي المهندس من حزب الدعوة الذي يسكن المنطقة الخضراء، والمتهم بقضايا كثيرة، كما هو معروف مع سليماني والعامري.

كما تحدث عن ميليشيات شيعية أخرى تابعة لإيران كحزب الله وجيش المختار وعصائب أهل الحق ولواء أبي الفضل العباس ومشاركاتها في سوريا بحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب والعتبات المقدسة في سوريا، بينما هي تساند النظام السوري مع الأجندة الإيرانية، وعرض أفلامًا بذلك. كما ذكر فتوى السيستاني بالجهاد وما أداه للحشد الشعبي.

خطر داعش

وتحدث جويل كثيرًا عن تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وكيف استطاع في أيام المالكي السيطرة على الموصل، ثاني محافظة كبيرة في العراق في فترة وجيزة.

وتحدث عن انتشار داعش وفكره التكفيري ليأخذ مناطق أخرى فى العراق، وليسيطر على حقول نفط، وامتداده بالعراق وسوريا. وعرض فيلمًا عن أبي بكر البغدادي وخطابه في الموصل، وأكد أن البغدادي حقّق ما لم يحققه بن لادن ولا أيمن الظواهري، بالسيطرة على مساحات من العراق وسوريا، وعرض أفلامًا عن داعش وجرائمه.

وتحدث جويل عن الوضع الضعيف والحرج للسنة حيث قاموا بالتظاهرات السلمية لفترة طويلة، وكيف تعامل المالكي والميليشيات الشيعية معهم، ما جعلهم حاضنة لداعش، وعن الفلوجة وتاريخها وما حصل فيها وكيف تعامل المالكي مع أهلها، وأظهر فيلمًا خاصًا بذلك.

مصالح إيران

كذلك تحدث عن الأكراد ومشكلتهم مع المركز والمالكي والنفط. وذكر أن العراق يواجه مشاكل عديدة منها الطائفية والميليشيات وتبعيتها لسليماني وإيران ومشكلة الكرد مع المركز ومشكلة العراق مع جيرانه. وفي سؤال أحدهم عن الحدود العراقية، قال جويل: "كان من الصعب على الإدارة الأميركية حماية الحدود العراقية، ما جعل الإنتحاريين يقدمون من مختلف بقاع العالم للعراق لتفجير أنفسهم".

وفي سؤال كيف استطاع المالكي، وهو مدعوم من الإدارة الأميركية، بجعل العراق تابعًا لإيران وميليشياتها لسليماني، أجاب: "لم يتصوروا المالكي طائفيًا إلى هذا الحد، لأن حديثه معهم كان مغايرًا، والواقع أظهر خلاف ذلك وتبعيته لإيران، ومحاولته الموازنة بين أميركا وإيران، بل تفضيل المصالح الإيرانية".