يتعرض جون كيري لسيل من الانتقاد الجارح بسبب تلميحه إلى ضرورة التفاوض مع بشار الأسد، الذي قال إنه ينتظر أفعالًا أميركية. باريس ردت بحدة أن لا أسد في سوريا، ومثلها بريطانيا وتركيا.


بيروت: تنهمر الانتقادات مطرًا غزيرًا على واشنطن ووزير خارجيتها جون كيري، بعدما لمح جهارًا إلى إمكانية الانفتاح على بشار الأسد والتفاوض معه "بشأن انتقال سياسي لإنهاء الحرب السورية".
&
باريس: لا أسد
&
كانت باريس أول المنتقدين، فرد لوران فابيوس، نظير كيري، بلهجة حادة عقب اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، فأكد أن الحل في سوريا يمر عبر انتقال سياسي يفترض به أن يحافظ على مؤسسات الدولة، "لكن ليس على بشار الأسد، وأي حل آخر يمكن الأسد من البقاء في السلطة سيكون بمثابة هدية فاضحة وضخمة لإرهابيي (داعش)".
&
أضاف: "تصريحات كيري لن تغيّر موقف فرنسا من الأسد، وفرنسا بلد مستقل، وسياستها إزاء المأساة الرهيبة في سوريا لم تتغيّر".
&
واستدرك فابيوس لافتًا إلى أنه تحادث صباح الاثنين مع كيري، الذي أكد له أن لا جديد في الموقف الأميركي من سوريا.
&
وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس: "لا حل في سوريا طالما بقي بشار الأسد، وكيري يعرف ذلك تمامًا".
&
جنيف3
&
ونقلت صحيفة "الحياة" عن مصدر فرنسي رفيع المستوى قوله إن الإدارة الأميركية ليست لها استراتيجية في سوريا، "وكيري كان يتحدث قبل أسبوع فقط عن تسليح المعارضة ودعمها للتدخل على الأرض، ورسالة فابيوس للمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، عندما التقاه في باريس، كانت تنص على ضرورة أن يعمل الأخير من أجل عقد اجتماع جنيف٣، لا أن &يضيّع وقته في مبادرة تجميد القتال في حلب، لأن النظام أفشلها، والمهم الآن هو العمل للتحضير لجنيف٣ وهذا ما تعمل عليه باريس".
&
وذكر المصدر أن الجميع، من موسكو إلى القاهرة فباريس، يريد عقد جنيف٣، "لكن إذا كانت موسكو تريد العمل فعلًا من أجله، فعليها أن تعمل من أجل إنجاحه"، في إشارة إلى ضرورة الضغط على النظام السوري. أضاف: "باريس تعمل لوضع خطة انتقالية في سوريا".
&
لكنّ أوساطًا فرنسية تكشف أنه لا يمكن عقد جنيف٣ إلا في إطار اتفاق بين الجميع على التحاور حول المسألة الأساسية، وهي هيئة الحكم الانتقالية ذات الصلاحيات التنفيذية الكاملة. لكن لا يمكن عقد جنيف٣ من أجل إتاحة الفرصة للأسد لتقديم حكومة وحدة وطنية، عوض هيئة الحكم الانتقالية.
&
إيضاح أميركي
&
أما بريطانيا فمرابطة بعد عند موقفها: "لا مكان للأسد في مستقبل سوريا". وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية: "كما أعلن وزير الخارجية فيليب هاموند الأسبوع الماضي، فإننا مستمرون في ممارسة الضغوط على النظام السوري عبر العقوبات إلى أن يضع حدًا لأعمال العنف ويدخل في مفاوضات جدية مع المعارضة المعتدلة".
&
وحاولت المتحدثة ماري هارف، باسم الخارجية الأميركية، إصلاح ما افسده كيري، فقالت إن السياسة الأميركية نحو الأسد لم تتغيّر، "ولا يوجد مستقبل لحاكم ديكتاتوري قاسٍ مثل الأسد في سوريا، ونظل ملتزمين بالبحث عن طرق دبلوماسية للتفاوض حول حل سلمي، والوزير كيري أوضح أننا لم نتفاوض مع الأسد، ولن نتفاوض معه".
&
أضافت: "نعلم أن نظام الأسد يجب أن يكون جزءًا من المفاوضات للوصول إلى صيغة الحكم الانتقالي. ولا بد أن يكون له مقعد على الطاولة. هذا هو السبب في أنهم كانوا جزءًا من أول جولتين في جنيف، لكننا واضحون في أن الأسد يجب أن يرحل، إذ فقد كل الشرعية".

ما النتيجة؟
&
أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو فقال إن مشكلات سوريا الحالية سببها نظام الأسد، "وماذا هناك ليتم التفاوض حوله مع الأسد؟ وأي نتيجة تحققت مع هذا النظام عبر المفاوضات؟"، مؤكدًا أن على الجميع العمل من أجل انتقال سياسي في سوريا.
&
اضاف جاويش أوغلو: "يجب حل مسألتين من أجل إحلال السلام في سوريا، هما القضاء على داعش ومجموعات إرهابية أخرى، وحصول انتقال سياسي في سوريا مع رحيل نظام الأسد".
&
وأبدت المعارضة السورية استياءً كبيرًا من تصريحات كيري، فجدد الائتلاف الوطني السوري المعارض تأكيده ضرورة تنحي الأسد.
&
أما الأسد فيشعر شعور المنتصر، وردّ على كيري بقوله إنه ينتظر تحركًا من الإدارة الأميركية بخصوص التفاوض على حل سياسي. لكنه بقي على "حذره"، إذ قال: "أي شيء يأتي من الخارج مجرد كلام وفقاعات تذهب وتختفي".
&
وقال الأسد للتلفزيون الإيراني: "ما زلنا نسمع تصريحات، وعلينا أن ننتظر الأفعال، وعندها نقرر".

رسالة لإيران
&
ونسبت "الشرق الأوسط" إلى الخبير في شؤون الشرق الأوسط، سامي نادر، قوله إن موقف كيري الأخير لم يحمل أي جديد حيال النظام السوري، "الذي كان موجودًا على طاولة مباحثات جنيف، بقدر ما كان رسالة ودعوة إلى من يقف خلفه، وتحديدًا إيران، للمشاركة في الحل بسوريا بعدما تم استبعادها عن جنيف، في ظل المفاوضات النووية بين الطرفين".
&
أضاف نادر للصحيفة: "العنوان الأميركي هو محاربة داعش، فيما الأولوية اليوم تبقى للمفاوضات النووية الإيرانية ونتائجها التي ستنعكس بالتأكيد على الأزمة السورية، وأميركا تستخدم الساحة السورية في علاقتها مع إيران معتمدة على سياسة الاستنزاف من جهة، والاجتذاب من جهة أخرى".