في حديثه الأخير حول ضرورة الحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد، أعطى وزير الخارجيّة الأميركيّة دفعة مؤازرة لقوى 8 آذار في لبنان، بعدما أثار كلامه موجة من الانتقادات الكثيرة.

بيروت: تفاعلت القوى السياسيّة في لبنان بعد كلام وزير الخارجيّة الأميركيّة جون كيري حول ضرورة الحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في موقفه الأسبوعي إلى جريدة الأنباء: هل أصبح معيبًا إستهجان كلام وزير الخارجيّة الأميركيّة، الذي يمس بتضحيات الملايين من الشعب السوري، الذين إما قُتلوا أو هُجروا أو شُرّدوا من بيوتهم وأملاكهم وأرزاقهم لمجرد أنه قال بضرورة معاودة التفاوض مع بشار الأسد؟
كما غرّد رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع عبر التويتر، وقال Mr. Kerry, don’t beat a dead horse، ما يعني أنه لا يجب ضرب أو جلد حصان ميّت، لأن ذلك لن يؤدي إلى أي نتيجة، أو بالأحرى لن يوصل إلى أي مكان.
&
إرباك أميركي
في هذا الخصوص يقول الإعلامي علي الأمين لـ"إيلاف" إن كلام كيري يعكس نوعًا من الإرباك، إزاء الموقف الأميركي من الأزمة السورية، وهذا ما يفسّر مسار المواقف منذ بداية الأزمة السوريّة، التي كانت تدعو في البداية إلى إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ولكن كانت متحفّظة جدًا على فكرة إسقاط النظام السوري، وربما التفسيرات التي جرت أمس من وزراء الخارجيّة ومحاولة الإلتفاف على كلام كيري، أيضًا توضح هذا الجانب من الإلتباس، ولكن، يضيف الأمين، كمراقب، كل الموقف الأميركي كان ثابتًا عند نقطة أساسيّة، وهي عدم المغامرة بإسقاط النظام السوري، من دون تغيير المضمون بالنسبة للولايات المتحدة الأميركيّة، بمعنى إيجاد البديل الذي يضمن مصالح أميركا الإقليميّة، بخاصة في ما يتعلق بموضوع الإسرائيليين بالدرجة الأولى، فضلاً عن جوانب أخرى تتصل بطبيعة القوى التي يمكن أن تتولى السلطة، ويعتقد الأمين أن الموقف الأميركي كان حريصًا منذ البداية على عدم دعم أية خطوة جديّة لإسقاط النظام، وهذا ما لاحظناه عندما تم قصف ضواحي دمشق، ما أدى إلى مقتل المئات من المدنيين، فتحركت الأساطيل الأميركيّة وقيل حينها إن هناك ضربة ستوجّه، وعندما قدّم النظام السوري السلاح الكيميائي على طبق من فضة إلى المجتمع الدولي، رأينا كيف تراجعت أميركا عن ضرب النظام السوري.
&
ويتابع الأمين :"مصالح أميركا ليس من ضمنها بالضرورة مصلحة الشعب السوري وتحرّره، وما دام النظام رغم ضعفه يؤمّن هذه المصالح، فليس من موقف أميركي يمكن أن يهدد هذا النظام".
أما الإعلامي فداء عيتاني فيعتبر في حديثه لـ"إيلاف" أن كلام كيري هو بمثابة إعلان موقف أميركي واضح، كان مسكوتًا عنه من قبل، لكنه كان ممارسًا في الحقيقة، وهو يدخل ضمن إطار توضيح الموقف الأميركي، الذي بدأ مع مدير ال سي أي أي، الذي أكد بأنه لا يريد أن يرى أي متطرّف في شوارع دمشق، وتدرّج الموقف وصولاً إلى كلام كيري الأخير، وهو الموقف الحقيقي للإدارة الأميركية منذ اليوم الأول للثورة السورية.
ويتابع عيتاني :"يدل هذا الكلام على صفقة كبيرة مع إيران، وتخلي الأميركيين عن حلفائهم، واتباع مصالحهم، ويدل بشكل أساسي على استمرار الأحداث في سوريا على الشكل الحالي".
وبحسب عيتاني، أميركا لها حصة اليوم بالأحداث في سوريا، وبالتالي ستربح في كل الأحوال، ووضع ضوابط للأزمة يعتبر إحدى الأوراق القوية بيد أميركا.&
&
إنعكاس كلام كيري لبنانيًا
كلام كيري الأخير كيف يقوي فريق 8 آذار في لبنان بمواجهة فريق 14 آذار؟ يقول عيتاني إن كلام كيري إنما يحقّق ما قاله الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله عندما تحدث بأن إنجاز النووي بين أميركا وإيران سيؤدي إلى تقوية فريقه في المنطقة، ونحن نقرب من هذا الاتفاق، وفريقه سيكون الأقوى، وكلام كيري سيقوي فريق 8 آذار في لبنان، والأميركيون غير معنيين بقوى 14 آذار بتاتًا، ولبنان لا يمثل للأميركيين سوى نقطة يجب الحفاظ على استقرارها فقط.
في هذا الصدد، يقول الأمين إن كلام كيري استتبع ردود فعل لبنانيّة، وأبرز المواقف كان للنائب جنبلاط حيث أدان الموقف الأميركي ولا شك أن قوى 8 آذار تحاول استكمال هذا الموقف بالقول إن الآخرين أي أميركا سلّمت بمقولة أن الأسد لا يمكن أن يسقط في سوريا، وبالتالي هو عنصر أساسي في كل حرب، وباعتقاد الأمين أن هناك مبالغة بإعطاء صورة للموقف الأميركي بأنه جديد، ربما العبارة كانت واضحة أكثر، ولكن بالسياسة وبمسار الأمور، فإن الأفعال لا توحي بأن أميركا كانت مهتمة بإسقاط النظام، بل كانت تشكّل في سياستها نوعًا من الحماية والحصانة لهذا النظام من السقوط، وبهذا المعنى قوى 8 آذار تحاول القول إنها حققت إنجازًا من خلال الموقف الأميركي الجديد من خلال تضخيمه، وتحاول استثماره في الداخل، ولكن في المسار السياسي البعيد، من الصعب استثمار هذا الموقف الأميركي السياسي في تحقيق مكاسب معينة داخلية في مواجهة 14 آذار، خصوصًا أنه حتى مع التوافق الأميركي الإيراني على حل الأزمة السورية، فهو ليس قادرًا على حسم الخيار من خلال إخماد الثورة السورية لصالح تثبيت بشار الأسد، باعتبار أنه أصبح من الماضي، ولا يمكن تخيّل أي معادلة في سوريا جديدة مستقرة يمكن أن يكون فيها بشار الأسد.
&
&