حذر المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيستاني من الخلافات الناشبة بين ميليشيات الحشد الشعبي للمتطوعين والقيادة العسكرية على الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، داعيًا إلى اجتماع يتوصل إلى قرار موحد لإنهائها.. وطالب بتصنيع الأسلحة محليًا والاهتمام بتكريم شهداء المعارك وعوائلهم ومعالجة الجرحى داخل العراق وخارجه.


أسامة مهدي: قال السيد أحمد الصافي، معتمد المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم، وتابعتها "إيلاف"، إن المرجعية في الوقت الذي تشد فيه على أيادي عناصر القوات المسلحة ومتطوعي الحشد الشعبي وأبناء العشائر، فإنه يجب التأكيد على ضرورة وحدة الرؤيا وتنسيق المواقف بين هذه الجهات الحريصة على دحر الإرهاب وأهمية توحيد قراراتها المصيرية.

دعوة إلى وحدة المقاتلين
وشدد على أن هذا الزخم المادي والمعنوي يجب أن يكون حاضرًا باستمرار، وعلى القادة الأمنيين أن يجتمعوا ويتشاوروا الأمر بينهم ورفعه إلى القيادة العسكرية العليا لاتخاذ قرار حاسم بصدده. وحذر من أن التقاطعات بين المقاتلين لها نتائج غير محمودة في سير العمليات العسكرية الحالية، وشدد على ضرورة وضع الخطط الموحدة لضرب الإرهاب وإلحاق الهزيمة به.. في إشارة إلى الخلافات بين ميليشيات الحشد الشعبي والقيادة العسكرية وانسحاب قسم منها من معركة تحرير مدينة تكريت الجارية حاليًا، احتجاجًا على مشاركة الطيران الأميركي فيها. وشدد على ضرورة عدم السماح بغياب التنسيق بين المتطوعين وقيادة القوات المسلحة.

والليلة الماضية، سعى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال تفقده العمليات العسكرية في تكريت إلى التهوين من تأثير انسحاب ميليشيات الحشد الشعبي من معركة المدينة.. معترفًا بوجود مواقف متباينة حول سير المعارك فيها، لكنه أكد أن النصر في محافظة صلاح الدين أصبح في اليد.. وسط تناقض في المعلومات عن رفض عناصر الحشد المشاركة في المعركة احتجاجًا على مشاركة الطيران الأميركي فيها.

وكان قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال لويد أوستن قد أكد خلال جلسة في مجلس الشيوخ أمس أن قوات الحشد الشعبي الشيعية العراقية انسحبت من الهجوم على مدينة تكريت.. وقال إن "الميليشيات الشيعية انسحبت من منطقة تكريت وأن نحو أربعة آلاف عنصر من القوات الخاصة والشرطة العراقية يشاركون حاليًا في العملية الجارية لاستعادة المدينة من تنظيم "داعش"، والتي بدأت قبل ثلاثة أسابيع".

من جهته، أعلن الناطق العسكري باسم ميليشيا عصائب أهل الحق القيادي في الحشد الشعبي جواد الطليباوي تعليق مشاركة العصائب والحشد والمقاومة الإسلامية في عملية تحرير تكريت احتجاجًا على مشاركة طيران التحالف الدولي، وخاصة الأميركي. وبالعكس من ذلك، نفى قيادي آخر في الحشد الشعبي، هو النائب أحمد الأسدي، انسحاب قوات الحشد الشعبي من تكريت. وقال إن "القوات ثابتة في مواقعها، وتحكم الخناق على داعش الإرهابي".

يذكر أن القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي أعلن مساء الأربعاء عن بدء الصفحة الأخيرة من عمليات تحرير محافظة صلاح الدين وانتزاع عاصمتها تكريت من سيطرة تنظيم "داعش"، الذي يحتلها منذ حزيران (يونيو) 2014.&&

تصنيع الأسلحة محليًا
في موضوع آخر يتعلق أيضًا بالمعارك الجارية بين القوات العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، فقد أشار معتمد السيستاني إلى أن أي حرب تكلف البلد الذي يخوضها خسائر بشرية ومادية باهظة، وفي العراق تتوافر طاقات علمية كثيرة من شأنها أن تبدع وتتكفل بتوفير المستلزمات العسكرية من الأسلحة والأعتدة.

وشدد على ضرورة اتخاذ خطوات جادة لتصنيع الأسلحة والمعدات محليًا وتوفير ما تحتاجه المعركة منها وعدم الاعتماد على استيرادها من الخارج. وأوضح أن في المؤسسة العسكرية خبراء في هذا المجال، ولهم القدرة على إنجاز عمليات التصنيع، مع الاستفادة من منشآت التصنيع العسكري الموجودة في البلاد، والتي لا تحتاج للبدء بالعمل سوى بعض التأهيل، وبما سيخفف من الأعباء المالية على البلد، ويوفر خزينًا استراتيجيًا من الأسلحة للبلاد.

وأكد أنه لا بد من الاهتمام بالجهد العسكري الهندسي، لأن هذا الجهد يمكن من تقليل الخسائر إلى الحد الأدنى، وبما يحفظ أرواح المقاتلين ويسهل عمليات تحرير الأراضي العراقية من الجماعات الإرهابية.

يذكر أن مؤسسات التصنيع العسكري في العراق كانت متقدمة في إنتاجها التسليحي خلال حقبة النظام السابق، الذي أنفق عليها أموالًا ضخمة، مكنتها من إنتاج أسلحة متطورة، لكن بعضها تم تدميره من قبل خبراء الأمم المتحدة بمزاعم إنتاجها أسلحة دمار محظورة، فيما ظل القسم الآخر مهملًا لحد الآن.

الشهداء والجرحى
وعن الشهداء والجرحى العراقيين، الذين يتساقطون في المعارك الحالية ضد "داعش"، أشار الصافي إلى أن الدماء هي أغلى ما تقدمه الشعوب من أجل حاضرها ومستقبلها والدفاع عن مصيرها.. وقال إن الأمهات والزوجات ما زلن يدفعن أبناءَهن وأزواجهن إلى القتال والدفاع عن كرامة العراق في موقف مشرف مشهود.. لكنه أكد أن الاهتمام بالشهداء لا يزال دون المطلوب.

وشدد على ضرورة الاهتمام بتكريم الشهداء بشكل خاص ورعاية عوائلهم واستثمار جميع المناسبات لتكريمها.. مطالبًا الإدارات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني "بإيجاد السبل المناسبة لتكفلها بالاهتمام والرعاية، خاصة وأن معظم الشهداء ينحدرون من عوائل محرومة، لكنهم اندفعوا للدفاع عن بلدهم".

وطالب معتمد المرجع السيستاني مجلس النواب العراقي بتشريع القوانين التي تحفظ للشهداء وعوائلهم حقوقهم، لأن البلاد قد حفظت بدمائهم.. كما دعا إلى رعاية الجرحى والتكفل بعلاجهم داخل العراق وخارجه باعتبارهم ذخيرة البلاد الحية، كما قال. وتشير تقارير إلى أن المتطوعين قدموا في المعارك الحالية في محافظة صلاح الدين التي انطلقت في الثاني من الشهر الحالي حوالى ألف شهيد وجريح.
&