يتذكر أرمن لبنان ما تعرّض له أجدادهم منذ مئة عام خلال المجزرة ويؤكدون ولاءهم للبنان واندماجهم بالمجتمع اللبناني ويحلم بعضهم بالعودة إلى أرمينيا.

بيروت: في الذكرى المئوية لمجازر الأرمن، يقول سركيس بولاديان ( لبناني من أصل أرمني) إنه ولد في لبنان وأبوه كذلك، لكنه يتذكر جدّه الذي كان يتحدث دومًا عن ما تعرض له الأرمن من إضطهاد ومجازر، وهو يعتبر لبنان بلده الأصلي ويحلم يومًا بزيارة أرمينيا والتعرف على جذوره.

إيلي مختاريان يشير أيضًا إلى أن الأرمن اندمجوا& في المجتمع اللبناني وباتوا جزءًا من نسيج هذا الوطن الصغير على المستويات كافة، وبرزوا خصوصًا على المستوى السياسي. ويؤكد مختاريان أن الأرمن لن ينسوا أبدًا ما تعرضوا له وستبقى ذكرى المجزرة دافعًا لكل أرمني في أن يحافظ أولاً على لغته الأصلية وثانيًا على هويته الأرمنيّة.

هاغوب كوستانيان يتذكر ما قاله له جده بأن أهله ذبحوا جميعهم وبقي الجد في الميتم في أرمينيا قبل أن يذهب إلى لبنان، كوستانيان يحلم أيضًا بالعودة إلى أرمينيا خصوصًا أنه لم يزرها يومًا وأنه سمع بمدى احتوائها على تراث عريق، ويؤكد أن الأرمن هم جزء من المجتمع اللبناني ويحملون رسالة لبقية الشعب اللبناني، تقضي بوجوب التمسك بالقضية والحقوق.

أرمن لبنان

في لبنان ما يقارب ال 100 الف أرمني، 80 ألف أرثودوكس و20 ألف كاثوليك، يتوزّعون على مختلف المناطق اللبنانيّة ويتواجدون بكثرة في منطقة برج حمود وعنجر وإنطلياس، وقد حصلوا على الجنسيّة اللبنانيّة ولهم في البرلمان اللبناني العديد من النواب وهم يتوزّعون على ثلاثة أحزاب رئيسيّة: الطشناق والهنشاك ورامغفار.

ولعب الأرمن في لبنان دورًا مهمًا في الحياة الإجتماعيّة وشكّلوا ثقلا في الحياة السياسيّة وبقوا على مسافة واحدة من جميع الطوائف المكوّنة للشعب اللبناني، فلم يستفزّوا مشاعر أحد ولم يشاركوا في الأحداث الداخليّة ودفعوا ثمنّا باهظّا بسبب موقفهم هذا إلا إنهم لم يتراجعوا عن هذه الأخلاقيات وقد أحبهم الجميع واحترموا من قبل الجميع واتسم الأرمن بالصدق في تعاملهم وحسن آدائهم وصدقوا في المعاملة وصدقوا في الحياة السياسيّة، وبرز منهم نواب ووزراء وقادة جيش ولهم صحف تصدر بالغة الارمنيّة "ازتاك" وسواها، ولم يسكن الأرمن في مساكن خاصة بهم فأحياؤهم خليط من مختلف شرائح الشعب اللبناني ولهم مدارس وكليّات أهمها كليّة "هايكازيان" ويتكلم الأرمن في لبنان اللغة العربيّة إلى جانب احتفاظهم بلغتهم الأم.

الانصهار

ويمتاز الأرمن عن غيرهم من القوميّات بأنهم ورغم تحسسّهم بأرمنيتهم كقوميّة انبثقوا منها، إلا أنهم لم يتخذوا من تجزرهم العرقي سببًا للتنكّر للأرض التي احتضنتهم والشعب الذي آخاهم ليشكّلوا نواة قوميّة منعزلة، لقد كانوا قوميّة متجانسة في البوتقة الاجتماعيّة الكبرى وانصهروا فيها، لقد تفاعل الأرمن مع محيطهم الاجتماعي الذي وجدوا فيه وتجانسوا مع المجموعات الأخرى التي عاشوا معها وتفاعلوا وكوّنوا مشاركين حضارة وسطرّوا تاريخّا ورووا بدمائهم الأرض التي اشادوا عليها وطنًا أحبوه وأحبهم، ومنحوا هذا الوطن حبهم وولاءهم.

ويتذكر أرمن لبنان المجزرة الكبرى التي بدأت& بتاريخ& ٢٤ نيسان/ ابريل ١٩١٥،& أي منذ مئة عام ففي ذلك اليوم اعتقلت السلطات التركيّة ستمئة زعيم أرمني في اسطنبول وصفّتهم جسديًا، وسُرّح كل الجنود الموجودين في الجيش التركي من أصل أرمني ثم أرسلوا إلى الأعمال الشاقة وقتلوا هناك.