أجرى وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند مباحثات في بغداد اليوم، استهدفت توسيع التعاون في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وتطوير علاقات البلدين في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية، حيث أكد الوزير لمحاوريه العراقيين أن المصالحة الوطنية والأمن ضروريان من أجل بقاء العراق موحدًا.


أسامة مهدي: خلال اجتماعه مع الوزير البريطاني فيليب هاموند الأحد، أشار الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى العلاقات الوطيدة بين العراق والمملكة المتحدة، مؤكدًا على ضرورة تطويرها وتعزيزها لتشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وبما يخدم تطلعات الشعبين الصديقين في التقدم والرفاه. وثمّن الرئيس معصوم دور المملكة المتحدة في دعم العراق في المجال الإنساني ومساندة القوات الأمنية العراقية في مكافحة الإرهاب من خلال مشاركتها في التحالف الدولي.

لمصالحة شاملة
كما سلط معصوم الضوء على الجهود المبذولة حاليًا من قبل السلطات الثلاث للرئاسة والحكومة والبرلمان، لإنجاز مصالحة وطنية شاملة وواقعية تستند إلى مبادئ الدستور والحقوق والقانون، وتأخذ في&الاعتبار الانطلاق من واقع المحافظات والمكونات ذات العلاقة.. مشددًا على ضرورة الاهتمام البالغ بإنهاء معاناة النازحين وإعمار مناطقهم المحررة من الإرهاب. وأشار إلى تعمق التفاهم بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، وبذل الطرفين كل جهد من أجل الاتفاق على السبل الكفيلة لحل نقاط الخلاف السابقة.

من جانبه، ثمّن هاموند الدور الذي يضطلع به الرئيس معصوم من أجل تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية وحثهم على توحيد مواقفهم للتغلب على الصعوبات التي تواجه العراق، وفي مقدمتها خطر عصابات داعش الإرهابية.. كما وشدد على التزام بلاده بمساعدة العراق على الحرب ضد الإرهاب.

من جهته، بحث رئيس مجلس النواب سليم الجبوري مع الوزير البريطاني العلاقات بين بلديهما وسبل تعزيزها بما يضمن المصالح المشتركة لشعبيهما، حيث ثمّن الجبوري الاهتمام الكبير للتحالف الدولي في دعم العراق بمواجهة الإرهاب والدور البريطاني تحديدًا في الملف العراقي ودعمه في مواجهة التحديات الكبيرة ومحاربة تنظيم داعش.

ارتباط أمني
وشدد المسؤول العراقي على أن الإصلاح الأمني مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالإصلاح السياسي، وهو ما يستدعي تطبيق الاتفاقات التي أبرمت بين الكتل السياسية إبان تشكيل الحكومة، والتي تعد أمرًا ملحًّا من أجل المضي بالعملية السياسية إلى الأمام.

من جانبه، أكد وزير الخارجية البريطاني دعم بلاده للعراق في مواجهة التحديات، لافتًا إلى أن تحقيق الأمن وتطبيق المصالحة الوطنية أمران لا ينفصلان من أجل بقاء العراق موحدًا.. مثمّنًا في الوقت عينه الدور الإيجابي للبرلمان العراقي في إنجاح العمل السياسي في البلاد، مؤكدًا استعداد بلاده لتقديم المساعدة والتعاون مع العراق& من أجل نجاح التجربة الديمقراطية في البلاد.

يذكر أن العلاقات العراقية البريطانية شهدت تطورًا كبيرًا بعد التغيير، حيث كانت القوات البريطانية ثاني أكبر القوات في العراق بعد الأميركية، وتولت زمام الأمور في مدينة البصرة في جنوب العراق، فقد ظلت العلاقات بين البلدين متينة ومتطورة، بحيث تشارك لندن مع واشنطن في رسم خارطة السياسات العراقية المتعاقبة منذ ذلك الوقت. وقد دخلت بريطانيا بقوة في استثمارات نفطية ومشاريع تجارية في العراق، مستغلة موقعها ومكانتها على الساحة السياسية العراقية، حيث ارتفع الميزان التجاري بين البلدين إلى حوالى 6 مليارات دولار.

ومنذ احتلال داعش لمدينة الموصل في حزيران (يونيو) 2014 فقد انضمت بريطانيا إلى التحالف الدولي لمواجهة التنظيم، الذي احتل مساحات شاسعة من العراق، وقدمت مساعدات عسكرية ولوجستية للعراق في حربه ضد التنظيم.. لكن هذا الدعم العسكري اقتصر على قوات البيشمركة الكردية التي قدمت إليها أسلحة، وقامت بتدريب حوالى ألفي عنصر منها. وبرغم ذلك، فقد سمحت السلطات العراقية للطائرات الحربية البريطانية باستخدام أجواء بلادها في عملياتها ضد قواعد ومقاتلي داعش من دون الرجوع إليها أو أخذ موافقتها.

وفي أيلول (سبتمبر) 2014 قدمت الحكومة البريطانية كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والذخيرة إلى قوات البيشمركة الكردية لمواجهة داعش، حيث بلغت قيمة هذه الأسلحة 1.6مليون جنيه إسترليني، يضاف إليها حوالى نصف مليون جنيه، قيمة شحنها إلى العراق بما يصل إلى حوالى 3 ملايين دولار. كما تقوم بريطانيا بتوفير مساعدات إنسانية للمدنيين الأبرياء من النازحين، الذين وصل عددهم إلى 2.5 مليون نسمة.

وفي مطلع الشهر الماضي انتقدت الخارجية البريطانية تدهور أوضاع حقوق الإنسان في العراق بشكل كبير خلال عام 2014. وقالت إن حقوق الإنسان ظلت محورًا أساسيًا في اتصالات الحكومة البريطانية مع نظيرتها العراقية خلال عام 2014.. موضحة "أن التقدّم على صعيد أولوياتنا كان بطيئًا، ويعود ذلك إلى أسباب منها تقدم مقاتلي داعش، غير أنه عكس أيضًا إخفاق الحكومات العراقية السابقة في الحكم بشكل يشمل كل أطياف المجتمع العراقي وحماية حقوق الإنسان، وهو ما أدى بدوْره إلى نشوء داعش.
&
وبريطانيا طرفٌ في ائتلاف يزيد على 60 دولة تدعم الحكومة العراقية في قتالها ضد داعش، وتساهم ضربات سلاح الجو الملكي في مساعدة القوات البرية العراقية، حيث تعتبر لندن أن دحر قوات داعش ضروري لحماية المدنيين، وتمكين النازحين داخل العراق من العودة إلى منازلهم. وقد كانت المملكة المتحدة واضحة في موقفها من جهود التعامل مع الإرهاب.

وقد رحّبت لندن بتشكيل حكومة وحدة وطنية بزعامة العبادي.. وقالت إن من أهدافها "أن تكون من الجميع، وللجميع، ويعتبر هذا بمثابة خطوة حيوية لمعالجة التحدِّيات التي يواجهها العراق والترويج لحقوق الإنسان داخل البلاد، حيث يتعيّن على الحكومة العراقية الاستمرار في تبني هذا الالتزام بالشمولية خلال عام 2015، كما قالت الخارجية البريطانية. وأكدت أنها ستواصل العمل مع الحكومة الجديدة لدعم كل المواطنين العراقيين، وخصوصًا في القتال ضد داعش.. وقالت إنها ستركز خلال عام 2015 على مكافحة العنف ضد النساء ومنع العنف الجنسي في الصراع، وسوف تشارك أيضًا في الحثّ على سيادة القانون وتشجيع حرية الدين أو المعتقد.&

&