تتبدى سمات الجيل الجديد من القادة الخليجيين في مطالبتهم بتحالفات بدلًا من الاعتماد على واشنطن، وفي كونهم أكثر استعدادا لأن يقولوا "كلا" لحليفهم الرئيسي.

إعداد عبدالاله مجيد: لاحظ مراقبون أن الجيل الجديد من القادة الخليجين الذين سيجتمعون مع الرئيس باراك اوباما في كامب ديفيد الخميس يختلفون عمن سبقهم بأسلوب توصيل مواقفهم، الذي يتسم بالصراحة.

لا يباركون خطط أوباما

وكان قرار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز البقاء في الرياض ألقى بظلال كثيفة على اجواء القمة، حين اعلن ارسال ولي العهد وولي ولي العهد إلى القمة، مع ما أثاره من مخاوف في واشنطن بشأن غضب الخليج على السياسة الاميركية وامتناعهم عن مباركة خططها للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.

وسيكون أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، البالغ من العمر 85 عامًا، الوحيد من قادة الحرس القديم الحاضر في كامب ديفيد، رغم أن أمير قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني الذي تسلم مقاليد الحكم قبل أقل من عامين سيحضر معه.

وقرر قادة الخليج الأربعة الآخرون ارسال نواب اصغر سنًا في ما اعتبره مراقبون مؤشر انتقال إلى مرحلة جديدة في العلاقات الاميركية الخليجية.

نظرة نقدية

لدى قادة الخليج ما يكفي من اسباب للنظرة النقدية إلى السياسة الاميركية، بما فيها نية عقد اتفاق نووي مع إيران بأي ثمن، وغياب الحسم في التعامل مع نظام بشار الأسد رغم تجاوزه الخطوط الحمراء التي رسمتها له الادارة الاميركية نفسها، وعدم الضغط بما في الكفاية على اسرائيل للوصول إلى تسوية سلمية مع الفلسطينيين.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الخبير الأمني في مركز الخليج للأبحاث مصطفى العاني قوله: "ان فجوة الثقة باقية مع هذه الادارة"، متسائلا عما إذا كانت واشنطن ستنفذ وعودها. واضاف العاني"ان السعوديين ليسوا وحدهم الذين لديهم هذا الشعور بل ومعهم الامارات وقطر والبحرين ايضا".

وإذ نشأ قادة الخليج الجدد في عالم تحكمه وسائل الاعلام الحديثة بقدر ما تحكمه القيم التقليدية وفي منطقة تزخر بالأزمات والنزاعات المذهبية، بخلاف ما عرفته فترة الحرب الباردة، فإنهم يبدون مختلفين عمن سبقوهم.

أساس جديد

وفي حين أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نائف (55 عامًا) وولي العهد الاماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (54 عامًا) وجهان معروفان في مراكز صنع القرار في واشنطن، فإن معرفة العاصمة الاميركية ليست بالقدر نفسه حين يتعلق بقادة آخرين.

على سبيل المثال، ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (30 عامًا) وامير قطر الشيخ تميم (34 عامًا) جديدان نسبيًا على الساحة الدولية وما زالت مقاربتهما للقضايا الدولية الكبرى موضع نقاش في واشنطن، كما تلاحظ صحيفة نيويورك تايمز.

والمعروف عن ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة في الدول الغربية انه معتدل نسبيًا بين شيوخ الأسرة الحاكمة الذين فرضت عليهم التهديدات الإيرانية ومقتضيات الأمن الداخلي اتخاذ مواقف "صقورية"، على حد وصف صحيفة نيويورك تايمز.

وقال المحلل الجيوسياسي المقيم في دبي ثيودور كاراسيك إنه من المهم أن يمضي اوباما وقتًا مع القادة الشباب الذين سيكون لهم نفوذ يمارسونه لسنوات قادمة وسيكونون محاوري من يأتي بعده رئيسا.

واشار كاراسيك إلى أن عملية تجري لاعادة بناء العلاقات قبل عودة إيران إلى الساحة الاقليمية والدولية، "حتى إذا كانت هناك اختلافات فان هذا الاجتماع سيرسي أساسًا جديدا للعلاقة الخليجية ـ الاميركية، في حقبة جديدة".

علاقات خاصة

يحظى الأمير محمد بن نايف بمكانة خاصة في الولايات المتحدة. فهو درس في ولاية اوريغون وعمل بصورة وثيقة مع السلطات الاميركية حين كان مسؤول الشؤون الأمنية، وأخذ على عاتقه تدمير شبكة تنظيم القاعدة في المملكة قبل عشر سنوات. وهو معروف وموضع محبة وثقة في واشنطن، كما تلاحظ صحيفة نيويورك تايمز.

وقال دبلوماسيون في منطقة الخليج إن علاقة خاصة تربط ولي العهد الأمير محمد نايف بولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع ومسؤول السياسة الاقتصادية والتنموية في المملكة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر أن ولي ولي العهد منخرط بعمق في صنع قرارات السياسة الخارجية.

وكان ولي العهد وابن عمه ولي ولي العهد الوجهين البارزين في حملة السعودية من اجل الدفاع عن الشرعية في اليمن منذ قيام التحالف العربي ضد الحوثيين المدعومين إيرانيا في 26 آذار (مارس)، في مؤشر إلى انهما من دعاة التعامل بحزم أشد مع طهران.

كما اشار الثنائي من خلال دورهما في بناء التحالف إلى نقلة نحو توسيع النظام الأمني ليشمل قوى اقليمية ايضًا.

حلفاء ذوو خبرات

ويعتبر ولي العهد الاماراتي الشيخ محمد الذي درس في أكاديمية ساندهيرست العسكرية البريطانية المعروفة حليفًا قويًا لواشنطن، ودفع باتجاه التنسيق السياسي على نحو أوثق مع الولايات المتحدة من خلال منصبه نائبًا للقائد الأعلى للقوات المسلحة. لكنه عمل ايضًا على تعزيز دور الامارات الاقليمي بارسال قوات إلى افغانستان وطائرات حربية شاركت في طلعات في سوريا وليبيا واليمن.

كما أن لأمير قطر الشيخ تميم خبرة واسعة في التعامل مع الدبلوماسيين والقادة الغربيين منذ توليه مقاليد الحكم بعد تنازل والده الشيخ حمد قبل نحو عامين. ولكن صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن دبلوماسيين في الخليج أن التغييرات التي سيجريها الشيخ تميم في سياسات والده "ما زالت غير واضحة".

واتسمت سياسة قطر في عهد الشيخ حمد بالتحالف مع جماعة الاخوان المسلمين متسببًا في استياء جاراتها الخليجية. وبالكاد تغير هذا النهج في عهد نجله تميم ولكن بعد الاختلاف الكبير مع السعودية والامارات بسبب علاقاتها مع الاسلاميين تعمل قطر الآن بصورة وثيقة مع الرياض لدعم المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد.