تنظر المعارضة السورية رغم مشاركة بعضها في لقاءات جنيف التي يجريها الموفد الدولي، ستيفان ديمستورا، إلى هذه الفترة بكثير من الاستخفاف، ولكنّ كاتبا سوريا قال إنه ليس علينا التقليل من هذه التحركات، وكشف عن مشروع حمله معارضون لواشنطن لحماية دمشق والساحل.


قال الكاتب والإعلامي السوري، ابراهيم الجبين، لـ"إيلاف" إنه "ليس على المعارضة السورية، التقليل من شأن تحرك دي مستورا في الفترة الماضية، لاسيما التحضير للقاءات جنيف التي بناها المبعوث الدولي أساساً على قناعة راسخة لديه من أن وثيقة جنيف 1 لم تعد صالحة للتطبيق اليوم".
&
وأضاف: "ففي الوقت الذي يرى فيه الروس والإيرانيون ومعهم ما تبقى من نظام الأسد، أن صعود الإرهاب في سوريا وتوسّع نفوذ الدولة الإسلامية في العراق والشام على امتداد الخارطة السورية، يعدّ عاملاً أصيلاً في تغيير معادلة جنيف1، لصالح الأسد، ترى المعارضة السورية والمحور العربي الإقليمي الداعم لها، أن تقدّم قوات جيش الفتح في الشمال وتحرير إدلب وريفها وتطويق حلب واللاذقية وكذلك تقدم الجبهة الجنوبية لتصل إلى تخوم دمشق، كل هذا يعدّ دافعاً كبيراً لضرورة تغيير بنود وثيقة جنيف1 لصالح المعارضة السورية، لتبقى الولايات المتحدة والمبعوث الدولي، اللذان يسعيان إلى التوصل إلى حلول مبتكرة للحالة السورية، من خلال تنسيق التطورات السورية مع تطورات الملف النووي الإيراني، واقتراب التوقيع النهائي على بنوده، وتثبيت مسألة تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط".
&
وتابع الجبين: "بالإضافة إلى أن دوائر نظام الأسد لم تقف مكتوفة اليدين أمام المتغيرات الجارية، دون أن تحاول تغيير التوازنات باتفاقات خافية عن الإعلام حتى اليوم، أبرزها المناشدات التي حملها رئيس الائتلاف السابق معاذ الخطيب، خلال زيارته الولايات المتحدة مؤخراً وعزّزها رئيس الائتلاف الحالي خالد خوجة، بطرح مشروع حماية مدينة دمشق بوضعها الحالي".
&
ويوضح الجبين أن "مشروع حماية دمشق يهدف إلى التقاطع مع مشروع وقف إطلاق النار الذي طرحه دي مستورا في حلب ولم يلاق القبول من قوات المعارضة السورية، بينما يسعى اليوم إلى تطبيقه على دمشق والساحل السوري، والحماية الدولية ستطلب من التحالف الدولي الذي يحارب داعش، اعتبار أية قوات مسلحة معارضة تتقدم نحو العاصمة دمشق أو مناطق الساحل، هي قوات جهادية إرهابية، تهدد المدنيين، ويجب أن يتم استهدافها".
&
وأكد أن "تركيب هذا المشروع جرى بالتنسيق رجال أعمال دمشقيين، يدورون في فلك النظام، مثل محمد حمشو وغيره، لحماية المصالح التجارية الكبرى، وضمناً حماية رأس النظام، وإبقاء الحال على ما هو عليه، لفرض حل سياسي، لم يتردد رئيس الائتلاف خالد خوجة في وصفه بأنه سيكون مرحلة انتقالية تحكم فيها هيئة الحكم المشتركة لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر وعامين ".
&
وكما هو معلوم فإن هيئة الحكم المشتركة الموقتة، كما نصت عليه وثيقة جنيف1، هي تلك التي سيتنازل لها بشار الأسد عن صلاحياته التنفيذية والتشريعية، ويبقى في الحكم خلال الفترة الانتقالية، حتى الإعلان عن انتخابات قادمة.
&
ودلل الجبين على كلامه "بتساؤل خوجة في الإعلام متخوفاً من السقوط المفاجئ لنظام الأسد حين قال بالحرف الواحد "إذا كان سقوط النظام بطريقة مسيطر عليها فأعتقد أن الانتقال إلى المرحلة الانتقالية سيكون سهلا. أمّا إن كان بطريقة غير مسيطر عليها أي من دون تفاوض مثلما انسحب النظام من حلب وإدلب فذلك يخلق حالة من الفوضى، ويمكن أن تدخل الفصائل دمشق وينسحب النظام كذلك وتخلق حالة من الفوضى. وهذا السيناريو طبّق في إدلب وربما يتكرر في حلب. فماذا لو انتقلت حالة الفوضى إلى دمشق؟ عندها أعتقد أنّ الأمور ستخرج عن السيطرة ولن نستطيع أن نتحدث عن اليوم التالي، أي في حال دخلت الكتائب ودخلت معها الجماعات المتطرفة مثل داعش، فقد يتكرر ما حصل في مخيم اليرموك"."
&
ويحاول الجبين تصوير المشهد برمته الذي يتزامن مع تصاعد الحديث في الإعلام الغربي، والأوساط الدبلوماسية العالمية عن سقوط وشيك لنظام الأسد"، ويرى أنه "بهذه الصورة تأتي مشاورات جنيف، لتكون الإجراءات الذرائعية للمشروع الذي سيعلنه دي مستورا، والقاضي بحل عسكري سياسي يبقي الأسد (موقتاً) ولا يسقط نظامه، ويفتح الباب أمام مؤتمر الرياض، الذي بدأت المعارضة السورية تعدّ العدّة له منذ الآن بتحضير أوراق تعتقد بأنها أوراق قوة، كإجراء اتصالات وعقد تحالفات مع بعض الشخصيات العلوية المعارضة، وتلك التي انشقت عن النظام".
&
ولا يستبعد الجبين أخيرا شبح التقسيم ويعتبر أن هناك عدة سيناريوهات للخريطة السورية القادمة وانها "خارطة سورية جديدة، يجري التسابق على رسمها ما دول الخليج وتركيا وفرنسا من جهة والولايات المتحدة وحلفائها وروسيا وإيران من جهة ثانية، قد تفضي إلى تقسيم سوريا، إلى منطقة حرب واسعة تسيطر عليها المعارضة وداعش، ومنطقة محمية يسيطر عليها نظام الأسد في الساحل السوري، لتبقى دمشق منطقة متنازع عليها ما بين المحاور".
&
&