داعش يتمدد، والاستراتيجيات التي اعتمدها التحالف الدولي حتى الآن لم تجد نفعًا، بينما تبدو إيران الأكثر إصرارًا على قتال التنظيم.

بيروت: دقّ ناقوس الخطر تزامنًا في واشنطن وطهران وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، وكذلك دق في دول الخليج، ولو كان صوته خافتًا بعض الشيء، بعد المكتسبات التي حققها تنظيم (داعش).

التمدد الخطير

فالوضع خطير، إذ سقطت الرمادي، عاصمة الأنبار العراقية الاستراتيجية، وسقطت تدمر الأثرية السورية، وسقطت نقطة الوليد الحدودية بين سوريا والعراق، ما سمح لداعش بالحصول على عمق جغرافي أوسع واستراتيجي أكبر.

إلى ذلك، سيطر التنظيم على مصفاة بيجي العراقية، بينما تقول تقارير متعددة إنه يتقدم من تدمر نحو الحدود الأردنية.

دق ناقوس الخطر، لكن صوته لا يلغي حقيقة مفادها أن ما حصل يشكل فشلًا ذريعًا لمعارضي داعش، بحسب ما تجزم صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، التي تقول: "ها قد بدا حزب الله الأكثر قلقًا، ففي نداء غير مسبوق أكّد زعيمه حسن نصر الله الأحد على التعبئة العامة ضد هذا التنظيم الجهادي، لأنه يمثّل خطرًا وجوديًا على المنطقة جمعاء".

المطلوب إرادة قتال

تقول "ليبرياسيون": "في مواجهة داعش، العراق هو الأكثر فاعلية في لفت انتباه الأميركيين، الذين إذ لا ينسون أن الفوضى الحالية في العراق هي إحدى نتائج غزوهم لهذا البلد في 2003، ولا ينسون أنهم أسسوا الجيش العراقي المنكوب، ودرّبوه، وسلّحوه بأسلحة ثمنها مليارات الدولارات، فأتت سيطرة داعش على الرمادي بعد الموصل لتشكل هزيمة ساحقة للبنتاغون، لذا كان ردّ الفعل غير الدبلوماسي من وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، الذي لام الأحد الجيش العراقي الذي ما أبدى رغبة أو استعدادًا للدفاع عن عاصمة الأنبار، متأسفًا لأنّ جنود الجيش، ويفوق عددهم عدد مسلحي داعش بأضعاف، انسحبوا من المنطقة".

وأضاف كارتر: "إذا وفّرنا لهم التدريب والمعدّات والمساعدة، نأمل أن يتحلوا بإرادة القتال، لأنّ داعش لن يهزم من دون قتال". وتضيف الصحيفة الفرنسية أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قال الأمر نفسه في مقابلة صحفية الخميس: "إذا لم تكن للعراقيين إرادة الدفاع عن أنفسهم، لن نستطيع الدفاع عنهم".

وحدها في الميدان!

ترى الصحيفة أن إيران ملتزمة أكثر قتال داعش، إذ لمّح الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني والمكلّف بالعمليات والاستخبارات الخارجية، إلى أن هذا الالتزام ضروري نظرًا لرفض الولايات المتّحدة وحلفائها قتال داعش.

وأضاف: "في مواجهة داعش وحدها إيران في الميدان، وأوباما لم يقم بأي شيء لمواجهة داعش، ألا يعني هذا أنّ أميركا لا تريد المواجهة مع التنظيم؟".

ويتابع سليماني في خطاب أمام مخابرات الحرس الثوري الإيراني: "ما هي المسافة بين الرمادي وقاعدة الأسد الّتي تتواجد فيها الطائرات الأميركية؟ كيف يمكنكم البقاء هناك بذريعة حماية العراقيين ولا تقومون بما عليكم القيام به؟ إنه تواطؤ في المؤامرة".

معركة إسرائيل ثانوية

وتسلط "ليبيراسيون" الضوء على موقف حزب الله، المتورط حتى أذنيه في المعارك في&سوريا، ويخشى تداعياتها في لبنان، فتقول إن نصر الله انتهز فرصة الذكرى الخامسة عشرة للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان ليقول إن المعركة ضدّ المشروع التكفيري، وهو الاسم الذي يطلقه على الثوار السوريين، هي معركة وجود تواجه دولنا ومنطقتنا، وعندما يتعلّق الأمر بمعركة وجود، تصبح المعارك الأخرى ثانوية". وبالتالي، والتحليل لصحيفة "ليبراسيون"،& تصبح المعركة مع إسرائيل ثانوية.

يضيف نصرالله في خطابه: "اليوم نواجه خطرًا غير مسبوق في التاريخ يهدّد الإنسانية، وهذا الخطر لا يستهدف المقاومة في لبنان ولا طائفة بعينها ولا النظام السوري أو الحكومية العراقية أو مجموعة في اليمن؛ الخطر يستهدف العالم بأسره ولا يجب أن يتّبع أحد سياسة النعامة فيدفن رأسه في التراب".

وتختم ليبراسيون قائلةً: "ما يحدث الآن يتجاوز فكرة الحرب الدينية، إنه صراع على الهيمنة الإقليمية".