&

زارت "إيلاف" مخيمًا لإيواء النازحين من اهالي الانبار يقع ضمن "التكية الكسنزانية" جنوبي بغداد، واطلعت على الواقع المرير الذي يعيشونه، حيث الشكوى من نقص في كل متطلبات الحياة، ويضم 504 عائلات من الانبار و400 عائلة من محافظة صلاح الدين.

&
بغداد: اعرب العديد من النازحين والقائمين على مخيم لنازحي الأنبار ومحافظة صلاح الدين، التقتهم "ايلاف"، عن اوجاعهم الشديدة وهم يعانون مرارات العيش كلها في هذا المكان ، مؤكدين أن المخيم يشكو الكثير من النواقص التي تسببت في الاذى للنازحين واصابتهم بالامراض، فضلاً عن الحالات النفسية السيئة، مشيرين الى ان الوضع يزداد مع الايام سوءًا لا سيما ان فصل الصيف في اوله ، موضحين انهم يعانون من عدم وجود &الكرفانات التي هي افضل من الخيم ومن نقص الماء الصالح للشرب والمرافق الصحية ومبردات الهواء ومطبخ وتجهيزه بالمجمدات وبالمواد الغذائية، اضافة الى مستوصف صحي وعلاجات للامراض المزمنة، فضلاً عن المشاكل التي يتعرضون لها داخل الخيم .

صورة قلمية&
& & & يقع المكان في منطقة نائية، داخل (التكية الكسنزانية)، وهناك مخيمان، احدهما اسوأ من الاخر كل شيء فيهما يدعو الى الرثاء والاسف، لا يصلحان الى اقامة البشر، في الاول تتراص الخيم الصغيرة التي تغيّرت الوانها، فيما وجد البعض ضالته في بناء تقاسمته الاسر لتكون كل اسرة في غرفة صغيرة، فيما استغل البعض مساحات فارغة ليجعل من بعضها على شكل غرفة باضلاع اربعة مغطاة بقماش الخيمة وغيره ، فيما هم يحصلون على الماء من خزانات بلاستيكية تقبع تحت الشمس ومن السهل ان ترى النسوة يتزاحمن من اجل غسل الملابس أو الاواني أو حاجياتهن، فيما يعمد البعض من النساء الى اخذ بعض الماء الى الخيمة للاستفاد منه، حتى أن تلك الامكنة تحولت الى مستنقعات كثرت فيه الطحالب وانتشرت الاوساخ وطرحت روائح كريهة ،اما الملابس فكلها تنشر على سياج من (البي ار سي) فتختلط ببعضها أو تتطاير، فيما الاتربة تمنحها لونًا آخر وحاجة الى اعادة للغسيل ولكن !!، اما الاطفال فبعضهم حفاة وبملابس رثة وبعضهم يمارس الاستجداء بحجة أن اسرته بحاجة الى المال .
&
& & اما المخيم الاخر فهو الذي يمكن ان يقال عنه إن (المأساة) تنحني امامه صاغرة، فهو مترامي الاطراف وارضه ترابية وبين وقت وآخر تهب عجاجة فتجعل المكان عالمًا من غبار يدخل الخيم الموزعة هنا وهناك والتي ذبلت الوانها، وهذا ما ادى الى حالات اختناق كثيرة، امام بعض الخيم نرى خزانات ماء بلاستيكية صغيرة تتولى ملأها سيارات حوضية او سيارات الاطفاء واستخدامات هذا الماء لمبردات الهواء وحينما تشتد الحرارة تصبح درجاتها داخل الخيمة عالية فيما الرطوبة تزداد لاسيما أن الخيمة منصوبة مباشرة على الارض وحين تتأمل شكل الخيم تشاهد انها قد تهرأت، فيما يجتهد القائمون على المخيم بنصب بعض (الكرفانات) الصغيرة، اما ماء الشرب فليس هنالك من ماء صالح واما المرافق الصحية فهي تتوسط المكان الكبير وهي بعيدة نوعًا ما، وهنا من الممكن ان تسمع غرائب مذهلة، فالنهار والليل يشكلان معاناة عظيمة للنساء خاصة، لذلك اغلب ارباب الاسر لا يسمحون لبناتهم أو نسائهم من الذهاب الى المرافق الصحية فيضطرن الى قضاء حاجاتهن داخل الخيمة، او بجوارها، وهو ما ادى الى تفشي الامراض .
&
جولة محزنة
& &في الجولة .. من المؤسف أن نرى النساء يتطلعن الى وجوه المسؤولين بصمت ولسان حالهم الشكوى من المعاناة، وارثي لحال رجل يعلن عن تعبه لأن اسرته كبيرة ولا يستطيع ان يقدم لهم جزء مما كان يقدمه في مدينته، ومن المحزن ان اسمع صبيًا حافيًا يشكو لي من علة في جسده، ومن المؤلم ان يخبرني احدهم انه لا يستطيع النوم في الخيمة خشية من الافاعي، ولا انسى وقوفي وسط الساحة اتطلع الى الجهات وسط العجاج الذي أراه يهز الخيم .
&
مشاكل كثيرة مختلفة&
& & &يقول المهندس عبد الكريم الجاف ، مسؤول المخيم: لدينا مخيمان في هذا المكان، المخيم الاول (صلاح الدين) وتبناه الدكتور نهرو الكسنزاني &بكامله، والثاني (التكية)، ولكن يبقى موضوع الماء في المعسكرين هو المشكلة الرئيسية، نحن ان لم يأتِنا انبوب من الناقل الرئيسي الموجود عند الشارع العام لن تحل المشكلة، ودائرة الماء لديها علم والمانع ان عليهم ان ينفذوا ولكن للان لا يوجد تنفيذ.
واضاف: الان النقل بالعجلات الحوضية ومرات نستعين بسيارات الاطفاء في ساعات متأخرة من الليل لينقلوا لنا الماء، اما الصرف الصحي فغير موجود، فيما الموجود الان عملية بدائية جدًا، يفترض بناء مجاميع صحية وبالوقت نفسه تراعي شعور المجتمع، كيف يذهب رجل وامرأة معاً الى المرافق الصحية ، هذا امر غير مقبول .
&
وتابع : نتمنى ان يعود الاهالي الى بيوتهم في الانبار غدًا ولكننا امام امر واقع، وعلينا ان نحسب حسابنا اذا جاء الشتاء، فماذا سنفعل وهذه الخيم منصوبة على الارض والمكان كله تراب ، فالارض طينية بحتة واذا ما رششناها لا تستطيع اي سيارة السير فيها، نحتاج الى فرشها بمادة السبيس (خليط من الرمل والحصى)&
&
&واوضح:ما فائدة ان نبني مستوصفاً صحياً وحالة الصرف الصحي سيئة، معنى هذا ان الامراض تكثر، ولن يستطع المستوصف استيعاب المرضى، فالاولوية بعد الماء يجب ان تكون للصرف الصحي ، المخيم بحاجة الى مجارٍ، ولا تنفع البالوعات، خاصة ان الارض صلدة لا تسرب الماء فالافضل المجاري، لدينا 22 مجموعة صحية ، لكنها غير كافية وغير نظامية وهناك من ينتقل من مسافات بعيدة.&
واضاف ايضا: موضوع تنفيذ الصحيات مشكلة عويصة، هناك من لا يرسل زوجته او ابنته الى المجموعة الصحية ويتركها تتغوط في الخيمة وهنا يتم نقل الجرثومة والامراض الى بقية الخيم وبالتالي تزيد عندنا حالات الطفح والجرب والقمل والاسهال وربما يأتينا مرض الكوليرا والكبد الفايروسي إن لم تكن هناك اجراءات وقائية صحيحة ،لا نستطيع السيطرة على سيارات نقل المياه الثقيلة ونقل المياه الصالحة للشرب ، إن لم تعاوننا الدولة ووزارتها لا نستطيع ان نقدم شيئًا جيدًا للنازحين .
&
904 عائلات و6 الاف نسمة
& & اما المشرف على المخيم عبد المنعم الجنابي فقال : لدينا الان 504 عائلات من الانبار فقط و400 عائلة من صلاح الدين، لدينا مساحة موجودة ولكن المطلوب هي الكرفانات، يحتاج هذا المخيم الى الف كرفان ،في مثل هذا الجو لا تنفع الخيم التي راحت تحترق من الشمس وتتفتت وتتمزق ثم اننا نضعها على الارض، انها بسهولة تحترق وايدينا على قلوبنا عندما تعطي منظمة طباخًا صغيرًا للنازحين فيتم استخدامها، فمن الصعب السيطرة على النازحين، فكيف تمنع رجل يريد ان يعمل لنفسه شايا، نحن لدينا مطبخ مركزي ولكن هناك من يريد أن يطبخ لنفسه .
& & واضاف: نحتاج الى مطافئ حريق الى اسطل للرمل، اشتغلنا على حملة توعية من اجل ذلك ونفذنا حملة لقاحات للكبد الفايروسي والاطفال ، تصور ان هناك 6 الاف شخصية في هذا المكان بمثابة (ناحية) ولابد من مسوصف صحي ثابت &يكون موظفوه من اهالي الانبار يداومون هنا، ولابد ان تكون هناك اسعافات كاملة جاهزة لا الا أن نتصل ونخابر .
& &وتابع : هل من الصعب على وزارة الهجرة والهجرين أو الصحة تجهيز كرفان للاطباء ؟ اتينا باطباء بعد الدوام من خلال اتصالاتنا الشخصية وليس بجهد حكومي، وطلبنا من احد الصيادلة&&أن يأتي الى المخيم ليكشف على الادوية الموجودة وما نحتاجه، والمفروض هناك من يعمل هذا لان العملية متعبة، فعدد الذين يراجعون المستوصف يوميًا كبير، ولا يوجد طبيب كما نحتاج الى مختبر تحاليل .

قنبلة داخل بغداد
وأوضح الجنابي : نحن في وضع صحي متردٍ ونخشى ظهور مرض (ايبولا )، نحن لسنا في مدينة وفيها بنى تحتية، انا هنا اضع الناس في خيمة، احد النازحين بنى مرحاضًا بجانب الخيمة، هذه امراض ستنتقل، الناس اشتكوا من الحساسية والامراض الجلدية ومن الاسهال عند الاطفال ونحن نخشى من الحالات المرضية المستقبلية، فقبل ايام ضربت الاطفال موجة من الاسهال وحدثت مشكلة لأن الماء كان بلا كلور، فضلاً عن حدوث مشاكل نفسية عند البعض، ولا احد هنا يعتني بالجانب النفسي، لذلك نحتاج الى طبيب هنا، فهل تعجز وزارة الصحة ان تجلب لنا طبيبًا او طبيبة؟
وأكد : ستظهر لنا قنبلة داخل بغداد، مجموعة امراض وبائية وخصوصاً في فصل الصيف، لذلك نحتاج لقاحات واجراءات وقائية ومفرزة طبية او سيارة اسعاف وان تراقب وزارة الصحة عن كثب ما سيظهر في المخيم لا سمح الله، تأتي الصحة ولكن بين يوم واخر للساعة 11 صباحا غير منتظم، هؤلاء يأتون بتكليف طبعًا.
وختم بالقول : الاتربة تسببت في اختناقات عند الاطفال والعوائل، فنضطر الى توفير (تنكر) &لرش الشوارع ولكن هناك من يقول لي يا ابو نوفل :(انت ترش ونحن يقتلنا العطش) فاضطر أن احول التنكر الى ماء للشرب .
&