تباينت ردود الأفعال حول قيام شباب وشابات بممارسة لعبة (رش الماء) في حدائق أبو نؤاس بوسط بغداد، ففي وقت اعتبرها البعض تسلية بريئة، رأى آخرون أنها تشكل استخفافًا بمشاعر أهالي ضحايا التفجيرات الأخيرة.

بغداد: أثار قيام مجموعة من الشباب والبنات باللهو بلعبة (رش الماء) في إحدى حدائق أبو نؤاس ببغداد حفيظة الكثير من العراقيين الذين استغربوا هذه الممارسة في ظل ظروف غير موضوعية يتسيدها الحزن على مقتل أكثر من 120 مواطناً في جريمة خان بني سعد، وكذلك بسبب الحرب الطاحنة الدائرة في محافظة الانبار، فضلاً عن ما يعانيه النازحون وما تنوء به روح الوطن من عذابات، وتساءل العديد من العراقيين من هو المسؤول عن هذا الضياع والإنحدار، كما أسموه، فيما وجد البعض منهم&أن تلك الممارسات حرية مكفولة من الدستور، وليست فيها أية اشكالية، خاصة انها تأتي متزامنة مع عيد الفطر السعيد، مشيرًا الى ان الحياة للعراق تعود مع هؤلاء الشباب.
&
&صور مخزية
&
فقد أكد الصحافي عدنان السوداني،‏ أن هؤلاء أناس بلا إحساس، وقال: "غابت مظاهر العيد في بلدي بشكل ملحوظ واقتصرت على مواقع التواصل الاجتماعي وبصورة خجولة..في أجواء ألغت فيها الحكومة مراسم الاحتفال لإدراكها بحجم المعاناة والمأساة اللتين يعاني منهما الجرحى والنازحون وعوائل الأكرمين.. وعاش العراقيون هواجس من الحزن والاسى على ارواح شهداء قضوا نحبهم ليلة العيد في خان بني سعد..مثلما استقبلت النجف وبالآلاف عوائل شهداء الجيش والحشد الشعبي وسبايكر والصقلاوية وبادوش من الذين انتشرت صورهم في مواقع مختلفة من مقبرة النجف ليتعايدوا معهم في اجواء من النحيب والبكاء، شباب بعمر الزهور ضحوا بانفسهم من اجل ان ننعم بالامان ومن اجل أن تبقى البسمة مرسومة على شفاه الأطفال".
&
وأضاف: "بين صور البطولة والإيثار التي نقرأ في ملامحها كل عبارات المجد والايثار والوطنية تحضر امامنا صور مخزية أخرى ابطالها شباب من العاصمة بغداد ضاعت عندهم المروءة والغيرة وحتى الشرف ليمنحوا لأنفسهم فرصة الاحتفال وبطريقة مقززة ليرقصوا على جراحات الوطن مستخدمين طرقاً واساليب رخيصة، لم يتحسسوا من خلالها بما قدمه اقرانهم في مواقع المواجهة وفي ساحات التدريب استعدادًا لها".
&
الوجه الآخر للعراق
&
أما الكاتب حامد المالكي، فقد أيد الممارسة، وقال: "هؤلاء شباب يحتفلون بالعيد على طريقتهم الخاصة، احتفالهم هذا انا اعتبره احتفالاً بانتصار قواتنا المسلحة وابطال الحشد... هذا هو الوجه الآخر للعراق.
وأضاف: "أنا معهم، وأقول لهم: "استمروا... بكم تعود الحياة إلى العراق".
&
دعارة على الهواء
&
فيما وصفها الكاتب والإعلامي عبد الرضا الحميد بالدعارة، وقال: "إنها دعارة على الهواء الطلق تحت أعين الحكومة ومحافظة بغداد وبتمويل مباشر من سفارة زعيمة الشر والإرهاب في العالم أميركا ببغداد".
&
وأضاف: "لأن الدم العراقي الاحرم حتى من بيت الله يشخب، وهذه الدعارة استهتار فج به، سألقم فم من يدافع عنها حجرا ولو كان من الرئاسات الثلاث ومن اي منصب ديني".
&
دلالات متنوعة
&
أما الإعلامي كريم السيد‏ فقد أكد أن للممارسة دلالات متنوعة، وقال: "هذه الصور لها دلالات متنوعة منها بغداد بخير وأن الحرب لا تعيق الحياة، وان هناك من يرى أن هذه الحرب ليست حربه وليس مهتماً بما يجري في وطنه، وأن هناك من لا يملك شعور التعاطف مع الناس ومصائبهم ولا يملكون ابسط أخلاقيات إحترام مشاعر الآخرين، وأن هناك من يبحث عن ممارسات جديدة للحياة ويكسر الحواجز والقيم الاجتماعية السائدة، وان هناك عوائل في بغداد تسمح لبناتها بممارسة هذه الطقوس في مجتمع شرقي قبلي ديني، وهناك شباب لا هم لهم بما يجري ولا إكتراث".
&
وأضاف: "ومن الدلالات الأخرى أن هذه الممارسات (حِرشة) ووقاحة علنية وصريحة في واقع كلنا نعرفه، كما أن هناك دلالة أن القانون والدستور يكفلان مثل هذه المظاهر طالما أنها مرخصة ولا تتسبب في أذى الناس. وكل يرى كما يشتهي، وكل يرى الناس على شاكلته".
&
أمور مخجلة&
&
أما المواطن محمد عبد الرحيم، كاسب، فقال: "أي مهرجان لرش الماء أو الألوان هذا، وأي استخفاف بالمشاعر وإساءة للحزن، هناك موت يهز الابدان بالجملة وهنا لهو ولعب ، اي تناقض هذا وأية غرابة".
&
&وأضاف: "والله أنا أحب الفرح والحياة والبهجة وانا مع الفن ومع المهرجانات وكل ما يسهم في إظهار الجانب المشرق، ولكن، كما يقال&(لكل مقام مقال)، لا يجوز ان نغني وجارنا لديه مأتم، نحن نعيش في حالة حرب وصراع مع قوى ظلامية مدمرة للانسانية، فهل من المعقول ان نقيم هكذا امور مخجلة في وقت نحتاج الى دعم معنوي لقواتنا وزيارات للشهداء وندعم الاطفال، يوجد لدينا الكثير من الاطفال المشردين والفقراء والايتام هل نبذل جل وقتنا بهكذا أمور تافهة".
&
لهو بريء
&
من جانبها، قالت سمية حسن، طالبة جامعية: "لا اعرف سر اعتراض البعض على ممارسة الحياة بابسط متعها، انا ارى ان في هذا غبنًا لحق العراقي في اللهو البريء وممارسة الالعاب وخاصة انها تجري في حدائق عامة، هل يريدوننا أن نظل على النواح والبكاء؟"
&
وأضافت: "أرى أن ما قام به الشباب طبيعي، وليس فيه خدش للحياء ولا اساءة لأحد، وفي العراق تعودنا على التفجيرات والموت والحروب، واعتقد ان من حق الشباب كسر روتين الحياة وايجاد متنفس لهم ما دامهم لا يعتدون على حرية الآخرين".
&
لا تليق بالوطن وظروفه
&
أما بهاء الدين الشبلي، ناشط مدني، فقد أشار الى ضرورة الانتباه الى الظرف الحالي، فقال: "نحن نتنفس الحياة.. وحلمنا الكبير بدولة مدنية تخلو من السلاح ويعلو فيها صوت الحب والسلام والوئام".
&
وأضاف: "عندما ننتقد ظاهرة، فالقصد منها التقوم والبناء وليس الذم والهدم، نحن الشباب لنعمل جميعاً تحت مبدأ الشجرة وظلها كلنا نثمر وكلنا ظل.. بالنجاح معاً وفي الأخفاق نكون ذاك الظل الذي يفترش ذاك الأخفاق الى أن يتم تصحيحه وبعدها نخرجه للعيان بالصورة اللائقة".
&
وختم بالقول: "الجميع يرى العراق بنا، لنكن جديرين بعراقنا كي نرتقي ونسمو به ولنعيش حياتنا كما يليق بالوطن وظرفه الحالي".

&