إيلاف - متابعة: يكثر الكلام اليوم عن مناطق آمنة في سوريا، وعن المستفيدين منها بعد نقل اللاجئين إليها. وفي هذا الاطار، قال أسامة أبو زيد، المستشار القانوني للجيش السوري الحر، إن التفاهم التركي الأميركي حول هذه المناطق الآمنة يجري باتجاه الحصول على موافقة حلف شمال الأطلسي عليه، "وتركيا تُفكّر بعقد تحالفات مع فصائل من الجيش السوري الحر والفصائل الثورية، والمنطقة الآمنة ستكون نقلة نوعية ودفعة قوية للثورة، وستحمي ظهر الجيش السوري الحر".

ضريبة غالية

وعن عزم تركيا إقامة مناطق آمنة شمال سورية، قال أبو زيد لوكالة آكي الإيطالية للأنباء: "أعتقد أن تصريحات وزير الخارجية ورئيس الوزراء التركيان واضحة، فهناك نيّة لإخراج تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من المناطق الحدودية المتاخمة لتركيا، وتحويل هذه المناطق إلى مناطق آمنة، ويُعاد جزء من اللاجئين السوريين في تركيا ممن ليس لديهم مأوى إلى هذه المناطق".

وأضاف: "بعد التوافق التركي الأميركي على هذا التحرك، والحديث عن صفقة يتم بموجبها فتح القواعد التركية للطيران الأميركي، وربما في الأيام اللاحقة لضرب طيران التحالف داعش، مقابل أن تُمكن تركيا من إقامة هذه المنطقة الآمنة، ونعتقد أن تركيا لا تعمل بمفردها، وإنما نحن أمام تفاهم أميركي تركي يجري باتجاه الحصول على موافقة أغلب أعضاء حلف الناتو عليه".

ويرى أبو زيد أن تركيا تدفع ضريبة غالبية بسبب الهجمات التي تحدث من قبل داعش وحزب العمل الكردستاني، "ولا بد أن نطرح تساؤلًا عن سر التزامن بين هجمات التنظيم وحزب العمال الكردستاني، وهذا مؤشر خطير ويدل على وجود اختراقات كبيرة في داعش من قبل أجهزة مخابرات تقوم بتحريضه ضد تركيا بالتزامن مع هجمات حزب العمال الكردستاني، وهذا يشابه بشكل كبير بين التزامن بين هجمات داعش وجيش الأسد وحزب الله في القلمون الغربي، وبين هجمات النظام والتنظيم على حلب وريفها منذ أشهر، وكل هذا يعيد الصورة نفسها مع اختلاف الأطراف، وتحصل الهجمات من حزب العمال الكردستاني وداعش في نفس الوقت، وهذا يوحي وكأن هناك مُوجّه واحد لهذه القوى الإرهابية"، كما قال.

بعيدة عن إيران

وتابع أبو زيد: "نرى التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش تنتشر في سوريا والعراق وتركيا والسعودية والأردن وغيرها، بينما هي بعيدة كل البعد عن إيران، على الرغم من أنها من حيث الشكل والشعار تقول إنها تستهدف الشيعة، وبالنسبة لدور الجيش الحر، نريد أن نؤكد أن العديد من الدول التي رضيت بإجرام وإرهاب نظام بشار الأسد تحاول أن تزايد على تركيا بسؤالها لماذا محاربة داعش اليوم، ولماذا لم يتم ذلك من قبل، ونوضح أن تركيا حاولت طرح مبادرة مع دول أخرى لإقامة مناطق آمنة لدعم الثورة السورية، وهذا كان أهم المبررات التي دفعت العديد من الدول لمعارضة إقامة مثل هذه المناطق الآمنة، لأنها لا تريد أن تستفيد الثورة السورية من هذا الدعم، بل تريد عكس ذلك، أي تريد التحالف مع الأسد للقضاء على داعش وعلى الثورة وعلى الجيش السوري الحر وعلى الفصائل الثورية في الوقت نفسه".

أضاف: "نتحدث هنا عن الدولة التركية المؤيدة للثورة السورية، والتي تعادي بشار الأسد، ولم تقبل بأن تدخل بتحالفات ضد داعش بشكل يفيد الأسد، وكانت مواقفها مطابقة لرؤية الثورة السورية بأن القضاء على الإرهاب وعلى داعش يستوجب القضاء أولاً على بشار الأسد ونظامه، لأنه سبب الإرهاب، وهو ما قاله وزير خارجية الولايات المتحدة قبل أيام بأنه لا يمكن القضاء على التنظيمات الإرهابية دون القضاء على نظام الأسد الذي جلب كل أنواع الإرهابيين إلى سوريا".

حماية ظهر الحر

وعن تنسيق تركي مع الجيش الحر، قال أبو زيد للوكالة الإيطالية: "تُفكّر تركيا بعقد تحالفات مع فصائل من الجيش الحر والفصائل الثورية، لأن الخطة تقضي بطرد داعش من المنطقة وسيتم فرض مناطق آمنة بعيدة عن سيطرة الأسد، ولا بد من تنسيق مع فصائل الثورة السورية، وبما أن تركيا دولة معادية لنظام الأسد وحليفة للثورة، لا بد من التعاون مع الجيش السوري الحر، فطرد داعش إلى خلف مناطق الفرات سينقل معارك الثوار من ريف حلب لتصبح المعارك في معقل التنظيم في الرقة ودير الزور"، وهذا يؤدي برأيه إلى حماية ظهر الجيش الحر في هذه المنطقة الآمنة، ويسحب أهم ورقة ضد الثوار من يد النظام، وهي استهداف المدنيين بالطيران والبراميل، كما تؤمن المنطقة الآمنة المدنيين وتقطع على داعش خطوط إمداده، فيسقط سريعًا خصوصًا أن فصائل الجيش السوري الحر نجحت بطرد داعش من حلب والغوطة الشرقية وريف حمص عندما قُدمّت لها المساعدة اللازمة، كما قال.

وأضاف في السياق نفسه أن من شأن القرار التركي يُضعف شوكة داعش والنظام معًا، "لأن النظام يبتزنا من خلال استهداف المدنيين ويُضعف معاركنا ويدمر كل المناطق التي نحررها ويدمر حاضنتا الشعبية، ووجود منطقة آمنة وحظر طيران لمنطقة واسعة كتلك التي يتم الحديث عنها بعمق 50 كم سيسحب أهم الأوراق من يد النظام السوري، وسيؤمن للسوريين مناطق آمنة من دون خشية أن يُلقى عليها براميل، ذلك السلاح العشوائي المحرّم الذي لا يميز بين مدني وعسكري".

عدو تركيا عدونا

نفى أبو زيد أي استهداف تركي لأكراد سوريا بموجب القرار التركي، متسائلًا: "لماذا لم يتم الحديث عن استهداف المكوّن العربي والطائفة السنية حين سُمح للبشمركة والقوات الكردية بالدخول إلى عين العرب والكثير من البلدات والقرى العربية؟ ولماذا ساند التحالف الدولي الأكراد في هذه المهمة، وصار البعض يتحدث عن مشروع لتقسيم سوريا؟ فتركيا حليف لكل الشعب السوري كالمملكة العربية السعودية، وبالتالي ليس لدينا أي شك بأن الأكراد مستهدفين".

أضاف: "كل الميليشيات من عرب وأكراد، مسيحيون ومسلمون، وأيًا يكن انتماؤهم القومي أو الديني، من يوجّه منهم سلاحه إلى الداخل التركي سيكون عدوًا للثورة السورية، فلا نقبل أن يُستهدف من حالفنا، واليوم نرى أن من يقوم بذلك والمستهدف هو حزب العمال الكردستاني الحليف أيضًا للأسد، ولا يمكن أن نفرّق بين من يساند الأسد وبين من يساند داعش".

وختم أبو زيد قائلًا: "من يوجه سلاحه لقتل السوريين أو يفتعل التفجيرات داخل تركيا أو أي دولة حليفة للشعب السوري سيكون عدونا، ولا نعترض على استهدافه".